الوقت- قبل أيام عدة احتفل أبناء الشعب اليمني بالذكرى السادسة لثورة الـ21 من سبتمبر الشعبية التي انبثقت من عمق المعاناة والحاجة الملحة لتصويب مسار الثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 أكتوبر المجيدتين، وإعادة الاعتبار لهما وتجاوز مرحلة العبث والوهن والخروج من دائرة التبعية والعمالة والارتهان للخارج، وأسقطت هذه الثورة كل الأقنعة الزائفة وردعت التدخلات الأجنبية وأفشلت المؤامرات الرامية لتمزيق اليمن وتقسيمه واحتلاله ونشر الفوضى والإرهاب والعبث بمقدرات الشعب ونهب ثرواته.
ولكن بعض القوى الغربية وبعض الأنظمة العربية لم تكن راضية عن هذه الثورة المباركة، حيث قامت تلك الدول بثورة مضادة لإجهاض هذه الثورة الشعبية اليمنية، حيث اجتمعت في تلك الثورة المضادة كل قوى الشر العالمية بقيادة أمريكا وإسرائيل وبريطانيا والأنظمةُ التابعة الخانعة وفي مقدمتها النظامان السعودي والإماراتي والتنظيمات الإجراميةُ كالقاعدة وداعش التي زرعتها أمريكا والصهيونيةُ العالميةُ والأنظمةُ الغربيةُ بقلب الأمة العربية والإسلامية خدمة للمشاريع الأمريكية الصهيونية.
وعلى صعيد متصل، كشف العديد من القادة والمسؤولين اليمنيين عن أهداف هذه الثورة الشعبية المباركة التي انتشلت اليمن من دائرة التبعية والعمالة للقوى الأجنبية وبعض الأنظمة العربية، حيث أكد قائد حركة "أنصار الله" السيد "عبد الملك الحوثي" خلال كلمته بمناسبة العيد السادس لثورة الـ 21 سبتمبر، أن التدخل الأمريكي في اليمن قبل عام 2014 لم يكن لمصلحة الشعب اليمني بل كان بما يخدم سياساته العدوانية الاستكبارية الاستعمارية.
ولفت السيد "عبد الملك الحوثي" إلى أن الامريكيين وعملائهم جعلوا السياسة التعليمية والإعلامية تابعة لهم وعملوا على تغذية كل عوامل الانقسام الداخلي، واعتبر ثورة الـ21 من سبتمبر هي المحطة التي انطلق من خلالها الشعب للخروج من الماضي المظلم ولبناء المستقبل على أساس المبادئ والقيم التي ينتمي إليها هذا الشعب.
وأكد السيد "عبد الملك الحوثي" أن أكبر أهداف ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر هو الحرية والاستقلال، لافتاً إلى أنه دون الحرية والاستقلال يعيش الشعب في حالة من الاستعمار والخنوع والاستعباد، وأن الشعب الذي يعيش خانعاً ومستسلماً لأعدائه الظالمين المجرمين، يعني إفلاسه من الشعور الإنساني بالتوق إلى الحرية والكرامة.
وأضاف إن شعبنا اليمني حرّ بفطرته الإنسانية وبهويته الإيمانية، وشعب يعشق العزة والكرامة، ولا يمكن أبداً أن يقبل بمصادرة حريته واستقلاله.
وأشار السيد "الحوثي" إلى أن الأمريكيين وضعوا أنظارهم على اليمن قبل ثورة 21 سبتمبر بدافع عدائي واستعماري وبدوافع غير مشروعة أبرزها الموقع الاستراتيجي لهذا البلد والثروة الطبيعية فيه، وأنهم أدركوا أن شعبنا إذا كان في وضعية متحررة فهو يملك المؤهلات لأن يكون له دور إيجابي وكبير على مستوى واقع الأمة.
وأوضح السيد "عبد الملك الحوثي" أن الأمريكيين عمدوا لزيادة تدخلهم في اليمن بعد أحداث 11 سبتمبر ليدفعوا السلطة للدخول في حرب أهلية لاستهداف أحرار شعبنا، مضيفاً "التدخلات الأمريكية كانت خطيرة، والسفير الأمريكي كان يتدخل على المستوى الرسمي في كل المؤسسات والوزارات والقضاء والمؤسسات العسكرية".
ومن جانبه، كشف الدكتور "عبد العزيز بن حبتور" رئيس حكومة الانقاذ الوطنية اليمنية، إنه قبل ثورة ال 21 من سبتمبر كان الكثير من المسؤولين في الدولة يبدؤون مهامهم اليومية في السفارات الأجنبية والعربية.
وأضاف "بن حبتور" إن "ثورة 21 سبتمبر هي ثورة شعبية يمنية لكل أبناء الشعب اليمني بكل فئاته وأن الواقع أثبت زيف ادعاءات العدوان بأن ثورة ال 21 من سبتمبر هي ثورة طائفية، واليوم هناك تكافؤ في الفرص بين مختلف المواطنين".
وأشار إلى أن بعض الفرق المشاركة في الحوار الوطني عام 2013 كانت تدار من خارج الصالات، وتتبع مباشرة بعض السفارات الأجنبية والعربية.
ولفت "بن حبتور" إلى أنه كان هناك تعمّد قبل ثورة ال 21 من سبتمبر لتدمير المؤسسة العسكرية وتحويلها إلى شظايا وكأنهم يمهدون ليوم العدوان، موضحاً أن "بعض السفراء قالوا بشكل واضح، لماذا تحتاجون لصواريخ بعيدة المدى وسكود وغيرها؟ لا حاجة لكم لأكثر من الشرطة".
وكشف رئيس الحكومة "بن حبتور" أن"قادة أطراف الحوار كانوا يجتمعون في بيت الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، ولكن ممنوع أن يجتمعوا دون حضور علي محسن الأحمر وحميد الأحمر والسفير الأمريكي"، مؤكداً أن "هيمنة الأمريكيين وصلت إلى أن يبحثوا مع النظام السابق عن مسار معين للوصول إلى التطبيع مع العدو الإسرائيلي".
وأوضح أن اختيار الأمريكيين لبعض الشخصيات كي تكون في رئاسة الحكومة، كان على أساس ارتباط هذه الشخصيات بالسفير الأمريكي.
وقال "بن حبتور" "رفضت طلب قوى العدوان لقيادة ما أسموها المقاومة بصفتي محافظ عدن، وكل الذين حملوا السلاح في حينها كانوا من القاعدة وداعش أو بلاطجة في الشارع"، مضيفاً إن "القاعدة وداعش هي صنيعة أمريكية ولم يهزمها أحد إلا المقاومة الشعبية كما حصل في العراق وسوريا ولبنان".
ومن جهته، أشار رئيس وفد المفاوضات التابع لحكومة الانقاذ الوطنية، "محمد عبد السلام" إلى وجود الامريكيين في اليمن قبل ثورة ال 21 من سبتمبر قائلا: "قبل ثورة ال 21 من سبتمبر كان يوجد أكثر من 120 جندي مارينز أمريكي داخل السفارة الأمريكية في صنعاء، وكان لهم جناح خاص في المطار، إضافة إلى سيطرتهم على قاعدة العند، غير أن ثورة ال 21 من سبتمبر عمّدت بالدم واليوم هي أكثر قوة وصلابة وحضوراً.
كما لوّح "عبد السلام"، إلى أن الاستقلال عن التبعية للامريكي وعن الوصاية السعودية لن يتحقق الا بالكفاح والصمود، حيث اشار اليه بقوله: إن "صمود اليمن خلال 6 سنوات من العدوان مدرسة عسكرية وسياسية وشعبية وتاريخية ستتحدث عنها الأجيال بكل تفاصيلها، وأن السعودية اليوم في ورطة، وشعبنا رغم الأزمة إلا أنه في الموقف المشرف، وموقف شعبنا إلى جانب فلسطين ورفضه لـإسرائيل"، ولولا ثورة ال 21 من سبتمبر لكان الأمريكيون عملوا على جعل اليمن من الدول المطبعة مع العدو الإسرائيلي".
على صعيد متصل، كشفت قناة المسيرة اليمنية عن العديد من الوثائق السرية يوم الاربعاء الماضي 23 سبتمبر 2020، بعضها صادرة عن السفارة الأمريكية بصنعاء وأخرى عن ما يسمى بـ"جهاز الأمن القومي" في فترة ما قبل ثورة 21 سبتمبر-٢٠١٤. ومن الوثائق السرية الصادرة عن السفارة الأمريكية قبل ثورة 21 سبتمبر اليمنية، ما يفضح مدى التدخل الامريكي في شؤون وسيادة الدول التي تزعم أنها مستقلة وحرة في اتخاذ القرار السيادي، وتدخل سافر طال حتى الملفات الامنية والعسكرية لتلك الدول والحكومات العميلة، اذ تضمنت احدى الوثائق توجيهات من السفير الأسبق "جيرالد فايرستيان" للرئاسة اليمنية آنذاك، بنقل ما يسمى "وحدات مكافحة الإرهاب" من وزارة الداخلية إلى الدفاع.
كما كشفت تلك الوثائق عن بعض التوجيهات الأمنية العسكرية الأمريكية لحكومة اليمن المنحلة قبل ثورة ال 21 من سبتمبر الصادرة عن السفارة الأمريكية، لبناء وحدات عسكرية رمزية في داخل اليمن وتكوين قوات أمن للحدود اليمنية البرية والبحرية، وفي بعض الوثائق وجهت السفارة بسرعة إصدار قرارات رئاسية سيادية عسكرية وأمنية بتعيين عدد من القادة العسكريين في مناصب مختلفة بينها قائد جديد لقوات العمليات الخاصة، ونائب له، ونائب لرئيس هيئة الأركان العامة.
من جهة اخرى، كشفت تلك الوثائق الصادرة عن جهاز الأمن القومي في النظام السابق عن استمرار تدمير منظومات الدفاع الجوي وعلى رأسها صواريخ "ستريلا" الروسية الصنع" وهو عبارة عن نظام صاروخي قصير المدى من الجيل الأول مضاد للطائرات، ويكون محمولاً على الكتف ويهدف إلى تدمير الأهداف الجوية دون الصوتية، وكذا تدمير صواريخ "سام" الروسية الصنع المقاومة للطائرات، بل الأكثر من ذلك أن جمع وإتلاف صواريخ "سام" وجمع صواريخ "ستريلا" جرى بتنسيق وإشراف أمريكي كامل.
كما أن الوثائق الصادرة عن جهاز الأمن القومي اليمني السابق تظهر أن الجانب الأمريكي وجه نشاطه في مسارات محددة تخدم مصالح الأمن القومي الأمريكي دون اكتراث بمصالح اليمن، فلا مصالح للدول والحكومات العميلة التابعة للغرب، التبعية التي تعني في أهم مدلولاتها أنها تابعة بصورة أو بأخرى للكيان الاسرائيلي وضمان مصالحه الأمنية التوسعية، وذلك ما نشاهده اليوم بالعين المجردة من امتداد الأذرع الإسرائيلية إلى اليمن بمساعدة الإمارات المحتلة لهذا البلد الحيوي المهم.