الوقت-لا يكاد يمرّ يوم واحد إلا وتُطلعنا وسائل الإعلام عن قيام السلطات السعوديّة بحملات اعتقال جديدة، بحق نشطاء المعارضة وأقربائهم، مستغلة بشكل جليّ، انشغال الرأيّ العام السعوديّ والعالميّ بأزمة تفشي فيروس كورونا المستجد، وقد تفرغ ولي العهد السعوديّ، محمد بن سلمان، إلى ناشطي المعارضة، بعد أن تخلص من أبرز منافسيه من خلال موجات من الاعتقالات التي شملت أهم وأبرز الأمراء وكبار المسؤولين في البلاد، بالإضافة إلى مجموعة من الوزراء الحاليين والسابقين وبعض رجال الأعمال، كما وسّعت سلطات آل سعود حملة الاعتقالات، لتشمل دعاة وعلماء وسياسيين وتجار، فيما لم تستثنِ الأقرباء المنافسين لولي العهد كأبناء عمومته وأبنائهم وأسرهم.
نهج ولي العهد
لم تترك المنظمات الدوليّة المعنيّة بحقوق الإنسان، كلمة تنديد إلا واستخدمتها في بياناتها المتعلقة بحقوق الإنسان وحريّة الرأي والتعبير في مملكة آل سعود، ومع ذلك تصرّ سلطات البلاد على الاستمرار بنهج الاعتقالات التعسفيّة والانتهاكات ضد النشطاء المعارضين ودعاة الإصلاح، ومؤخراً انتقدت تلك المنظمات السلوك القمعيّ لسلطات محمد بن سلمان ضد المواطنين، فيما أكّد ناشطون سعوديون أنّ الأوامر التي تتلقاها الأجهزة الأمنيّة تأتي بشكل مباشر من ولي العهد.
وفي هذا الصدد، اعتبرت المنظمات الدوليّة، ومن ضمنها مؤسسة "القسط" المعنية بحقوق الإنسان، في بيان مشترك، أنّ الاعتقالات داخل مملكة آل سعود تتم دون التقيد بالإجراءات القانونيّة والقضائيّة، ناهيك عن منع المعتقلين من أبسط حقوقهم في العلاج والرعاية الصحيّة مع غياب كامل لتقديمهم إلى محاكم عادلة.
وفي هذا الخصوص، أشارت المنظمة الأوروبيّة السعوديّة لحقوق الإنسان، إلى أنّ السلطات السعودية تواصل احتجاز جثامين عشرات المواطنين الذين جرى قتلهم دون محاكمات قضائيّة أو نفذت في حقِّهم عمليات إعدام تعسفيّة، ودعت المنظمة سلطات البلاد إلى الاستجابة لمطالب أسرهم وتسليمهم جثامين أبنائهم بشكل فوريّ.
عهد القمع
كشفت صفحة "معتقلي الرأي" السعوديّة، عبر تويتر، الاثنين المنصرم، أنّ السلطات السعوديّة نفذت حملة اعتقالات واسعة بحق أهالي النشطاء المعارضين في البلاد، مؤكّدة أنّ الأجهزة القمعيّة التابعة لولي العهد، نفذت خلال الأيام القليلة الماضية، عمليات اعتقال ضد أفراد من عائلات الناشطين الذين يقطنون خارج البلاد.
إضافة إلى ذلك، بيّنت الصفحة أنّ هذه الحملة لا تزال مستمرة منذ عدة أيام، موضحة أنّه تم فصل العديد من الأشخاص من عملهم بسبب صلة القرابة بينهم وبين أولئك الناشطين، موضحة أنّ بعض الأشخاص الآخرين قد تلقوا تهديدات بالفصل من العمل بشكل قريب، لوجود أقارب لهم خارج المملكة، رغم عدم وجود أيّ صلة لهم بنشاطات المعارضة.
وما ينبغي ذكره، أنّ الصفحات المعنيّة بحريات الرأي والتعبير السعوديّة، وجّهت نداءً لكل الذين تعرضوا للابتزاز من قبل الأجهزة الأمنيّة إما من خلال التحقيق أو عند الاعتقال أو من تم فصلهم من وظائفهم، أن يكشفوا بشكل عاجل عما جرى معهم، لأنّ الصمت عن القمع والاستبداد والانتهاكات سيعمق المسألة ويزيد طينها بلة، بحسب وصفهم.
أكثر من ذلك؛ نشرت وكالة "بلومبيرغ"، في وقت سابق، تقريراً مفصلاً حول تورط سلطات آل سعود بعمليات الاختراق التي تعرض لها موقع "تويتر"، قبل عدة سنوات، ووصول الأجهزة الأمنيّة إلى بيانات خصوصية تتعلق بالمواطنين، استخدمتها لاعتقال أشخاص منتقدين لنظامها الحاكم، وعلى هذا الأساس تمكن سعوديين اثنين من موظفي موقع تويتر، من اختراق أكثر من 6000 حساب شخصيّ، أثناء عملهم التجسسيّ لصالح محمد بن سلمان.
ومن الجدير بالذكر، أنّ سلطات محمد بن سلمان صعدت من حملات الاعتقال ضد النشطاء في بلاد الحرمين، خاصة بعد الغضب الشعبيّ على مواقع التواصل الاجتماعيّ، حيث اعتبر بعض الناشطين والمغردين أنّ سلطات آل سعود لا تفهم إلا لغة القوة، فيما دعا آخرون الشباب العاطلين عن العمل، لأن يتجمعوا للمطالبة بأدنى حقوقهم، مؤكّدين أنّ الوصول لهدفهم يكون من خلال توحيد الكلمة وأن يكونوا يداً واحدة، معتبرين أنّ الوقت قد حان لتغيير أساليب المناشدة والمطالبة، لأنّ النظام السعوديّ يستند في قوته وعناده على خوف الناس الوهميّ.