الوقت- منذ سنين طويلة، اتبعت وسائل الإعلام الصهيونية الى جانب بعض وسائل الإعلام العربية، نهجًا إعلاميًا كاذبًا من أجل إظهار الجيش الإسرائيلي أنه أقوى قوة عسكرية في المنطقة وذلك من خلال إنتاج مقاطع فيديو تحاول إثبات مزاعمهم هذه، وكذلك من أجل تخويف الشعب الفلسطيني وبالتالي سهولة احتلال أراضيهم. لكن حرب الـ 33 يومًا ، وحرب الـ 22 يومًا التي أعقبتها، والعديد من التطورات العسكرية الهامة الأخرى، حطمت هذه الأسطورة الزائفة المزعومة
لكن بعد مرحلة الهزائم الميدانية، شهدنا في الأسابيع الأخيرة سلسلة من التطورات الطريفة في الأراضي المحتلة تظهر أن هزيمة جيش الكيان المحتل ارتقت الى مرحلة الهزيمة المعنوية لهم، وتضاعفت درجة خوف الصهاينة من المقاومة اللبنانية، والخوف من انتقام حزب الله بعد مقتل أحد أفراده، أكثر مما يتخيله الرأي العام.
إن استشهاد أحد عناصر حزب الله اللبناني في سوريا إثر الهجوم الإسرائيلي، لم يترك عناصر الجيش الصهيوني ينعمون بنوم هادئ منذ أيام عديدة بسبب خوفهم من كابوس الانتقام اللبناني.
الصهاينة في حرب مع جيش الأشباح
كان علي محسن من مقاتلي حزب الله اللبناني حيث استشهد خلال غارة جوية إسرائيلية قرب مطار دمشق ، وسحب الصهاينة على إثر ذلك قواتهم من مناطق مثل مزارع شعبا المحتلة ومناطق مرتفعات الجولان خوفا من انتقام حزب الله اللبناني. لكن في 27 تموز من هذا العام، قرابة العصر، انتشرت أنباء عن وقوع اشتباك بين حزب الله اللبناني والقوات الاسرائيلية على حدود الجانبين. وزعم الإسرائيليون أن فريقا من أربعة أو خمسة أعضاء من حزب الله قد تسلل إلى الأراضي المحتلة، وذكرت بعض المصادر المقربة منهم أن حزب الله أطلق أيضا صاروخا مضادا للدبابات على دبابة إسرائيلية.
هنا بدأ التناقض الصهيوني، حيث زعمت مصادر إخبارية في الأراضي المحتلة، استشهاد عناصر من حزب الله وزعمت مرة أخرى أنهم لاذوا بالفرار. اللافت للنظر أن المراقبين السياسيين المطلعين على وضع حدود الأراضي المحتلة يدركون جيدًا وجود عدد كبير من أنظمة المراقبة الصهيونية ويعرفون أن أي اقتحام للحدود، في حال حدوثه، يجب أن يتم تسجيله وتوثيقه، الأمر الذي لم يحدث حتى الآن في هذا الصدد. وخلال هذا الحادث، أصدر الجيش الإسرائيلي تحذيرا لسكان المستوطنات الحدودية بل وألحق الجيش أضرارا بعدة منازل داخل الحدود اللبنانية بنيران المدفعية، لكن لم يصَب أحد في الهجمات.
كما أصدرت المقاومة اللبنانية بيانا بعد ساعات قليلة من الحادث أعلنت فيه أن حزب الله لم تكن لديه عمليات في هذه المنطقة وأن الإسرائيليين اشتبكوا مع أنفسهم. الأمر الذي على الرغم من تفنيده في بداية الأمر والتأكيد على تقديم وثائق تثبت هذا الأمر، صدّقه الاسرائيليون تدريجيا وتبين أنهم مشتتون ومشوشون ذهنيا.
استهداف طائرة من دون طيار اسرائيلية من قبل الاسرائيليين!
وفي الحادثة الثانية ، التي حصلت يوم الجمعة 7 آب أي قبل أقل من أسبوعين، أفادت مصادر إخبارية إسرائيلية بأن جيشها أسقط طائرة مسيرة فوق منطقة جبل الشيخ. وقالوا إنهم في هذه العملية أسقطوا طائرة بدون طيار قادمة من لبنان إلى الجولان المحتل، ليكتشفوا لاحقًا أن الطائرة تابعة لهم.
قبل الإعلان عن هذه الفضيحة العسكرية، أعلنت بعض وسائل التواصل الإجتماعي وبعض وسائل الإعلام الإلكترونية الصهيونة أو المقربة من الكيان بفرح كبير عن نجاح أنظمة الرادار والمراقبة التابعة للكيان في الكشف عن الطائرات بدون طيار ومطاردتها ، وأوصلت للمتابعين فكرة أن الاختراق الحدودي لن يحدث من الآن فصاعدا، بينما المفاجأة الكبرى في هذا الحدث كان غفلة جيش الاحتلال.
وأثناء الساعات الأولى للحادث، دقت صفارات الإنذار الجوية / الصاروخية في المستوطنات الصهيونية في تلك المنطقة ، وأعلن الجيش الإسرائيلي إن إطلاق صفارات الإنذار هي بسبب اعتقادهم بوجود اختراق من قبل طائرة بدون طيار في حين لم ترد أنباء عن وجود هجوم صاروخي.
إن نظام القبة الحديدية ورادارات الإنذار المبكر، أطلقت مرارًا وتكرارًا صافرات إنذار خاطئة خلال السنوات الماضية، وحتى في يوم من الأيام، أخطأت رادارات القبة الحديدية في تشخيص الهدف، حيث أخطأ الرادار في تشخيص رصاصات مدفع رشاش ثقيل عيار 12.7 ملم وشخّصه على أنه صاروخ، مما أدى الى إصدار تحذير عن وجود هجوم صاروخي.
وفي حالة مشابهة أخرى وقعت في تشرين الأول / أكتوبر 2019 ، شخّصت أنظمة القبة الحديدة صاروخين تدريبيين أطلقا من قبل حركة حماس على البحر، على أنهما تهديد صاروخي، وإضافة إلى إطلاق صافرات الإنذار، تم إطلاق صاروخين على صواريخ الحركة ولم تصب صواريخ القبة الحديدية أي من هذين الصاروخين.
الصاروخ الإسرائيلي يستهدف مستوطنيه
شهدت نهاية الأسبوع الماضي، خاصة خلال يومي الأربعاء والخميس، اشتباكات هذه المرة بين مقاتلين فلسطينيين من قطاع غزة والصهاينة. وخلال هذه الاشتباكات الجديدة ، أطلق الفلسطينيون في بداية الأمر عدة بالونات حارقة باتجاه المستوطنات الصهيونية في الأراضي المحتلة، مما تسبب في اندلاع حرائق في أجزاء من الأراضي المحتلة. وردا على ذلك، شن الصهاينة غارة جوية على قطاع غزة بطائرات عمودية من طراز أباتشي، تعرضت خلالها إحدى الصواريخ بعطل فني وسقطت على جزء من مستودع صغير في بلدة أشكول بالقرب من قطاع غزة.
الواقع أن ما يحدث اليوم في المناطق المحتلة يظهر حالة التوتر التي يعيشها الجيش الصهيوني. والآن وبعد حالة الرعب التي يعيشها الجيش الاسرائيلي في كل لحظة خوفا من أي هجوم محتمل من قبل جهة قوية وذات خبرة مثل قوات حزب الله اللبناني أو المقاومة الفلسطينية، فإن جيش الكيان لم يعد باستطاعته الحفاظ على هدوءه ونظمه، وقد وصل الضغط النفسي والتوتر بينهم لدرجة أن أقوى جيش مزعوم في الشرق الأوسط "حسب رواية الغرب"، صار يخوض حربًا مع الأشباح ويطلق النار على طائراته ومستوطناته بالخطأ، وهو يحتفل بذلك وينشر تحليلات متسرعة حول هذه الانتصارات المزعومة. هذه الحالة يُطلق عليها "ضباب الحرب"، وهو يعني دخول الجيش في حالة من عدم اليقين وقلة في الوعي بالموقف الذي يواجهه.
إحصائيات مهمة عن معنويات الصهاينة في السنوات الماضية
قبل عامين بالضبط أي في آب 2018 ، كتبت صحيفة هآرتس الناطقة بالعبرية في تقرير عن الحالة المعنوية للجنود الإسرائيليين أنه في العام الماضي (2017) تم عقد حوالي 47 ألف جلسة بين الجنود والضباط الاسرائيليين مع قسم الخدمات النفسية في الجيش الإسرائيلي. وقد زادت هذه الجلسات 2500 مرة مقارنة بعام 2013 ، وواحد من كل ستة جنود إسرائيليين وجندية واحدة من كل 15 أنثى غير قادرين على الخدمة بسبب مشاكل نفسية.
في العام الماضي، نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن غابي أشكنازي، رئيس الأركان السابق للجيش الإسرائيلي، تحذيره من زيادة الهروب من الخدمة العسكرية ، قائلاً إنه إذا ظل الوضع على ما هو عليه ، فلن ينضم إلى الجيش سوى عدد قليل جدًا من الإسرائيليين. كما توقعت صحيفة هآرتس أيضًا في عام 2010 أن ربع الإسرائيليين سوف يهربون من الخدمة العسكرية بحلول عام 2019. في حين أعلنت دائرة الإحصاء والموارد البشرية العاملة بالجيش في عام 2019 أن 12600 صهيوني لجأوا إلى التعليم الديني أو غيره من الطرق للهروب من الخدمة العسكرية.
وكشفت صحيفة يديعوت أحرونوت الناطقة بالعبرية في أواخر عام 2019 أن موتي ألموز ، رئيس مركز الموارد البشرية في الجيش الإسرائيلي ، كتب في رسالة بعنوان "خطوات لتقليص الإعفاءات المتعلقة بالصحة العقلية" لجميع الضباط المسؤولين عن الصحة العقلية في مكاتب تسجيل الجنود قائلا: مع بدء التجنيد في الجيش في عام 2020 يشهد الجيش الاسرائيلي نهج واضح ومقلق يتمثل في إعفاء العديد من الشباب ، وخاصة الفتيان ، من الخدمة العسكرية بسبب مشاكل الصحة العقلية.
وتابعت الصحيفة العبرية: "المعلومات المقلقة المنشورة تشير إلى انخفاض كبير في عدد الجنود ، ووفقًا لمعلومات الجيش الإسرائيلي ، فإن ثلث الشباب المؤهلين للخدمة العسكرية في عام 2020 سيتقدمون بطلب للإعفاء لأسباب مختلفة. كما يفر خمسة عشر بالمائة من هؤلاء الجنود أثناء خدمتهم ، وبهذا، ما يقرب من نصف الإسرائيليين لا يخدمون في الجيش.