الوقت- تم مؤخراً نشر تقرير عن أنشطة القوات الجوية الإماراتية أثناء مشاركتها خلال الخمس السنوات الماضية في العدوان على اليمن، ولقد تضمن ذلك التقرير إحصاءات مذهلة كشفت عن التكلفة الباهظة التي انفقتها "أبوظبي" في مغامرتها في اليمن. ولقد كشف هذا التقرير، الذي ركز فقط على عدد الطلعات الجوية للمقاتلات الإماراتية فوق الأراضي اليمنية منذ مارس 2015 عندما بدأ تحالف العدوان السعودي الإماراتي تدخله العسكري في هذا البلد، ويذكر هذا التقرير أن القوات الجوية الإماراتية، التي سحبت معظم قواتها العسكرية من كل الأراضي اليمنية أواخر العام الماضي، قامت بتنفيذ حوالي 130 ألف طلعة جوية و 500 ألف ساعة طيران بمقاتلاتها الحربية خلال الاعوام الخمسة الماضية فوق الأراضي اليمنية.
ولفت هذا التقرير إلى أن أحد أهم أولويات الإمارات هو تعزيز دورها جنوب اليمن والبحر الأحمر وفي هذا الجزء من اليمن، يمكن لـ"أبو ظبي" أن تستمر في فرض نفوذها في جميع أنحاء البلد والقرن الإفريقي ومضيق "باب المندب" ولقد تسبب قرار سحب الإمارات لمعظم قواتها من اليمن في وضع الرياض في مأزق كبير، فقد أصبح الأمن القومي للسعودية مهددا فعليا من قبل أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية. ومن المؤكد أن هذا الخطر سيزداد مع إحراز أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية تقدم فيما يتعلق باستخدام الطائرات دون طيار والقذائف.
وعلي صعيد متصل، ذكر هذا التقرير أنه نظرًا لأن القوات الجوية الإماراتية تستخدم مقاتلات غربية حديثة مثل مقاتلات "أف 13 أي" و"ميراج 2000"، بالإضافة إلى أسطول من طائرات الاستطلاع والتزود بالوقود، فإن تكلفة الطلعة الواحدة تتراوح بين 20000 و 70.000 دولار للساعة، ولكن إذا كان قدرّنا أن متوسط زمن الطلعة لجميع الطائرات المذكورة أعلاه حوالي 40 ألف دولار، فإننا سوف نتوصل إلى نتيجة مفادها أن هذه الدولة قد أنفقت أكثر من 20 مليار دولار فقط لتحلق طائراتها المقاتلة فوق الأراضي اليمنية خلال الخمس سنوات الماضية! وسيكون هذا الرقم أكثر إثارة للدهشة، عندما نضيف إليه قيمة الأسلحة المستخدمة في تلك الحرب والتي تتضمن القنابل الموجهة أو صواريخ كروز والتي يصل سعرها إلى ملايين الدولارات بملايين الدولارات المستخدمة.
صورة لمقاتلة إماراتية من طراز "إف 16" من رادارات الدفاع الجوية التابعة لـ"أنصار الله"
وبالنظر إلى أن التكلفة التي وصلت إلى 20 مليار دولار تتعلق فقط بتكلفة الجيش الإماراتي في سماء اليمن، فلقد خسرت هذه الدولة المعادية آلاف من المركبات المدرعة وناقلات الأفراد والدبابات المحمية التي قدمتها إلى القوات الخاضعة لقيادتها، والمتمثلة بقوات المجلس الانتقالي الجنوبي على الأراضي اليمنية. وهنا يمكن القول أن تكلفة هذه الخسائر قد تصل إلى 2 أو 3 أضعاف عن التكلفة التي أنفقتها على قواتها الجوية في اليمن!
وذكر هذا التقرير أيضاً أن هذه النفقات لا تمر عبر مجلس الحكم الاتحادي الإماراتي، وأنها تسببت برفع الضرائب والرسوم على الخدمات في الإمارات على المواطنين والمقيمين، بشكل قد يؤدي إلى تراجع الاستثمارات الخارجية في الإمارات، وارتفاع تكاليف المعيشة لمواطني الدولة، فالإمارات لجأت إلى الصندوق السيادي للدولة لتغطية نفقاتها في اليمن وسدّ عجز الموازنة فتراجعت أصول الصندوق قرابة 30 مليار دولار نهاية عام 2015، كما أنها خفضت حيازتها من سندات الخزانة الأميركية من 200 مليار دولار إلى 66 مليار دولار فقط منتصف عام 2007.
وكشف التقرير بان الإمارات، انفقت على وسائل الإعلام والدعاية الخاصة باليمن، عشرات الملايين من الدولارات لدعم عشرات المواقع الإخبارية وعدد من القنوات الداعمة لرؤيتها وميليشياتها في اليمن. ومبلغ 5.59 مليار دولار، حجم المساعدات الإماراتية المقدمة لليمن بين 2015 ومطلع 2019 يقول اليمنيون إن الإمارات استخدمتها لكسب مؤيدين وغطاء للحصول على المعلومات، ما يعني أن الدولة أنفقت حتى الآن (37 مليار دولار) على الأقل في اليمن وحدها، كان بإمكانها إخراج الدولة من أزمات اقتصادية ضخمة.
مركبة مدرّعة تابعة للجيش الإماراتي في قبضة قوات "أنصار الله".
الآن، إذا أخذنا بعين الاعتبار أبعاد التكلفة التي انفقتها القوات الجوية والجيش الإماراتي وقارناها فيما بأبعاد التكلفة التي أنفقتها السعودية في حربها على اليمن، وأخذنا بعين الاعتبار أيضا أن الجيش السعودي كان أكثر نشاطًا في عدوانه على اليمن من حليفه الإماراتي، فإننا سوف نتمكن من فهم لماذا تحاول الرياض التي أنفقت المليارات من الدولارات في اليمن، تريد الخروج بماء وجهها من المستنقع اليمني. وذلك لأن هذا الاستنزاف المستمر في اليمن رفع بشكل كبير من موازنة التسلح السعودية وجعلها الزبون الأول عالميا، حيث أبرمت العام الماضي صفقة شراء أسلحة مع واشنطن بقيمة 100 مليار دولار وقد تصل إلى 350 مليار دولار خلال عشر سنوات، وصفقات أخرى مع فرنسا وألمانيا والصين وروسيا. وتستنزف الخسائر العسكرية في اليمن احتياطي الدولة السعودية من النقد الأجنبي بشكل غير مسبوق، إذ انخفض إلى 487 مليارا في يوليو/تموز 2017 بعد أن كان 737 مليار دولار في الفترة نفسها من عام 2014، وزاد الإنفاق العسكري بنحو 22.6 مليار دولار في العام الأول من حرب اليمن، مقارنة بعام 2013.
وذكر هذا التقرير أن خسائر السعودية في حربها على اليمن بلغت 725 مليار دولار مع نهاية العام الماضي 2019م، وأن هذه الأموال لو أنفقت على نهضة السعودية لنهضت وتطورت، حيث تسبب عدوانها على اليمن في كساد اقتصادي وتذمر من قبل القطاعات الصناعية والتجارية المختلفة داخل السعودية، ناهيكم عن التفكك في الأسرة الحاكمة بعد سجن أهم رموزها في فندق "الريتز" وما نتج عنه من تهريب للأموال من داخلها للخارج.