الوقت – لا يخفى على أحد الأهمية السياسية والاستراتيجية والاقتصادية لمنطقة الخليج الفارسي ولذلك شهد تاريخ هذه المنطقة تواجد القوى الاقليمية والقوى الكبرى العالمية في هذه الجغرافيا الحساسة، فقد شهد الخليج الفارسي مجيء البرتغاليين والبريطانيين كما ان امريكا ايضا قد اتت الى هذه المنطقة بعد خروج البريطانيين منها في عام 1971 وقد ترك هذا التواجد تاثيرا على كل دول منطقة الخليج الفارسي لكن مسار الاحداث في هذه المنطقة لم تكن حتى الأبد تحت سيطرة القوى العالمية الكبرى وكما كانوا يشاؤون.
ان الاوضاع العسكرية والأمنية في الخليج الفارسي قد شهدت تغييرات جذرية وهامة على الدوام وان هذه التغييرات تركت أثرا كبيرا ومصيريا على الامن القومي لدول الخليج الفارسي، ان المعادلات العسكرية والامنية في هذا الخليج كانت تتأثر باستمرار بدور القوى العالمية الكبرى التي اعتادت على التدخل في الشؤون والقضايا الامنية الداخلية لدول المنطقة ومنها ايران وهذا في وقت كان بامكان دول منطقة الخليج الفارسي ان تبني نموذجها الخاص لتوازن القوى أو يكون لها نموذجها الخاص للأمن المشترك وان تعمد الى ارساء نظام أمني قوي ومستدام لكن تدخل القوى الاجنبية قد تسبب بزعزعة الأمن في هذه المنطقة وباتت الاوضاع السياسية والامنية في الخليج الفارسي تتأثر بالأوضاع السائدة على الساحة الدولية.
عندما كانت الساحة الدولية تحت السيطرة الاوروبية كان هناك نوع من توازن القوى بين القوى الكبرى وكان تقاسم النفوذ والسيطرة وفي الخليج الفارسي يتأثر بمعادلات القوة والأمن الدولية وقد استمرت هذه الحالة حتى الحرب العالمية الاولى وظهور قوى جديدة على الساحة الدولية لكن الامبراطوريات الاوروبية قد بدأت بالانهيار بشكل تدريجي بعد الحرب العالمية الأولى وقد انحسر دور القوى الاوروبية بشدة مع نهاية الحرب العالمية الثانية وباتت الدول الاوروبية لاتستطيع القيام بدور محوري واساسي في الخليج الفارسي في فترة الحرب الباردة.
ان فترة الحرب الباردة شهدت ارساء معادلة جديدة في هيكلية النظام الدولي واصبح العالم ثنائي القطب واصبحت امريكا والاتحاد السوفيتي اللاعبين الرئيسيين على الساحة الدولية وقد استحوذ كل من هاتين الدولتين على مناطق نفوذ شاسعة لهما في العالم واصبحتا تتقاسمان النفوذ في الكثير من مناطق العالم وفرضتا قوانينهما على مناطق نفوذهما واندلعت منافسة استراتيجية كبيرة بينهما واصبحت منطقة الشرق الاوسط والخليج الفارسي احدى نقاط المنافسة بين امريكا والاتحاد السوفيتي اللتين سعتا الى ارساء نوع من توازن القوى فيها ولذلك اصبحت معادلة توازن القوى هي المعادلة العسكرية والامنية السائدة في الخليج الفارسي في فترة الحرب الباردة لكن انتصار الثورة السلامية في ايران وتاكيد طهران على اتباع سياسة اقليمية ودولية مستقلة في اطار شعار "لا شرقية ولا غربية" قد اخل بتوازن القوى التي ارستها موسكو وواشنطن في الخليج الفارسي في فترة الحرب الباردة لأن ايران طالبت بعد انتصار الثورة الاسلامية بانهاء تواجد القوى الكبرى في الخليج الفارسي ودعت الى مشاركة كل دول هذه المنطقة في أمنها.
وقد اصبحت ايران بعد ثورتها الاسلامية لاعبا جديدا على الساحة الدولية وخاصة في منطقة الخليج الفارسي وحينها بدأت امريكا والاتحاد السوفيتي مساعيهما لاحتواء ايران والتقليل من دورها عبر دعم العراق في الحرب التي شنها نظام صدام حسين على هذا البلد.