الوقت- لطالما كانت التطورات في اليمن على مدى السنوات القليلة الماضية عملية تسلسلية ومثيرة للجدل ، وفي التطورات الجديدة ، نرى أنه على عكس الماضي ، عندما كان يتواجد محوري المقاومة والمعارضة الرئيسيين في مجال المعادلات الميدانية في البلاد ، لكننا نشهد الآن انقسامًا كبيرًا داخل دائرة الجهات المناهضة لأنصار الله والحكومة اليمنية ، حيث يمكن من خلال هذا الصدع إعادة النظر في المواجهة بين السعودية والإمارات ، وأخيرًا ، يمكن ملاحظة ذلك في المواجهة الشاملة بين قوات المجلس الانتقالي لجنوب اليمن التابع للامارات وقوات الرئيس اليمني المستقيل منصور هادي في جزيرة سقطرى ، ومع أخذ جميع هذه الامور في عين الاعتبار ، أجرى موقع الوقت التحليلي مقابلة مع الخبير الاستراتيجي في شؤون غرب آسيا "حسن هاني زاده" لبحث وتحليل زوايا الصراع الجديد.
اثبات التفوق العسكري لأنصار الله على قوات التحالف العربي
يعتقد "حسن هاني زاده" ، الخبير في شؤون غرب آسيا ، فيما يتعلق باخر التطورات التي تشهدها الساحة اليمنية خاصة فيما يخص تحركات المجلس الانتقالي في جنوب اليمن ، أن الوضع في اليمن تغير بشكل كامل من ناحيتين منذ الحرب السعودية الجائرة التي استمرت خمس سنوات ضد الشعب اليمني ، ففي المقام الأول ، تم تثبيت التفوق العسكري لأنصار الله والجيش اليمني ضد التحالف العربي بقيادة السعودية ، ففي الأيام الأخيرة ، استخدمت قوات أنصار الله الشعبية والجيش اليمني صواريخ بالستية متطورة وطائرات بدون طيار حديثة لضرب العمق الاستراتيجي لمصادر الطاقة السعودية وقواعدها العسكرية ، كما ان تدمير مقر هيئة أركان التحالف العربي وقواعده العسكرية يظهر أن المبادرة الآن باتت في أيدي قوات المقاومة بقيادة أنصار الله ، وأن استراتيجية "توازن الرعب" أثبتت فعاليتها.
تغير موازين الحرب بالكامل
وأضاف هاني زاده: "الآن ، وبعد خمس سنوات من الحرب ، اتخذت السعودية موقفاً دفاعيا في المعادلات الميدانية في اليمن ، وبعبارة أخرى ، أي انه على الرغم من تكلفة الحرب على اليمن والتي بلغت 650 مليار دولار ، ففي الوضع الحالي ، فان السعودية مضطرة الى قبول مقترحات أنصار الله والحكومة اليمنية لوقف اطلاق النار ، وعلى الرغم من أن محمد بن سلمان ، ولي العهد السعودي ، يسعى إلى خروج يضمن ماء وجهه من الأزمة ، ولكن شرط قوى المقاومة هو الاعتراف بالسعودية كمعتدية وان تقوم بدفع تكاليف الحرب".
محاولة الإمارات لفصل جنوب اليمن عن شماله
وصرح الخبير في مسائل غرب آسيا بالقول: "في الوضع الجديد نرى انه ثمة هناك اختلافات عميقة بين الإمارات والسعودية حول ملف الحرب اليمنية ، فخلال العام الماضي ، وسعت أبوظبي نفوذها في جنوب اليمن ودعمت المجلس الانتقالي ، وفي الوضع الجديد ، فان حكومة عبد ربه منصور هادي المستقيلة لا تملك أي نفوذ في جنوب البلاد ، وقد فر رئيس الجمهورية وحكومته من الجنوب ، وفي الوضع الحالي ، شكل المجلس الانتقالي حكومة حكم ذاتي في المناطق الخاضعة لسيطرته ، مما يدل على أن الإمارات العربية المتحدة تسعى لتفكيك وفصل جنوب اليمن عن شماله لتعزيز نفوذها في مضيق باب المندب ، وبشكل عام ، يبدو أن الوضع يتطور على نحو ان المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات العربية المتحدة يسعى إلى اعلان حكومة مستقلة ، والجدير بالذكر أن رئيس المجلس كان يجري محادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الأيام الأخيرة لتوفير قاعدة عسكرية للكيان في اليمن".
وفي جزء آخر من حديثه ، قال هاني زاده ان هذا النهج يأتي في وضع رفض فيه أنصار الله أي محاولة لتفكيك جنوب اليمن وإقامة حكومة مستقلة في هذه المنطقة ، والسبب في ذلك أنه إذا استقل جنوب اليمن ، فإن الكيان الصهيوني سيكون قادرًا بالتأكيد على ضرب محور المقاومة من خلال وجوده العسكري في المنطقة وسيطرته على باب المندب ، وبشكل عام ، يظهر الوضع الحالي أن جنوب اليمن أصبح ساحة للصراع بين الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ، وحتى انه في المستقبل ثمة هناك احتمال لحدوث مواجهة بين هذين البلدين المطلين على الخليج الفارسي.
جنوب اليمن على وشك التفكك
وأشار الخبير في شؤون غرب آسيا ، إلى تأثير النزاع الحالي على اتفاقية الرياض قائلاً: "يمكن النظر الى ان اتفاق الرياض قد انتهى ، لأن المجلس الانتقالي في جنوب اليمن صرح علانية أنه لا يقدّر هذا الاتفاق على الإطلاق ، حيث انتهكت حكومة منصور هادي في الماضي الاتفاق ورفضت ضم المجلس الانتقالي إلى مجلس الوزراء ، وقد تسبب هذا الامر في حدوث شقاق بين الجانبين ، ونتيجة لذلك ، في الوضع الحالي ، يبدو أن الاتفاقات السابقة غير فعالة وأن جنوب اليمن على طريق الاستقلال ، وهنا يجدر الذكر الى أن بعض الفاعلين يريدون أن تتفكك هذه الدولة ، ويبدو أن هذا السيناريو يتماشى مع أهداف الكيان الصهيوني الذي يحلم بالسيطرة على مضيق باب المندب.