الوقت- على الرغم من أن الغارات الجوية الغربية، كانت تعتمد اعتماداً كلّياً على بعض الطائرات المتطوّرة والحديثة مثل تلك التي تقوم بمهام إعادة التزود بالوقود، وطائرات "أفاكس"، ونماذج أخرى تستخدم للتنصت الإلكتروني، إلا أنه كان هناك أيضاً نقاش في السنوات الأخيرة حول بحث التصدي لمثل تلك الطائرات، والذي يمكن ترجمته ببساطة على أنّه "منع وصول طائرات العدو إلى مناطق محددة" وأحد أهم المواضيع في التكتيكات المضادّة للطائرات العدو، يتمثّل في تدمير تلك الطائرات المعادية أو اجبارها على الفرار عن طريق منصّات دعم مضادة. وفي مثل هذه الحالة، ليس من الضروري تدمير منصة العدو أو طائرته، ولكن ينبغي اجبارها على الابتعاد لمسافة تصل إلى أبعد من نصف القطر التشغيلي المطلوب لنطاق الرادار.
طائرة أفاكس "E-3"
وطائرة "أواكس"، هي طائرة إنذار مبكّر وتحكّم وسيطرة وقيادة جوية، طورتها شركة "بوينغ" والتي فازت بالمشروع كمقاول رئيس. واستمدت من طائرة "بوينغ 707"، وتستطيع أن توفر مراقبة في جميع الأحوال الجوية والقيادة والسيطرة والاتصالات، وتستخدم من قبل القوات الجوّية الامريكية وسلاح الجو الملكي البريطاني وحلف شمال الاطلسي وسلاح الجو الفرنسي وتتميز طائرة ""أفاكس بوجود رادار دوار فوق جسم الطائرة. توقف إنتاج الطائرة في عام 1992 بعد أن بنيت 68 طائرة فقط.
في السنوات الأخيرة، اتخذ سلاح الجو في الحرس الثوري الإيراني خطوات مهمة للغاية في تطوير قدرات الدفاع الجوي، وكانت واحدة من أهم هذه الإنجازات في هذا المجال هو منظومة "سوم خرداد" الصاروخية. وهذا المنظومة هي منظومة دفاع جوية صاروخية متنقلة إيرانية الصنع والتصميم وتم الكشف عنها لأول مرة سنة 2014م، اما النسخة الأحدث لهذه المنظومة فقد تم تصميمها وصناعتها من قبل مؤسسة الصناعات التابعة لوزارة الدفاع الايرانية عام 2019م. ولهذه المنظومة الدفاعية عدة إصدارات مختلفة كان آخرها منظومة "15 خرداد" للدفاع الجوي حيث تم الإعلان عنها يوم 9 يونيو 2019م. ولمنظومة "سوم خرداد" صفات مميزة هي أنها مزوّدة برادار متطور حيث يمكنها من اعتراض 4 أهداف في آنٍ واحد. كما يمكن لهذه المنظومة استهداف الطائرات المقاتلة وقاذفات القنابل وصواريخ كروز وطائرات دون طيار على ارتفاع يصل إلى 25 كيلومتراً، ومدى يصل إلى 50 كيلومتراً.
نظام الدفاع الجوي "سوم خرداد"
وتعكف الصناعات العسكرية الإيرانية على تطوير هذه المنظومة الصاروخية ليصل مداها إلى 200 كيلومتر، وقد حصل تطور ملحوظ في هذا المجال حيث أن منظومة "سوم خرداد" تستطيع الكشف عن الأهداف الجوية على بعد 150 كيلومتراً وتتبع أهداف أخرى على بعد 120 كيلومتراً. وتتميز منظومة سوم خرداد الصاروخية عن مثيلاتها، بتجميع جميع معداتها ومقوماتها بمركبة متحركة فضلاً عن خضوعها لعملية تطوير في مجال الرادار الباحث والقدرة الاعتراضية والصاروخية.
كيف ستكون خيارات الحرس الثوري؟
في حالة صواريخ "أرض جو" بعيدة المدى، عادة ما تكون جزءاً لا يتجزأ من الأنظمة التي يبلغ مداه 150 كيلومترًا أو أكثر في هذه الفئة. و في إيران، توجد حاليًا أنظمة "إس 200 و"إس 300" و"باور 373" في هذه الفئة. بالطبع، خلال الكشف عن نظام الدفاع الجوي "سوم خرداد" بحضور القيادة العليا للقوات المسلحة في معرض القوات الجوية للحرس الثوري الإيراني، كان هناك حديث عن تسليح النظام بالصواريخ التي يصل مداها إلى 200 كيلومتر، والتي يمكن أن تكون أحد خيارات التدريب الحديثة للحرس الثوري الإيراني.
نظام "رعد" للدفاع الجوي مزود بصاروخ "طائر 2"
ولكن خلال زيارة المرشد الأعلى للثورة في عام 2014 إلى معرض الإنجازات الجوية للحرس الثوري الإيراني، تمت مشاهدة صور لنظام جديد وغير معروف يسمى "علم الهدى". ربما يمكن تقديم "علم الهدى" باعتباره النظام المحلي الأكثر غموضاً للدفاعات الجوية الإيرانية والتي يشبه إلى حد كبير أحد أشهر الرادارات المتقدمة في العالم من حيث تحديد الأهداف السرية، وهو رادار "نيبو". إن رادار "علم الهدى" عبارة عن مجموعة ضبابية من رادارات مكافحة الاختراق في نطاق الموجات المترية (VHF)، وهو أول رادار للتحكم في الموجات بعيدة المدى. وهناك نقطة مثيرة للاهتمام في اللافتة المتعلقة بهذا النظام والتي شوهدت في ذلك المعرض. ففي هذه الصورة نرى صاروخين قد يكونا مرتبطين بهذا النظام ومن المحتمل أن يكون أحد الصواريخ من سلسلة "طائر"، التي تم تطويرها على أساس صواريخ "سام 6"، ويبدو أن الآخر هو أحد صواريخ من عائلة "فاتح 110".
الصاروخ الذي يشبه سلسلة صواريخ "فاتح"، معلّم على لافتة نظام "علم الهدى" بسهم أحمر
هل سيتمكن صاروخ "فاتح 110" من صيد طائرات "أفاكس"؟
تظهر هذه الصورة صاروخًا مشابهًا لسلسلة صواريخ "فاتح 110"، لكن السؤال الكبير هو، هل يمكن تحويل هذا الصاروخ إلى صاروخ صياد للطائرات؟. إن المهتمون بالقضايا العسكرية يعرفون أن عائلة صواريخ "فاتح 110" هي صواريخ باليستية تكتيكية متطورة تمتلكها إيران، وفي مراحل عديدة تمكنت القوات الجوية الإيرانية من استخدامها، وكانت نتائجها مذهلة، الامر الذي أثار استغراب العديد من دول العالم. لكن تدمير هدف جوي واستخدام صاروخ لهذا الدور يتطلب تصميمًا مختلفًا وهذه هي القضية الرئيسية. ومن الواضح أن صاروخ مصمم ومبني من عائلة "فاتح"، لا يمكنه خوض حرب مع مقاتلين متطورين وقادرين على المناورة من الجيل الجديد، ولكن مع ادخل بعض التغييرات الطفيف في التصميم، مثل إضافة منصات تحكم والتحكم في غازات عادم المحرك، يمكن استخدام هذا السلاح في التصدي لمثل تلك الطائرات المتطورة.
وصاروخ "فاتح 110" هو صاروخ بالستي ايراني قصير المدى قد ازيح الستار عن الجيل الاول منه عام 2002، وقد اُعلن في حينها بان مداه يصل الى نحو 200 كلم، الا انه وبعد سنوات قليلة، تم ارتقاء كفاءة الجيل الاول من هذا الصاروخ لتشمل تحسين انظمة التحكم والملاحة. ومما لاشك فيه ان الجيل الثالث والرابع لهذا الصاروخ هو الاكثر قوة وتطويرا من الجيل الاول والثاني، حيث تم زيادة مدى الصاروخ 50 كلم مقارنة بالجيل الاول، الا ان من الخصائص المهمة للجيل الرابع من صاروخ "فاتح 110" هو ان هذا الجيل يعمل على الوقود الصلب، الامر الذي يمنحه سرعة في الإطلاق دون الحاجة إلى تحضيرات مسبقة فضلا عن زيادة مداه ليبلغ 300 كيلومتر وامكانية اصابة اهداف نقطية، حيث اصبح من خلال استخدام اساليب التوجيه الحديثة، وتجهيز الصاروخ بنظام استهداف الاهداف النقطية، دون حصول اي انحراف في المسار، وفي جميع الظروف الجوية.
ويتميز صاروخ "فاتح 110" بسرعة الاطلاق من خلال تقليل انظمة دعم عمليات الاطلاق وزيادة عمر الصاروخ وزيادة مدة بقاء الصاروخ على منصة الاطلاق، وكذلك تقليل التحضيرات المسبقة لعملية الاطلاق وعدم الحاجة الى عمليات الاختبار قبل الاطلاق ايضا، والحصول على سرعة الاداء في الاطلاق والقوة التدميرية العالية والدقة في الاستهداف العادي. وحاليا فان صاروخ "فاتح 110" اصبح قادرا من خلال تطويره على اصابة الاهداف البحرية والجوية والبرية ونقاط تجمع العدو وبطاريات ومخازن العتاد بدقة عالية، كما ان هذا الجيل الجديد من هذا الصاروخ البالستي يمكن اطلاقه من على منصات اطلاق متحركة وثابتة في نفس الوقت. ومن المميزات المهمة لهذا الصاروخ ايضا هو تجهيزه بانظمة محلية، الامر الذي يجعل احتمال رصد هذا الصاروخ من قبل وحدات العدو، مستحيلا وان الصاروخ يمكن التحكم عليه حتى لحظة اصابته الهدف.
صاروخ "فاتح 110" - انتبه لحجم الصاروخ مقارنة بالأنواع المضادة للطائرات الاخرى
لقد بذلت وحدة الصناعات الجوية التابعة للحرس الثوري الايراني الكثير من الجهود لصناعة وانتاج صواريخ قادة على التصدي لطائرات "أفاكس" وتلك التي تستخدم للتزود بالوقود. ولتحقيق ذلك، يعتقد العديد من الخبراء العسكريين الايرانيين أنه يجب أن تكون محركات الجيل الجديد بحجم الصواريخ التقليدية "جو جو"، داخلة في تصميم وتطوير صواريخ "أرض أرض" وذلك لكي تكون لديها القوة الكافية للتحليق لمسافات طويلة بسرعة عالية وذلك لكي تتمكن من مواجهة أهداف مثل "أفاكس" وطائرات التزود بالوقود.
وإذا تمكنت الصناعات العسكرية الإيرانية من تحقيق هذا الامر، فمن الواضح أن صاروخ الحرس الثوري الإيراني سيكون في مدى أكثر من 200 كيلومتر ، ومن المحتمل أن يكون في مدى 300 إلى 400 كيلومتر. من الواضح أن صناعة وانتاج صواريخ أرضية مضادة للطائرات بعيدة المدى بمدى يزيد عن 200 كم، قادرة على التصدي لبعض الطائرات مثل "أفاكس" وطائرات التزود بالوقود، هي احدى اهم نقاط التكنولوجيا والتي لا تزال حكراً على ثلاث دول في العالم "الولايات المتحدة وروسيا والصين". على أي حال، علينا أن ننتظر ونرى ما إذا كنا سنرى صاروخًا مضادًا للطائرات أثناء مراسم ازاحة الستار عن أنظمة دفاعية بعيدة المدى تابع للحرس الثوري الإيراني خلال الفترة القادمة.