الوقت- ضجت المواقع الإخبارية بإعلان رئيس حكومة الوفاق الوطني "فايز السراج"، عن سيطرة قواته على قاعدة "الوطية"، الإثنين المنصرم، وتوصف هذه القاعدة الجوية الواقعة جنوب غربي العاصمة طرابلس بالإستراتيجية، حيث استطاعت قوات حكومة السراج، أن تسيطر على هذه القاعدة التي لا تبعد سوى140 كم، عن العاصمة، بعدما كانت خاضعة لسيطرة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وبهذا لا يتبقى لقواته إلا مدينة "ترهونة"، التي تعد القاعدة الأساسية لشن الهجمات على طرابلس.
تفاصيل المعركة
عبر رئيس حكومة الوفاق الوطني "فايز السراج" في بيان صحفي عقب إعلان السيطرة على قاعدة "الوطية" الجوية، عن فخره واعتزازه بتحرير تلك القاعدة العسكرية من قبضة المليشيات والمرتزقة والإرهابيين على حد تعبيره، لتتسع دائرة سيطرتهم في الساحل الغربي الليبي، وقال السراج أنَّ هذا الانتصار لا يعني أن المعركة قد انتهت، بل يقرب قواته بشكل كبير من ما سماه" النصر الكبير"، معتبراً أنَّ تحرير المدن الليبية سيقضي على مشروع الهيمنة والاستبداد، الذي يهدد آمال الليبيين وتطلعاتهم لبناء دولة مدنية وديمقراطية وفق ماذكر.
وتأتي عملية سيطرة حكومة الوفاق الوطني على قاعدة "الوطية" الجوية، بعد عدة أسابيع على استعادة السيطرة على ست مدن بينها اثنتان إستراتيجيتان وهما صرمان وصبراتة، الواقعتان غرب العاصمة طرابلس.
ومن الجدير بالذكر أنَّ نتائج المعركة كانت متوقعة، بعد سلسلة الغارات المكثفة التي شنتها طائرات تركية بدون طيار، حيث استهدفت بشكل مباشر خطوط إمداد قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ودمرت مخازن السلاح داخل القاعدة المذكورة، ما يظهر حجم الدعم التركي اللامتناهي لقوات حكومة الوفاق بقيادة السراج.
وفي هذا الصدد، لم تصدر قوات خليفة حفتر أي بيان رسمي حول خسارة قاعدة "الوطية" الهامة والاستراتيجية، وبذلك لم يتبق لهم سوى مدينة "ترهونة"، غرب ليبيا، والتي تعتبر المقر الأساس لعمليات حفتر، وتشكل الظهر الاستنادي لشن الهجمات على العاصمة الليبية، بعد محاولات عديدة، بدأت منذ نيسان/أبريل، العام المنصرم، للسيطرة على طرابلس.
مستقبل الصراع
ساهم التدخل التركي المباشر في إعادة التوازن لحكومة الوفاق الوطني الليبية، حيث قدمت أنقرة كل ما تستطيع من الدعم لتحقيق مآربها باعتبارها أبرز الأطراف المنخرطة في هذا الصراع، وبالتالي وبناءً على المعطيات الحالية، ربما تكون المعركة القادمة بعد معركة "ترهونة"، هي معركة مدينة سرت الواقعة شمالي البلاد، والتي تفتح الطريق أمام التقدم باتجاه ما يطلق عليه منطقة "الهلال النفطي"، في سعي مشترك من قبل تركيا وحكومة الوفاق، لزيادة موارد جبهاتهم، بالإضافة إلى توسيع رقعة السيطرة الجغرافية.
أكثر من ذلك؛ ربما يكون الهدف المستقبلي ، هو قاعدة "الجفرة" الجوية، التي ربما تكون على موعد وشيك، مع العمليات العسكرية، بالتعاون بين تركيا وقوات السراج، لما لهذه القاعدة الواقعة وسط البلاد من خصائص غاية في الأهمية أبرزها السيطرة على الأجواء الليبية.
وفي أعقاب هذا الصراع، من غير المعقول أن تقف قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر والدول المتحالفة معه، مكتوفة الأيدي، خاصة أنَّ خسارة معركة لا يعني نهاية الحرب، وبناء على ذلك، من الطبيعي أن تتلقى قوات حفتر دعماً أكبر لاستعادة السيطرة على المناطق التي خسرتها، واستكمال محاولات عزل حكومة السراج عن المحيط الدولي، وعلى وجه التحديد تونس والجزائر، مما يمهد لمعارك طاحنة جديدة، على الأرض الليبية.
ويعتقد أن تكون مدينة مصراتة على صفيح ساخن، باعتبارها معقل المعارضة لحفتر، والسيطرة عليها تعني إضعاف جبهة طرابلس بشكل كبير، وبذلك يتوجب السيطرة على "بوقرين" جنوب شرق مصراتة قبل البدء بمعركة مصراتة.
في النهاية، ستكون ليبيا هي الخاسر الأكبر، مع ازدياد اللاعبين الدوليين بأرواح أبناء هذا البلد، رغبة في فرض شروطهم وتحقيق أطماعهم وأحلاهم هناك، وبالنظر إلى الواقع العسكري المرير وتحولاته، لا يمكن التكهن إلى أين ستصل الأمور في ليبيا، لكن الشيء الواضح كعين الشمس، هو أن الجهود الأممية لم تفلح في منع الطامعين بالنفوذ والثروات من تمزيق أحلام الليبيين في مستقبل أفضل.