الوقت- شنت قوات الجيش السوري في أواخر العام الماضي، عملية عسكرية لتأمين وتطهير المناطق التي تتمركز فيها بعض العناصر الإرهابية، وذلك رداً على الهجمات التي شنتها تلك العناصر المسلحة والخلايا النائمة التابعة للجماعات الإرهابية في محافظة "درعا". وعلى الرغم من تعرض العناصر المسلحة والإرهابيين لضربات قاتلة وموجعة خلال تلك العملية العسكرية، إلا أنهم استمروا في تحركاتهم في محافظة "درعا" بدعم من التحالف العربي الصهيوني الغربي وخلال الايام القليلة الماضية جعلوا بعض المناطق غير آمنة مرة أخرى.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من التقارير الميدانية، أن الجماعات المسلحة تحاول زعزعة الأمن والاستقرار في محافظة "درعا"، ولفتت تلك التقارير أن هذه الاعمال الخبيثة جاءت بعد أن تم العفو عن تلك الجماعات المسلحة من قبل الجيش السوري والتي تعهدت بعدم حمل السلاح والتسوية بموجب اتفاق صيف 2019. وأشارت تلك التقارير إلى أن العناصر المسلحة والخلايا الإرهابية الخفية تواصل العمل بسرية في محافظة "درعا" بجنوب سوريا وخلال الفترة القليلة الماضية قامت تلك المجاميع المسلحة والارهابية باستهداف القوات السورية على عدة جبهات.
وبحسب مصادر ميدانية، فقد هاجم مسلحون وإرهابيون عددهم حوالي 50 بقيادة "محمد قاسم الصبيحي" الملقب بـ "أبو طارق"، مقر الجيش السوري في بلدة "المزيريب" بريف درعا الجنوبي وخلال ذلك الهجوم قتلت العناصر المسلحة والإرهابية تسعة جنود سوريين، وتركوا جثثهم في ساحة "الغبشة"، حيث أدان شيوخ المنطقة هذه الجريمة وردوا بحزم على أنه تم التوصل إلى الاتفاقات وتوافق الآراء بين أبناء تلك المنطقة لمواجهة تلك المجاميع المسلحة والإرهابية.
وعلى صعيد متصل، ذكرت بعض المصادر الميدانية أنه في الوقت الذي قرر فيه البدو تحديد المسلحين والتعامل معهم، تم إرسال عدد من قوات المجموعة الرابعة التابعة للجيش السوري من منطقة "قلعة المضيق" الواقعة في شمال غرب محافظة حماة إلى محافظة درعا للقيام بالرد المناسب على المسلحين. وبحسب المعلومات الواردة، قامت قوات المجموعة الرابعة، إلى جانب عدد من قوات الجيش الأخرى (المجموعة 15) والقوات البدوية، بعملية في محور بلدة "المزيريب" ضد العناصر المسلحة والإرهابية التي يقودها الإرهابي "أبو طارق". وبحسب مصادر ميدانية، تمكنت قوات الجيش السوري خلال تلك العملية العسكرية من التعرف على المقر الرئيسي لـ "أبو طارق" زعيم المسلحين والإرهابيين في بلدة "المزريب"، وتمكنت أيضا من شن هجمات عنيفة ضد هذه القاعدة التي يتحصن فيها الكثير من العناصر الإرهابية.
وفي سياق متصل، كشفت العديد من التقارير الاخبارية بأن قوات الجيش السوري تمكنت من قتل 15 مسلحا واعتقلت خمسة آخرين خلال تلك الاشتباكات، كما فر عدد من المسلحين الآخرين إلى الضواحي بعد أن أصيبوا بخسائر فادحة، ولفتت تلك التقارير إلى أنه لم تقتصر تحركات وهجمات الجماعات المسلحة والعناصر الإرهابية المخفية على بلدة "المزيريب"، بل إنها قامت بقتل ثلاثة من عناصر القوات السورية بين بلدتي "ناحتة ومليحة" في جنوب شرق "درعا".
وعلى صعيد متصل، أعلنت وزارة الداخلية السورية في بيان لها عن استشهاد تسعة من عناصر الجيش السوري في ناحية "المزيريب" بريف درعا الغربي إثر هجوم شنته مجموعة إرهابية على مبنى الناحية أثناء قيامهم بعملهم وتم نقل جثامين الشهداء إلى المشفى الوطني في "درعا". ومن جهته، أوضح قائد شرطة "درعا" العميد "ضرار مجحم الدندل" أنه عند الساعة الـ8 من صباح يوم الاحد الماضي هاجمت مجموعة إرهابية مؤلفة من 50 إلى 60 مسلحا بأسلحة خفيفة ناحية المزيريب حيث باغتوا عناصر الناحية وأطلقوا عليهم النيران ما أسفر عن استشهاد 9 من العناصر مؤكداً أن دماء الشهداء لن تذهب هدراً وستتم ملاحقة الجناة.
وتأتي تلك التطورات بعد سلسلة هجمات منسقة ومتتابعة شنّها مسلحون على مواقع ونقاط تابعة للمخابرات وقوات النظام والشرطة كان آخرها هجوم واسع شنه مسلحون على مخفر للشرطة في بلدة "المزيريب" قبل عدة أيام أدى إلى مقتل 9 عناصر شرطية، واستُخدم المسلحون في هجومهم دراجات نارية. كما أعلن عن مقتل ضابطين رفيعين برتبة عقيد من اللواء 52 في 18 نيسان، خلال هجوم استهداف آلية عسكرية كانت تقلهم قرب مدينة الحراك شرقي درعا. وتشير المعلومات التي تم الحصول عليها أيضاً إلى أن قوات النظام أعادت تفعيل مواقع وكتائب عسكرية كانت قد توقفت خلال السنوات الماضية بهدف إعادة استخدامها لوجستياً وفنياً إذا بدأت عملية عسكرية في ريف درعا.
واستُخدمت الدراجات النارية بريف درعا وسيلة للهجمات التي نفذها مسلحون على نقاط وحواجز للقوات النظام ، بعض هذه الهجمات كانت انتحارية بأحزمة ناسفة يرتديها سائق الدراجة مُنفِّذ الهجوم. وكان آخر هجوم بدراجتين ناريتين منتصف نيسان/ أبريل على نقطة لجيش النظام السوري في بلدة نوى غرب درعا. وأصدرت السلطات المحلية بدرعا قراراً تحظر فيه استخدام الدراجات النارية في مدينة نوى، غربي درعا، خلال ساعات النهار. وتسعى سلطات النظام السوري لتكريس السيطرة الميدانية الهشة في عدد كبير من بلدات ريف درعا التي دخلت في تسويات سياسية في صيف العام 2018. ولهذا السبب بدأت التعزيزات العسكرية إلى المحافظة خلال الايام الماضية.
وأعلن الجيش السوري عن حظر التجول في بلدات "بصر الحرير والحراك ومليحة الشرقي ومليحة الغربي" بعد ذلك الهجوم الغادر. ومن جهة أخرى، تعرض جندي سوري لاعتداء وجرح على محور "درعا البلد" جنوب مدينة درعا. وبحسب ما ورد اندلعت اشتباكات مع جماعات مسلحة على مشارف بلدة "طفس" في محافظة درعا جنوب غرب البلاد. وعموماً، تُظهر التطورات الميدانية أن الجيش السوري وبمساعدة البدو والمقيمين ينوي التعامل بحزم مع العناصر المسلحة والإرهابية التي لا تلتزم بالاتفاق والتوافقات الماضية، وذلك من أجل إعادة الامن والامان لمحافظة "درعا" وتطهيرها من كافة العناصر المسلحة والإرهابية.
وفي آب / أغسطس 2019، وبعدما تمكنت القوات السورية من تحقيق الكثير من الانتصارات الواسعة في المناطق الوسطى والشمالية، أدركت الجماعات الإرهابية أنها لا تستطيع منع هذا التقدم في محافظة "درعا"، وتوصلت في النهاية إلى توافق بشأن المصالحة مع الحكومة السورية، وبناءً على هذا الاتفاق تم التوصل إلى انتقال العناصر المسلحة من الأراضي المحتلة في محافظة إدلب إلى شمال سوريا ، لكن العديد من الجماعات المسلحة بقيت في المحافظة بشرط عدم حمل السلاح وبعد ذلك استأنفت العناصر المسلحة التي تعهدت بعدم الاشتباك مع قوات الجيش السوري، عملياتها وهجماتها الإرهابية منذ أواخر الصيف الماضي، مما أسفر عن مقتل العشرات من أفراد الجيش السوري في محافظة "درعا".