الوقت-أثار التصعيد الأخير لإجراءات التقشف في المملكة العربية السعودية، التي أعلن عنها المسؤولون السعوديون، استياءً واسع النطاق في أنحاء المملكة، حيث قام نشطاء سعوديون بمشاركة مقاطع فيديو لعشرات المواطنين وهم يشكون من انتشار الفقر في البلاد وفي ذات السياق حذر مراقبون من احتمال اندلاع "ثورة الجوع" في هذا البلد.
واتخذت الحكومة السعودية قرارات جديدة للحد من التبعات الاقتصادية لوباء كورونا المستجد ولخفض أسعار النفط، وذلك عن طريق رفع معدل ضريبة القيمة المضافة من 5 إلى 15 بالمائة كما قررت إيقاف علاوات وبدل غلاء المعيشة للعمال والموظفين.
وتسببت القرارات الأخيرة في الكثير من الجدل في المملكة العربية السعودية، حيث كتب المعارض السعودي غانم الدوسري على حسابه في تويتر أنه "لم يمر على أزمة كورونا سوى شهرين تقريبا واذا بالسعودية العظمى ترفع الضرائب على مواطنيها وتلغي بدل غلاء المعيشة. الأزمة مرشحة للإستمرار مدة طويلة فهل نصحو يوما ونجد الضرائب تجاوزت50 بالمائة؟ ».
كما نشر الدوسري مقطع فيديو يُظهر مشاهد من الفقر المدقع في بعض المناطق داخل المملكة العربية السعودية حيث يظهر المواطنون وهم يبحثون عن الطعام في القمامة والذين يعيشون في منازل متداعية ويشكون من الجوع والعجز.
وكتب أحد خالد عبد الرحمن، وهو ناشط قانوني على تويتر ان "القرارت الجديدة أحدثت صدمة للشعب السعودي وتأكدوا فعليا أنهم آخر هَم الملك سلمان وابنه. جميع القرارات عبارة عن زيادة أسعار وخصومات على الموطن المسكين، أما مخصصات الأمراء والمستشارين والبطانة ومشاريع العهر السياسي فلن يقربها أحد، الدور على حساب المواطن."
وتحت عنوان "الأزمة الكبرى والسيناريو الأسوأ لم يأت بعد" نشر مستخدم آخر على تويتر، يعرف باسم خط البلدة تقريرا مُصَوّرا قال فيه "ألغت الدولة بدل غلاء المعيشة ورفعت ضريبة القيمة المضافة بنسبة 200 في المئة، لكن الأزمة الحقيقية لم تأت بعد، فابن سلمان سيستمر في تعويض نفقاته من جيب المواطن ولن يترك طلبات ترامب حتى يحلب منه آخر مليار، وبن زايد لن يتخلى عن اموال السعودية في دعم مشروع الثورة المضادة".
وأضاف ان" الأزمة الحقيقية ستبدأ حينما تمر أيام على المواطن لا يستطيع فيها شراء الدجاج والبيض، حين لا يكفيه راتبه أكثر من عشرة أيام في الشهر، وحين تنفد السيولة ولا يبقى بين يديه أموال تسد حاجة أطفاله. السيناريو الأسوء قادم وبقوة علينا، اذا لم يتم الأخذ على يد بن سلمان وإيقاف عبثيته وصبيانيته."
وتحدث في تقرير آخر عن "10 أمور لو فعلتها الدولة لما احتاجت أن تمد يدها لجيب المواطن، وتتلخص بوقف دعم قوى الثورة المضادة ووقف مخصصات الامراء والأخوياء "المقربون من الملك" ووقف الحرب العبثية في اليمن، وتوقف بن سلمان عن نهب الميزانية، واستغلال ثروات البلاد بشكل عادل، واستخدام الأموال المحصلة من معتقلي فندق الريتز في الإنفاق الوطني، وقيام بن سلمان ببيع الممتلكات التي اشتراها بمليارات الدولارات، وبدء التقشف بانفاقات الملك وابنه وديوانه، ومحاسبة بقية المتهمين بقضايا فساد من كبار الأمراء، استغلال أموال كبار الأمراء المكدسة في بريطانيا وسوسرا.
وقال مستخدم آخر، في إشارة إلى انتشار كورونا في المملكة العربية السعودية وتنفيذ سياسات التقشف في البلاد بسبب الأزمة المالية، أنه إذا لم تنفق هذه الدولة الغنية بالنفط والثروات إيراداتها على الحروب وصفقات الأسلحة، كان بإمكانها الآن أن تنفق تلك الأموال على الأزمات التي خلّفها فيروس كورونا وتبعات تخفيض أسعار النفط.
وكتب الباحث محمود رفعت، رئيس المعهد الأوروبي للقانون الدولي، "تعرض السعودية ممتلكاتها بالخارج للبيع منذ فترة ولا تجد مشتريا بسبب جائحة كورونا وأتت القرارات الجديده برفع الضرائب داخليا وإلغاء البدلات لتؤكد انهيار اقتصادها ورغم ذلك لن ينفك عنها ترامب وسيعصرها لآخر رمق، وتسحبها الإمارات كالسائمة لسفك دم اليمن و ليبيا. المستقبل معتم، وسنرى”.
وتداول نشطاء فيديو لجندي سعودي يُدعى نايف فهد العنزي، يناشد فيه الملك سلمان وولي العهد محمد بن سلمان بمساعدته، مشيرا إلى أن راتبه توقف منذ أشهر، وليس لديه أموال لتسديد ديونه وإعالة عائلته المؤلفة من زوجتين وعدد كبير من الأطفال، خلال شهر رمضان المبارك.
وفي فيديو سابق أعاد نشره مجددا على حسابه في موقع تويتر، قال الناشط السياسي محمد العتيبي: “أزمة كورونا ستنتهي، لكن أزمتنا الأساسية ستبقى لأنها مع محمد بن سلمان الذي سرق أموال الشعب ووضع المفكرين والحقوقيين والاقتصاديين الذين نحتاجهم للخروج من أزمتنا الاقتصادية، في السجون”، محذرا من إجراءات تقشف أشد قد تدفع الأوضاع في البلاد إلى المزيد من التدهور.
وأضاف في تدوينة أخرى: “عزيزي المواطن: عندما تتحدث عن معاناتك سواءً كنت عاطل أو تحصل على راتب متدنٍ جداً أو تعاني من سوء الخدمات الصحية والتعليمية لايعتبر خيانة، بل من أبسط حقوقك كمواطن. أما من يلمع صورة بن سلمان المتسبب في تدهور أوضاع البلد، فهو مرتزق خائن للدين وللأمانة”.
وكان نشطاء سعوديون حذروا من أن يلاقي ولي العهد السعودي السابق، الأمير محمد بن نايف، مصير الناشط الحقوقي عبد الله الحامد، الذي توفي في السجن، وخاصة بعد تأكيد تعرض بن نايف لأزمة قلبية حادة نتيجة “إهمال طبي متعمّد” من قبل السلطات السعودية.
وأعلنت الحكومة السعودية قبل يومين أنها بدأت إجراءات تقشفية للتعامل مع الأزمة المالية التي نجمت عن تفشي الفيروس وانخفاض أسعار النفط الخام، والتي تضمنت زيادة ضريبة القيمة المضافة بمقدار ثلاثة أضعاف وخفض رواتب ومزايا موظفي الحكومة. وبحسب وسائل الإعلام السعودية، تقدر الإجراءات المتخذة لزيادة الإيرادات وخفض التكاليف بنحو 100 مليار ريال سعودي (26.6 مليار دولار).
وتواجه أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، والتي تفرض حجر صحي مشدد للحد من تفشي كورونا، أزمة بسبب انخفاض أسعار النفط.