الوقت-مع تفشي وباء فيروس كورونا، أصبح العديد من اللاجئين والمهاجرين في جميع أنحاء العالم في خطر كبير. وتسببت الحروب والإرهاب والصراع الطائفي والمجاعة والظروف الاقتصادية السيئة على مر السنين في مناطق واسعة من آسيا وأفريقيا إلى أمريكا اللاتينية في تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين والنازحين الذين فروا أو ما زالوا يفرون من منازلهم لكنهم لم يجدوا مكانًا آمنًا للعيش بشكل دائم أو العودة إلى منازلهم. ويعيش أغلبية هؤلاء النازحين واللاجئين في مخيمات لا تتمتع بظروف جيدة في العديد من الأصعدة بحسب المنظمات الدولية، وقد يؤدي ذلك إلى كارثة كبرى إذا انتشر وباء كورونا في هذه المناطق.
وأعلن الأمين العام لمجلس اللاجئين، جان إيغلاند، في 17 مارس / آذار أن "ملايين الأشخاص معرضين لخطر الإصابة، ما يؤثر على اللاجئين في بنغلادش وأفغانستان واليونان". كما أن سكان مناطق معينة في سوريا واليمن وفنزويلا معرضين لخطر مباشر بسبب انهيار الأنظمة الصحية في هذه البلدان عمليا بفعل الحروب والأزمات السياسية. وأضاف أنه يجب على المجتمع الدولي المساعدة لمنع حدوث الكوارث من خلال تقديم المساعدات الهادفة. وهنالك حاجة في العديد من مخيمات اللاجئين، لتحسين المرافق الصحية على الفور وإلى نشر المزيد من الكوادر الطبية لمكافحة انتشار فيروس كورونا.
اللاجئون السوريون، من التخلص من البطش الى منعهم من العودة
نزح حوالي نصف سكان سوريا البالغ عددهم 22 مليون نسمة منذ اندلاع الحرب السورية. ووفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فقد وصل عدد اللاجئين السوريين خارج البلاد إلى أكثر من 5 ملايين، مع نزوح حوالي 6.5 ملايين داخل البلاد. بعض السوريين الذين دمرت الحرب مدنهم وقراهم، لجؤوا إلى المدن السورية الأخرى ويكافحون من أجل سد رمق احتياجاتهم، لكن البعض الآخر لجؤوا إلى البلدان المجاورة ويعيشون في مخيمات اللاجئين. ويقع مكان التجمع الرئيس للاجئين السوريين في شمال البلاد، ويعيش مئات الآلاف من اللاجئين السوريين على الحدود مع تركيا.
وبالإضافة إلى المعاناة المستمرة والأزمة الاقتصادية الشديدة، يعاني هؤلاء اللاجئون من خطر اندلاع الحرب في اي لحظة بين الأطراف المتخاصمة في شمال سوريا. لكن الأزمة الكارثية لانتشار فيروس كورونا أدت إلى تفاقم معاناة هؤلاء النازحين وتعريض حياتهم لخطر أكبر. وفي الوقت نفسه، فإن اللاجئين الذين يعيشون في مناطق حدودية غير منظمة بين الدول، هم أكثر عرضة للخطر قياسا بالآخرين. وتشير التقديرات إلى وجود أكثر من 40.000 نازح على الحدود التركية اليونانية والذين يعيشون في ظروف صعبة للغاية.
إن نقص الملاجئ المؤقتة والمرافق المعيشية تعدُّ كارثة لهؤلاء اللاجئين، خاصة وأن حدود أوروبا لن تفتح للاجئين خلال وقت قريب. وفي الواقع، أغلقت الحكومات الغربية، التي تعارض عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم وتضغط على المنظمات الدولية من أجل عدم الانصياع لمطالبات دمشق بضرورة إعادة النازحين، حدودها امام اللاجئين وتتجاهل وضعهم الإنساني وهي بذلك تتنصل من المسؤولية.
وفي بيان مشترك صدر يوم السبت، قالت هيئة التنسيق السورية الروسية المشتركة لعودة اللاجئين السوريين: "ان المناطق التي تسيطر عليها قوات الاحتلال الأمريكية لا تشهد أي إجراءات لمنع انتشار المرض ومراكز الخدمة الطبية غير نشطة فيها. واضافت الهيئة ان هذين البلدين طالبوا مراراً وتكراراً بمغادرة جميع الذين يرغبون في ترك المخيمات نحو مناطقهم التي تحررت من الإرهاب؛ وقد توفرت فيها جميع ظروف استقبالهم، ويتم حاليا اتخاذ التدابير اللازمة لمكافحة انتشار كورونا.
وأضاف البيان: "على الرغم من جهود الحكومة السورية لمنع تفشي الفيروس وهو ما أكدته منظمة الصحة العالمية والمنظمات الدولية الأخرى، فإن أمريكا تعمل جاهدة على استغلال أزمة فيروس كورونا لتشويه صورة القيادة السورية وإلقاء اللوم على دمشق بشأن الأوضاع المأساوية في جميع أنحاء سوريا، بما في ذلك في مخيمي الركبان والهول.
وفي غضون ذلك، قالت المنظمة الدولية للهجرة (IOM) إنه على الرغم من أن نقل اللاجئين من دولة إلى أخرى يمكن أن يؤدي إلى تفشي فيروس كورونا بشكل كبير، فإن بقاء اللاجئين في المخيمات التي تفتقر إلى الخدمات الطبية والمرافق المعيشية الأساسية، يمكن أن يكون بنفس الخطورة ويزيد من انتشار الفيروس والأمراض الأخرى بين اللاجئين. وهذا النقد موجه للدول الغربية التي ترفض قبول اللاجئين في الظروف الحالية، فعلى سبيل المثال، كانت الحكومة الألمانية تعتزم هذا العام استقبال حوالي 5،500 لاجئ، 3000 منهم من المواطنين السوريين، ولكن بعد تفشي المرض، علقت هذا القرار.
اللاجئون السوريون في لبنان
تعد لبنان من البلدان التي استقبلت حوالي 1.5 مليون لاجئ سوري، وهو رقم كبير مقارنة بعدد سكان البلاد البالغ 6 ملايين نسمة. وقد تم الإعلان عن وجود 520 حالة اصابة بفيروس كورونا في لبنان حتى الآن، بالاضافة الى 17 حالة وفاة.
وبحسب وكالة فرانس برس، أصيب ثلاثة سوريين بفيروس كورونا في مخيمات اللاجئين، الأمر الذي يتطلب علاجًا جادًا وفوريًا لمنع انتشار المرض. ونظرًا لأن أي زيادة في عدد الإصابات بين صفوف اللاجئين والنازحين، يضع الكثير من الضغوط على نظام الرعاية الصحية اللبناني، فإن تعزيز المستشفيات ضد هذا الوباء مستمر لغاية اللحظة. ويأتي ذلك في الوقت الذي قدمت فيه الحكومة اللبنانية استقالتها في الأشهر الأخيرة بسبب الوضع الاقتصادي المتأزم وتزايد الاحتجاجات الشعبية، ولم تتولَ الحكومة الجديدة زمام الأمور بشكل حقيقي بعد.
لقد جعلت المشكلات الاقتصادية في لبنان الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للاجئين الفلسطينيين والسوريين الذين يعيشون في مخيمات صغيرة وضيقة. وتعاني هذه المخيمات، من الخدمات الأساسية مثل توفير المياه لذلك يُعد اللاجؤون أكثر عرضة للأمراض بسبب سوء الصحة أو إمدادات المياه.
وتقول السلطات في لبنان إنها استضافت أكثر من 1.5 مليون سوري في السنوات التسع الماضية منذ بداية الحرب السورية. وقد سجلت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) حوالي مليون من هؤلاء اللاجئين. ويعيش العديد من اللاجئين السوريين في فقر ويعتمدون على المساعدة العامة والمنظمات من أجل العيش. وتعهدت الأمم المتحدة بدفع تكاليف فحص اختبار فيروس كورونا وتكاليف الاستشفاء لللاجئين السوريين والفلسطينيين إذا لزم الأمر.
وبحسب صحيفة الشرق الأوسط اللبنانية ونقلا عن مسؤوليين لبنانيين، أقامت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مراكز اختبار فيروس كورونا على مداخل المخيمات والأماكن التي يقيم فيها اللاجئون السوريون في لبنان، ولا يُسمح للاجئين الذين يعيشون في المخيمات بمغادرة المخيمات، ولا يستطيع سوى عدد محدود من الأشخاص الخروج لتلبية احتياجات ساكني المخيمات".
اللاجئون السوريون في اليونان والأردن
عَبَر آلاف اللاجئين وطالبي اللجوء الحدود إلى اليونان منذ أن تجاهلت تركيا اتفاقها مع الاتحاد الأوروبي وفتحت حدودها لطالبي اللجوء. وخلال هذا الوقت، كانت الحدود التركية اليونانية مسرحًا لصدامات شديدة بين قوات الأمن اليونانية وطالبي اللجوء الذين يحاولون دخول حدود الاتحاد الأوروبي بأي طريقة ممكنة، ومعظم طالبي اللجوء هم من سوريا وأفغانستان والعراق.
وقال أبوستولوس فيزيس، مسؤول طبي على الحدود اليونانية "إن حظر التجول يُطبق فقط في مخيمات اللاجئين، وليس على جميع سكان الجزيرة الذي يضم اليونانيين ايضا، وهو أمر غير مقبول واجراء عنصري. وان الحكومة تقوم من خلال هذا الإجراء، بحجز الأطفال والنساء والرجال في المخيمات التي لا تتوافر فيها مرافق صحية جيدة ويعاني سكانها من ظروف صحية فضيعة اضافة الى الاكتظاظ السكاني هناك. فهم لا يملكون ما يكفي من الصابون أو الماء ليغتسلوا باستمرار، ولا يمكنهم تطبيق نظام التباعد الاجتماعي او الحجر الصحي المنفرد. ويشكل الأطفال ثلث مجموع اللاجئين، وحوالي نصف هؤلاء بلا مأوى.
الأردن هي الأخرى بلد آخر يستضيف عدد كبير من اللاجئين السوريين. وكانت عمان قد أعلنت سابقًا أنها تستقبل 350.000 لاجئ سوري ، بينهم 90.000 في مخيم الزعتري الصحرائي للاجئين بالقرب من الحدود السورية. وتفيد التقارير أن الوضع في الأردن أكثر استقرارا، حيث لم يتم الكشف عن حالات اصابة بفيروس كورونا في المخيمات حتى الان. وقال محمد حواري المتحدث باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن "لا يوجد خطر في المخيمات لأن الإجراءات الاحترازية المتخذة هناك نفس الإجراءات التي اتخذت في مناطق أخرى."
وقال وزير الصحة الأردني سعد جابر في لقاء مع قناة المملكة الأردنية يوم السبت إن اختبارات تشخيص الفيروس أجريت عشوائيا على سكان المخيمات، وكانت جميعها نتائج سلبية. وبحسب المسؤول الأردني، فإن دقة هذه الاختبارات تتراوح بين 70 و 80 في المئة، والنتائج تُعلن في غضون 8 دقائق. كما أعرب عن ثقته في المستشفيات والمراكز الصحية المتنقلة في مخيم الزعتري.