الوقت- بعد يوم من إعلان نتائج الانتخابات المبکرة للكنيست الصهيوني، استنادا إلى فرز 80٪ من الأصوات، والذي يشير إلى حصول الجناح اليميني بزعامة نتنياهو علی 60 مقعداً، خرج اليمينيون بانطباع أن تشكيل الحکومة بهذه المقاعد أمر مؤكد، وعليهم التفكير في تشكيل حكومة برئاسة نتنياهو لمجلس الوزراء. لأنه وفقاً لقانون "تبادل فائض الأصوات"، لم يكن الحصول على 4 مقاعد للحزب اليميني أمراً بعيد المنال.
ولكن بعد يوم من الإعلان عن نتائج الانتخابات شبه النهائية، بناءً على فرز 99٪ من الأصوات، فاز اليمينيون بـ 58 مقعداً، وکانوا بحاجة إلى ثلاثة مقاعد لتشكيل الحكومة. وهو الأمر الذي کان مستحيلاً في الوضع الحالي.
الخيارات التي احترقت الواحد تلو الآخر
في الظروف الموضحة أعلاه، بعد احتمال تشكيل نتنياهو للحكومة، كان إجراء الانتخابات الرابعة هو الخيار الأكثر ترجيحًا. والخيار الوحيد الذي يمكن أن يجعل تشكيل الحكومة ممكنًا هو انضمام ليبرمان إلى نتنياهو.
ليبرمان قريب جداً من نتنياهو من الناحية الفكرية، وهو يميني عملياً. لكنه ذكر أنه لن يكون حاضراً أبدًا في حكومة تشارك فيها طائفة "الحريديم" اليهودية.
وفي ظل هذه الظروف، لا يمكن لنتنياهو تشكيل الحكومة إلا إذا اجتذب ثلاثة مقاعد لليسار أو حزب ليبرمان، من خلال تقديم تنازلات لهم. لكن هذا الإجراء هو انتحار سياسي، لأنه يجب عليه أن يخون حزبه وحلفائه في الانتخابات، وأن ينفصل شخص من حزبه وينضم إلى التيار المنافس، وأي شخص يفعل ذلك يکون قد أنهى حياته السياسية فعليًا.
لذا، على الرغم من أن اليساريين لديهم 55 مقعدًا فقط مع القائمة العربية المشتركة، فإن تشكيل الحكومة من قبلهم كان مستحيلًا أكثر من استحالة تشكيل نتنياهو لها.
في هذه الأثناء، كان تشكيل الحكومة عبر تحالف اليسار وليبرمان، الخيار الأقل احتمالاً لتشكيل الحكومة. لأنهم كانوا معارضين فكرياً لبعضهم البعض وكانت لديهم هويات متناقضة تماماً، وقد أقر رؤساءهم أيضًا بأنهم لن يكونوا أبدًا في حكومة المنافسين. لذلك، كان الخيار الأکثر ترجيحاً هو الذهاب إلى الانتخابات الرابعة في أقل من عامين.
تحقيق الخيار الأضعف لتشكيل الحکومة، مع قبول 5 شروط
ولكن فجأةً نجد أن الخيار الأضعف، أي تحالف ليبرمان وغانتس، اقترب من التحقق عبر اتفاق. حيث أعلن ليبرمان على صفحته على فيسبوك، أنه إذا قبل غانتس زعيم ائتلاف "أزرق أبيض" الشروط الخمسة- والذي وعد بتمريرها في الحكومة المقبلة- فإنه على استعداد للتحالف معه، وتشكيل الحکومة بالتحالف مع تيار أزرق أبيض.
وكانت شروط ليبرمان التي قبلها غانتس، هي الموافقة على أجور المتقاعدين على أساس 70٪ من الحد الأدنى للأجور، تنفيذ قانون النقل يوم السبت، تطبيق قانون التجنيد علی الأرثوذكسية المتطرفة، تطبيق قانون الزواج المدني، وإقامة المجالس الحاخامية في كل مدينة.
حالياً، مع قبول غانتس لشروط ليبرمان الخمسة، فإن مجموع مقاعد ائتلاف أزرق أبيض بـ 40 مقعداً، إلی جانب مقاعد العرب في الكنيست أي 15 مقعداً، مع 7 مقاعد لليبرمان، تصل إلى 62 مقعداً، وهذا يعني أنه إذا تمت هذه الصفقة التي تحدثت عنها وسائل الإعلام، فسيتم تشكيل الحکومة، ونتنياهو هو الذي لم يعد يأمل في تشكيل الحكومة بـ 58 مقعدًا يمينيًا.
كل شيء لإزالة نتنياهو
السؤال المهم الذي يفرض نفسه هنا هو، كيف يتوصل ليبرمان اليميني، الذي كان غير راغب في الدخول في ائتلاف مع غانتس، وأثبت ذلك بالفعل في الانتخابات الأخيرة، إلى توافق معه؟
النقطة المهمة هي أن اتفاق ليبرمان مع أزرق أبيض، تم بحضور عرب الكنيست في هذا الائتلاف أيضاً. ليبرمان يميني أصلاً، ولو کان يوافق على اليساريين لما وافق عملياً على حضور عرب الكنيست، ولكن لماذا قبل هذه الشروط؟
النقطة الأساسية هنا هي القاسم المشترك بين جميع المجموعات التي لديها اختلاف جوهري في المنظور. وهو أن كل هذه الجماعات المتعارضة قد اجتمعت معاً للقضاء على نتنياهو.
ليبرمان ومن أجل منع نتنياهو من تشكيل الحكومة وعدم الذهاب إلی الانتخابات الرابعة، قبل بالانضمام إلى التحالف مع اليسار وعرب الكنيست.
أما عرب الكنيست ومن أجل إزالة نتنياهو، وعلى الرغم من الفوز بـ 15 مقعدًا وهو رقم قياسي، فقد قبلوا بالانضمام إلى ائتلاف لا يعين أي وزير عربي لتشکيل الحکومة.
کما تحالف غانتس ولبيد ويعالون وأشكنازي مع ليبرمان، وهم نقيض بعضهم البعض من الناحية الاقتصادية، وبالطبع ستكون هناك خلافات بينهم في الميزانية العسكرية والاجتماعية، والسبب في ذلك هو إزالة نتنياهو فحسب.
أيضاً، اليساريون التقليديون مثل حزب العمل، جنباً إلى جنب مع حزبي "ميرتس" و"غيشر"، قبلوا بالانضمام إلى تحالف مع ليبرمان وعرب الكنيست، من أجل إزالة نتنياهو فقط.
إن حذف نتنياهو هو القاسم المشترك لحضور الأحزاب المتعارضة في ائتلاف واحد لتشكيل الحكومة، الأحزاب التي لا يوجد بينها قاسم مشترك، توصلت إلى اتفاق بينها علی حذف نتنياهو.
جمع الأضداد؛ ماذا سيحدث لنتنياهو؟
النقطة الرئيسية في هذا الاتفاق، هي أنهم ينتظرون محاكمة نتنياهو. وإذا تم تشكيل محكمة نتنياهو والذي سيحدث في 27 مارس، إذا صدر حكم ضده، فلن يكون قادراً على أن يصبح رئيساً للوزراء، کما سيفقد عضويته في الكنيست أيضاً.
وبالنظر إلى أن بعض الاتهامات الموجهة له، مثل الرشوة، تكاد تكون نهائيةً، فيجب القول إنه إذا تم تشكيل محكمة نتنياهو، يجب اعتبار إلغاء عضويته في الكنيست أمراً مؤكداً.
إن الخيار الأقل ترجيحاً لتشكيل الحکومة، وهو اجتماع تحالف أزرق أبيض وعرب الکنيست وليبرمان، يجري تحقيقه الآن بهدف إزالة نتنياهو. والمشاركون في هذا التحالف يحملون رؤی متعارضة تمامًا، واتفقوا علی حذف نتنياهو فحسب، وتحقيقاً لهذه الغاية قبلوا أن يتحملوا خصومهم القدامى.
وفي ظل الظروف الحالية، لن يشكل نتنياهو الحكومة ولن يكون رئيساً للوزراء. وفي هذه الحالة، وبما أن محكمة نتنياهو يتم تشكيلها أيضًا، فلن يتمتع بالحصانة القضائية الخاصة برئيس الوزراء، ويجب أن يذهب إلى السجن بدلاً من الكنيست.