الوقت- انطلقت فعاليات أعمال القمة الافريقية الثالثة والثلاثين، تحت شعار "اسكات البنادق وتهيئة الظروف للتنمية في افريقيا" يوم الاحد الماضي في العاصمة الاثيوبية "اديس ابابا" ويسعى رؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي في هذه القمة إلى تعزيز مشاركتهم في الوساطات في عدد من النزاعات المسلحة على الرغم من الإخفاقات السابقة وبدات هذه القمة بخطاب للرئيس المصري "عبد الفتاح السيسي" رئيس الاتحاد الافريقي للسنة الماضية وشكر في بداية خطابه الرؤساء الأفارقة المنتخبين ديموقراطيا بعد قمة الاتحاد الافريقي الماضية وقدم الرئيس "السيسي" عرضا عن نشاطات الاتحاد الافريقي على مدى السنة الماضية. كما أكد الرئيس "السيسي" على أن القضية الفلسطينية ستظل حاضرة في قلوب وضمائر الشعوب والدول الأفريقية التي ستستمر في تضامنها مع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وسيتولى رئيس جنوب إفريقيا "سيريل رامافوزا" رئاسة الاتحاد لمدة عام، خلفا للرئيس المصري وفي هذا الصدد قال "رامافوزا" إن "حجم المهمة التي تقع على عاتق الاتحاد الإفريقي كبيرة جداً"، مذكرا بأن النزاعات ما زالت تعتبر من أبرز التحديات التي تواجه عجلة التنمية في إفريقيا.
التحديات الامنية التي تواجهها القارة السمراء
كشفت العديد من المصادر الاخبارية بأن هذه القمة الافريقية التي أنطلقت فعاليات اعمالها يوم الاحد الماضي تبحث عن حلول للعديد من الأزمات التي تعصف بالقارة الأفريقية وعلى رأسها النزاعات المسلحة ومعالجة الأوضاع الإنسانية والإصلاح الهيكلي للاتحاد الأفريقي، إضافة إلى متابعة ما تحقق في ملف إطلاق منطقة التجارة الأفريقية الحرة، التي تعد من أهم الإنجازات خلال فترة الرئاسة المصرية للاتحاد. وفي هذا السياق، صرح "أنطونيو غوتيريش" الأمين العام للأمم المتحدة خلال هذه القمة التي عُقدت في العاصمة الاثيوبية "أديس أبابا" أنه يتفهم إحباط الاتحاد الإفريقي الذي استُبعد حتى الآن عن الملف الليبي، مؤكدا تأييده لمنح المنظمة الإفريقية دورا أكبر في مكافحة الارهاب والجماعات الارهابية التي انتشرت خلال السنوات الماضية في عدد من الدول الافريقية ووعد في هذا الإطار بدعم مبادرة لعقد منتدى للمصالحة اتخذت في نهاية كانون الثاني/يناير خلال قمة نظمتها لجنة الاتحاد الإفريقي حول ليبيا في "الكونغو برازافيل". وقال "غوتيريش"، "أعتقد أنه يجب أن نستعيد السيادة في ليبيا... إننا ندعم بشكل كامل منتدى ينظمه الاتحاد الأفريقي للتوصل للمصالحة". وأضاف "هذا هو الحال أيضا في منطقة الساحل"، مقترحا ائتلاف دولي أوسع لمكافحة الإرهاب في المنطقة.
الجدير بالذكر إن اعتماد الدول الأفريقية على الغرب فيما يتعلق بقضايا تتعلق بالأمن لم يكن مثمرًا وفي هذا السياق، كشفت العديد من التقارير الاخبارية بأن الدول الغربية لم تقدم أي مساعدات لدول هذه القارة السمراء لمواجهة الجماعات الارهابية وذكرت تلك التقارير بأن فرنسا قدمت وعود لخمس دول افريقية هي بوركينا فاسو والنيجر وتشاد ومالي وموريتانيا وذلك من أجل إنشاء تحالف أمني في عام 2017 يسمى "جي 5"، إلا أن باريس تنصلت عن وعودها تلك ولم تقدم أي دعم مالي او عسكري لتلك الدول لمكافحة الجماعات الارهابية.
جذور التحديات الأمنية
على الرغم من امتلاك القارة السمراء الكثير من الموارد الطبيعية والتي تعتبر من أهم العوامل التي تساعد الكثير من بلدان العالم على النمو الاقتصادي إلا أن هذا الحال متغير في هذه القارة وبالنظر لعدم قدرة العديد من البلدان الافريقية على الاستفادة الصحيحة من هذه الموارد، فقد أصبحت هذه الموارد واحدة من أهم التحديات الأمنية اتي تواجه عدد من بلدان هذه القارة السمراء خاصتا عقب قدوم العديد من القوى الكبرى إلى هذه القارة لنهب ثرواتها، والامر السيء هو أن وجود هذه القوى الكبرى الغربية في هذه القارة شجع العديد من الجماعات الارهابية على البحث عن موضع قدم لها في هذه القارة وذلك من أجل الحصول على الكثير من الاموال التي تساعدهم على تجنيد وتدريب عدد كبير من الإرهابيين ولقد أدى الافتقار إلى وجود تكنولوجيا مناسبة في معظم بلدان القارة السمراء إلى جانب العوامل التي ذكرناها أعلاه، إلى تردي الاوضاع الاقتصادية في العديد من البلدان الأفريقية، وبالتالي أدى ذلك إلى انتشار الفقر في هذه القارة السمراء.
السوق المشتركة الأفريقية؛ من الشعار إلى العمل
أكد قادة القارة السمراء خلال قمة الاتحاد الافريقي التي عُقدت مؤخرا على إنشاء منطقة تجارة حرة في أفريقيا لحل المشاكل الاقتصادية التي عانت منها العديد من الدول الافريقية خلال السنوات الماضية وخلال هذه القمة الافريقية تم إحياء هذه الخطة التي تمت مناقشتها في الاجتماعات السابقة لهذا الاتحاد، وذلك من خلال الموافقة على إنشاء سوق أفريقية مشتركة. وعلى الرغم من أن الرئيس المصري تحدث في بداية هذه القمة التي عقدت قبل عدة أيام حول خطته لمستقبل السوق الأفريقية المشتركة وعلى الرغم أيضا من تأكيد عدد كبير من القادة الافارقة خلال الاجتماعات السابقة لهذا الاتحاد على الحاجة لتعزيز التبادلات الاقتصادية بين دول القارة السمراء، إلا أنه يبدو أن هناك العديد من التحديات التي قد تحول دون إنشاء سوق أفريقية مشتركة أو توسع التبادلات الاقتصادية بين بلدان هذه القارة السمراء وفيما يلي سوف نتطرق إلى بعض هذه التحديات:
1. تداخل قضايا الأمن والاقتصاد مع بعضهما البعض: في الواقع إن أي محاولة لتطوير البنية التحتية في هذه القارة السمراء لتعزيز التبادلات الاقتصادية والتحرك نحو إنشاء سوق إفريقية مشتركة تواجه تهديداً كبيراً يسمى انعدام الأمن في بعض أجزاء هذه القارة ولهذا فإن الشرط الأول للبدء بتنفيذ خطط التنمية الاقتصادية يتمثل في احلال الامن والاستقرار في جميع بلدان هذه القارة، ولكن وكما ذكرنا سابقاً لا تملك بعض الحكومات الإفريقية الفقيرة موارد كافية تمّكنها من الحفاظ على أمنها وبالتالي، يبدو أنه يتعين على البلدان الأفريقية أولاً وقبل كل شيء أن تسعى إلى إرساء الأمن والامان والمشاركة في خطة أمنية مشتركة مع بعضها البعض.
2. الخلافات الداخلية بين الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي بشأن بعض القضايا السياسية والحدودية؛ إن هذا الامر سيعيق العديد من الدول الافريقية للتوصل إلى اتفاق تام بينها على أرض الواقع وسيعيق أيضا عملية التفاوض فيما بينها وسيمنعها من التوصل إلى نتائج مرضية لجميع الاطراف.
3. التباين التكنولوجي والاقتصادي الكبير بين بلدان الاتحاد الأفريقي: يوجد في هذا الاتحاد بلدانًا مثل جنوب إفريقيا وهي عضو في منظمة "بريكس"، ويوجد أيضا بلدان أخرى تقع على ضفاف البحر الأبيض المتوسط وهي دول أكثر تقدماً من غيرها في القارة السمراء وهذا الامر سوف يجعل من الصعب التوصل إلى اتفاق عادل بين جميع هذه الدول الافريقية.