الوقت- قامت قوات تنتمي لحركة طالبان الافغانية ظهر يوم الاثنين الماضي باطلاق قذيفة صاروخية على طائرة عسكرية تابعة للقوات الجوية الامريكية كانت تقوم بعملية استخباراتية فوق الاراضي الافغانية، مما أدى إلى سقوط الطائر وقتل جميع الجنود الامريكيين التابعين لوكالة المخابرات المركزية الذين كانوا على متن تلك الطائرة العسكرية. وفي هذا السياق، قال "ذبيح الله مجاهد" المتحدث باسم طالبان في بيان، إن "الطائرة التي كانت في مهمة تجسس، جرى إسقاطها في منطقة دكه ياك بإقليم غزنة" مضيفا أن كل من كانوا على متنها وبينهم ضباط كبار لقوا حتفهم. وبعد ساعات من سقوط تلك الطائرة الامريكية، أصدر المتحدث باسم حركة طالبان الافغانية "مجاهد" بيانًا تحدث فيه حول استهدف طائرة هليكوبتر تابعة للجيش الأفغاني بالقرب من بلدة "شرينة" الواقعة في مقاطعة "باكتيكا".
وفي صعيد متصل، ذكرت بعض المصادر الاخبارية أن المسؤولين العسكريين الأمريكيين، اضطروا بعد تلكؤ طويل، لتأكيد صحة البيان الذي أصدرته حركة طالبان عن إسقاط الطائرة، مثلما أكدوا أنها تتبع لسلاح الجو الأمريكي، ولكنهم اكتفوا بالقول إنها طائرة صغيرة، ولم يكشفوا عن عدد العسكريين القتلى ورتبهم العسكرية حتى الآن ولكن الصور الأولية التي جرى تداولها على وسائط التواصل الاجتماعي، لحطام هذه الطائرة الامريكية، أكدت أنها من نوع "بومبارديه A11A" التي يستخدمها الجيش الأمريكي لأغراض التجسس في أفغانستان، وإنها متوسطة الحجم، وأن إسقاطها تم على الأرجح بصاروخ متطور وهذا التطور العسكري الفريد من نوعه شكل ضربة قوية للرئيس "دونالد ترامب" وقيادته العسكرية، وخططه في أفغانستان وسيؤدي إلى تعزيز موقف حركة طالبان التفاوضي، الذي يشترط سحب جميع القوات الأمريكية الذي يقدر عددهم بنحو 14 ألف جندي دون تقديمهم أي تنازلات. وفي سياق متصل، قال المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية "بيث ريوردان"، إن "القيادة المركزية الأمريكية على علم بتقارير تحطم طائرة أمريكية في أفغانستان. إننا نراقب الوضع حاليًا وسنقدم معلومات إضافية عندما يكون ذلك ممكنًا".
الجدير بالذكر أن استهداف مروحية المخابرات المركزية الأمريكية وطائرة الهليكوبتر التابعة للجيش الأفغاني من قبل حركة طالبان الافغانية، يأتي في الوقت الذي قامت فيه هذه الحركة باستهداف واسقاط عدد كبير من طائرات الهليكوبتر الأمريكية والأفغانية خلال الاشهر القليلة الماضية. وفي هذا السياق، كشفت العديد من التقارير الاخبارية أنه في وقت سابق من شهر ديسمبر الماضي، تحطّمت مروحية أمريكية في مقاطعة "هلمند" الافغانية، أعقبها تحطّم مروحية تابعة للجيش الأفغاني في منطقة "حيراتان" الواقعة بمقاطعة "بلخ"، وتحطمت أيضا مروحية أخرى في مدينة "سيد آباد" بمقاطعة "وردك" وبالقرب من مطار "قندهار" تحطمت ثلاث مروحيات عسكرية في يوم واحد وقبل خمسة أيام تحطمت مروحية عسكرية أخرى في منطقة "كاجاكي" التابعة لمقاطعة "هلمند" الافغانية.
ويأتي تحطم المروحيات العسكرية الأمريكية والأفغانية في وقت حذر فيه مستشار الأمن القومي السابق "رحمة الله نبيل" في منتصف شهر يناير الماضي من بيان له من أن حركة طالبان الافغانية تمتلك أنظمة دفاع جوية حديثة وفي هذا الصدد، قال "نبيل"، "بالنظر إلى التطورات الأخيرة في المنطقة، أعتقد أنه لن يكون مفاجئا إذا لم تحقق المفاوضات بين حركة طالبان والمسؤولين الامريكيين بحلول الربيع أو الصيف القادم أي خطوات ملموسة وإذا فشلت النخبة السياسية الافغانية من تشكيل إجماع وطني، أن تتمكن هذه الحركة من تطوير نظام دفاعي جوي محمول وتستخدمه على أرض المعركة لتغيير قواعد اللعبة لصالحها".
والجدير بالذكر أنه بعد غزو الجيش الأحمر السوفيتي لأفغانستان، كان الروس يتمتعون أيضًا بميزة كبيرة على المجاهدين بسبب امتلاكهم لقدرات قتالية جوية متطورة، ولكن وبعد مرور فترة من الوقت تمكن المجاهدون من الحصول على صواريخ مضادة للطائرات وراجمات قنابل وهذا الامر غيّر مجرى الحرب بحيث تمكنت القوات الأفغانية من استهداف واسقاط حوالي 270 طائرة هليكوبتر سوفيتية خلال فترة الحرب.
وفي صعيد متصل، يعتقد العديد من الخبراء السياسيين أن استهداف حركة طالبان الافغانية لطائرة الاستخبارات الأمريكية جاء في الوقت الذي عبرت فيه هذه الحركة مؤخرًا عن استيائها مما أسمته بـ"المطالب الجديدة" التي وضعتها أمريكا في المحادثات الاخيرة والتي تسعى واشنطن من خلالها تحقيق الكثير من الأهداف الأخرى. ومن ناحية أخرى، زادت أمريكا بشكل غير مسبوق من هجماتها العام الماضي مع بدء محادثات "الحد من العنف"، وفي هذا السياق، أبلغ المتحدث باسم حركة طالبان الافغانية صحيفة "الجارديان" يوم الاثنين الماضي أن هذه العملية الاخيرة التي نفذتها الحركة وقامت باستهداف طائرة عسكرية امريكية، لن يكون "لها أي تأثير" على عملية التفاوض وذلك لأنه لم يتم التوصل حتى هذه اللحظة إلى اتفاق بين الطرفين وبسبب استمرار القوات الامريكية في هجمات عسكرية على الاراضي الافغانية.
الجدير بالذكر أن حركة طالبان الافغانية قالت في بيان نشرته يوم الاثنين الماضي، إن "عملية إسقاط طائرة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية يعدّ إنجازاً وذلك لأن هذه العملية أدت إلى مقتل العديد من كبار ضباط المخابرات الأمريكية". ولهذا فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، ما هو هذا "الإنجاز" الذي تمكنت حركة طالبان من تحقيقه، وهل حقا تمكنت حركة طالبان من الحصول على أسلحة وصواريخ "أرض جو" ؟ وفي الختام يمكن القول أنه عند النظر إلى التطورات الاخيرة في أفغانسان والسقوط المتسلسل لطائرات الهليكوبتر الأمريكية والأفغانية، فإنه يبدو أن السماء الأفغانية لم تعد آمنة بالنسبة لأمريكا.