الوقت- لطالما كان للمسابقات والمنافسات الرياضية الدولية، وخاصة كرة القدم ، موطئ قدم في السياسة ، على الرغم من الشعارات والتقييدات القانونية ، وقد ثبت ذلك مع مرور الزمن. فخلال الأحداث الرياضية الكبرى ، وقعت العديد من الأحداث السياسية أو كانت هذه الأحداث متداخلة بشكل متعمد مع المواجهات السياسية ، حيث يدرك السياسيون جيدًا أنه نظرًا لعالمية المباريات والاحداث الرياضية ، يمكن استخدامها كأداة ضغط لتحقيق مطامعهم السياسية. فعلى سبيل المثال ، يهمس ويردد مشجعو المنتخب البريطاني قصيدة سياسية مشهورة جدًا عندما يلعبون ضد المنتخب الألماني ويقولون: "لقد فزنا بكأس العالم وحربين عالميتين". كما ألقى المشجعون البريطانيون هذه الأشعار أثناء مباراة فريقهم نظيره الألماني في شهر اوغست عام 2001 والتي أقيمت على الأراضي الألمانية وانتهت بفوز البريطانيين بنتيجة 5-1 حيث كانت هذه المباراة مكلفة للغاية بالنسبة للألمان فبعد ساعات من انتهاء هذه الخسارة المدوية أصيب والد رودي فولر المدرب الوطني للمنتخب الألماني آنذاك ، بسكته قلبية أودت بحياته.
ويمكن الاشارة الى مثال اخر وهو محاولة الحكومة العسكرية والانقلابية الأرجنتينية ، للاستفادة من إعلانات بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 1978 والتي أقيمت في الارجنتين , كما ارتبطت هذه البطولة بشكوك كثيرة ، ويرى الكثيرون أنها أتت نتيجة التواطؤ بين حكومتي الأرجنتين والبيرو.
وأيضًا ، خلال تصعيد الأجواء المتوترة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي بعد احتلال الجيش الأحمر لأفغانستان ، قاطعت الولايات المتحدة وجميع حلفائها الغربيين أولمبياد موسكو عام 1980 ولم يشاركوا فيها.
اللوبي العربي ضد إيران في الاتحاد الآسيوي
يمكن اعتبار تدخلات اللوبي العربي في قرارات الاتحاد الآسيوي لكرة القدم وحتى الفيفا من أبرز مظاهر التدخل السياسي في الرياضة ، حيث تسعى الحكومات إلى تحقيق طموحاتها السياسية من خلال الأحداث الرياضية في ظاهرها. والان وللمرة الثانية في السنوات الأخيرة ، أصدر الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ، برئاسة الشيخ البحريني سلمان بن إبراهيم آل خليفة ، والذي نهجت حكومته سياسات معادية لإيران وللشيعة في المنطقة والتي تغلبت على السعوديين حتى ، قراراً بعدم إقامة المسابقات الدولية لكرة القدم على الاراضي الإيرانية بذريعة مضحكة وهي عدم وجود الأمن في ايران.
وبالتأكيد ، كما قال المسؤولون السياسيون والرياضيون الإيرانيون انه يجب أن يعزى هذا التصويت إلى اللوبي السعودي الذي ما فتئ يكافح لسنوات من خلال إنفاق دولارات النفط في المقام الأول على تغطية الإخفاقات التي تعرضوا لها في مجال التطورات الإقليمية مقابل محور المقاومة. ومن ناحية أخرى ، الوقوف إلى جانب سياسة ترامب التي تتمثل بالضغط الأقصى ، لتفاقم السخط الشعبي في إيران من خلال الدعاية الإعلامية وتشويه صورة الظروف في البلاد. كما يظهر دور الشيخ سلمان بشكل واضح وراء كواليس التصويت السابق للاتحاد الآسيوي لاجراء مباريات الفرق الإيرانية والسعودية في دولة ثالثة ، والذي كان أمل السعوديين الأول من أجل إدانة دولة تعد واحدة من أكثر الدول أمناً في العالم ، بانعدام الامان.
توغل الفساد في هيكل منظمة ال FIFA ، حتى أصبح مكانًا للكيانات ومنبراً لتأثير الحكومات والمافيا الرأسمالية ، القضية الموثقة بشكل جيد ، كما في حالة عندما كشفت وسائل الإعلام تمامًا عن دور دولارات النفط القطرية في استضافة كأس العالم 2020 لدرجة ان المسؤولين في منظمة الفيفا أجبروا على التنحي. ومن المتوقع للغاية أنه مع إغراء السعوديين ، فإن الدول الصغيرة جدًا والتي ليس لديها كرة قدم حتى ستصوت ضد إيران في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.
انعدام الامن في ايران أم في الخليج الفارسي؟
ولكن بالإضافة الى تدخلات اللوبي في الاتحاد الآسيوي أو العداء بين إيران والمملكة العربية السعودية ، فالشيء الذي يثبت أنه القرار الأخير هو قرار سياسي محض هو الاهتمام بمقارنة مستوى الأمن في إيران والعديد من الدول التي يسمح لها الاتحاد الآسيوي باجراء المسابقات الدولية على أرضها.
فالمملكة العربية السعودية هي واحدة من البلدان التي دخلت في حرب مع اليمن خلال السنوات الأخيرة. وخلال هذه الحرب ، تعرضت المراكز العسكرية والاقتصادية الحساسة ، بما في ذلك المطارات الدولية في عمق المملكة العربية السعودية ، لهجمات الصواريخ والطائرات بدون طيار اليمنية. وهذه التهديدات التي لم تقل فحسب بل أثبتت بمرور الوقت أن قدرة اليمنيين واستعدادهم لمواصلة هذه الهجمات قد ازدادت. ودولة الإمارات العربية المتحدة هي الأخرى في وضع مماثل للمملكة العربية السعودية.
ومن ناحية أخرى ، تجدر الإشارة إلى أن هذه البلدان ، خاصة التي تستضيف القواعد الأمريكية في المنطقة ، مهددة بالهجوم والرد الانتقامي من قبل ايران في أعقاب التطورات الأخيرة في المنطقة ، لا سيما في اغتيال الشهيد قاسم سليماني ، ومن الطبيعي ان الاتهام بانعدام الأمن ينطبق على هذه البلدان وليس على إيران.