الوقت- مرت خمس سنوات على قيام تحالف العدوان الذي تقوده السعودية بشن حرب عبثية على اليمن، ومع استمرار هذه الحرب الوحشية، زادت معاناة أبناء الشعب اليمني الفقير، وتفاقمت اوضاعهم الإنسانية. وفي هذه الأثناء، قدمت وزارة حقوق الإنسان اليمنية تقريراً جديداً يوم الثلاثاء الماضي يكشف عن أوضاع أبناء الشعب اليمني المأساوية والجرائم التي ارتكبتها قوات تحالف العدوان السعودي الاماراتي على مدى الخمس سنوات الماضية، وفي سياق متصل كشف هذا التقرير عن عدد الشهداء والجرحى اليمنيين خلال الأيام الـ 1700 الماضية وأشار هذا التقرير أن الضربات العسكرية التي نفذتها مقاتلات الجو التابعة لتحالف العدوان قتلت خلال تلك الفترة الزمنية أكثر من 43 ألف مدني في عدد من المحافظات اليمنية.
استراتيجية الإبادة الجماعية؛ الأطفال هم الضحايا الرئيسيون في الحرب
عجز نظام آل سعود خلال السنوات الماضية عن مواجهة أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية على الأرض ولهذا فلقد استعان بشكل كبير على طائراته المقاتلة لشن الكثير من الهجمات الجوية الوحشية على العديد من المناطق والمحافظات اليمنية وهذا الضربات الجوية البربرية تسببت بمقتل الالاف من الابرياء اليمنيين وخاصة من الاطفال الذين أصبحوا الضحايا الرئيسيين لهذه الحرب العبثية. وحول هذا السياق، كشف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن في تقرير صدر في 30 نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، إن أكثر من 50٪ من اليمنيين الذين قتلوا في هذه الحرب، هم من النساء والأطفال.
وقد وصف خبراء حقوق الإنسان وضع الأطفال اليمنيين والجرائم التي تقوم بها قوات تحالف العدوان في حقهم بأنها عبارة عن إبادة جماعية لهولاء الأطفال وذلك لأن اولئك الاطفال كانوا أكثر تأثرًا بالحصار الجائر من أي فئة عمرية أخرى، حيث قتل الآلاف منهم إثر القصف الجوي والبري والبحري التي نفذته قوات تحالف العدوان والبعض منهم مات من الجوع جراء الحصار الجائر التي فرضته دول تحالف العدوان على المنافذ البرية والبحرية والجوية اليمنية والبعض منهم مات بسبب الامراض والاوبئة التي انتشرت في العديد من المناطق اليمنية بسبب انعدام وجود الادوية الضرورية لمكافحة مثل هذه الامراض والاوبئة، والاطفال الذين نجوا من كل تلك الظروف يمكن تقسيمهم إلى مجموعتين: المجموعة الاولى هم اولئك الاطفال الذين أصبحوا أيتاماً بسبب موت أبائهم وأمهاتهم والمجموعة الثانية من هولاء الأطفال هو اولئك الاطفال الذين لم يعد لديهم روح الطفولة وذلك لأن أسرهم لا تستطيع تحمل نفقات ما يحتاجون إليه بسبب الحصار والجوع.
وحول هذا السياق، أفاد عدد من المسؤولين اليمنيين، بما في ذلك مسؤولون من وزارة الصحة اليمنية، أن خمسة ملايين طفل يمني يعانون من سوء التغذية، منهم مليونان و 900 ألف طفل، يعني 55 بالمئة من الأطفال دون سن الخامسة، في حين أن 30 بالمئة من الأطفال يعانون من العديد من الأمراض ويحتاجون للسفر للعلاج، حيث كشفت العديد من التقارير أن العشرات من أولئك الأطفال ماتوا قبل أن يتلقوا العلاج. كما أن 7516 طفلاً قتلوا وجرحوا جراء القصف المباشر لمقاتلات تحالف العدوان على المناطق السكنية وذكرت تلك التقارير أيضا بأن هناك ما لا يقل عن مليوني طفل يمني لا يذهبون إلى المدرسة.
الحصار الجائر على أبناء الشعب اليمني
بذلت الامم المتحدة الكثير من الجهود خلال حوالي خمسة عشر شهراً لإدراج الحكومة السعودية وحلفائها في القائمة السوداء لمنتهكي حقوق الاطفال وهنا تجدر الاشارة إلى أن الشيء الذي دفع هذه المنظمة العالمية إلى إلقاء اللوم على "آل سعود" في قتل الأطفال اليمنيين، ليس القصف المستمر التي تنفذه طائرات تحالف العدوان السعودي على العديد من المناطق اليمنية فحسب، بل إن الحصار البري والبحري والجوي على اليمن قد تسبب أيضا بالكثير من المخاطر الجسيمة والكارثية على أبناء الشعب اليمني، وخاصة الأطفال اليمنيين.
لقد فرض تحالف العدوان السعودي الاماراتي حصار بري وبحري وجوي خانق على اليمن منذ بداية العدوان، ما جعل من الصعب على اليمنيين الوصول إلى المساعدات الإنسانية الدولية. كما أن النظام السعودي عقب توقيعه اتفاقية ستوكهولم في ديسمبر 2018 مع قوات "أنصار الله" والتي كان من شأنها إنهاء الحصار الجائر على ميناء الحديدة الاستراتيجي، قام بالتنصل من تلك الاتفاقية وهذا الامر تسبب في حدوث مجاعة انسانية لا نظير لها في الكثير من المناطق اليمنية.
وحول هذا السياق، كشف تقرير لمنظمة حقوق الانسان قبل عدة أسابيع خلال الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان ، أن اليمن أصبحت بلداً غير آمن وتفتقر إلى الكثير من المرافق اللازمة والضرورية لحياة الناس وأن الكثير من أبناء الشعب اليمني يعيشون في جوع ومعاناة كبيرة. ووفقًا لهذا التقرير، يعيش الملايين من اليمنيين تحت خط الفقر بسبب الحصار الجائر ونقص المواد الغذائية وانهيار العملة الوطنية وانتشار الفساد على نطاق واسع داخل الدوائر الحكومية. كما أشار هذا التقرير أيضًا إلى وجود المئات من اليمنيين في سجون سرية تابعة لتحالف العدوان.
السجون السرية الرهيبة؛ قصص التعذيب والقتل والاغتصاب
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقرير لأول مرة في عام 2017 عن وجود 18 سجناً سرياً تابعاً للإمارات العربية المتحدة في اليمن. لكن تقريراً صادراً عن وكالة "أسوشيتيد برس" في يونيو 2017 حول "السجون السرية في اليمن"، كشف عن رواية جديدة لهذه الفضيحة الكبرى، والتي تبين أن الإمارات كانت واحدة من أهم الأطراف التي شاركت في هذه الفضيحة. وكشف تحقيق أجرته وكالة "أسوشيتد برس" عن وجود شبكة سجون سرية في اليمن تديرها دولة الإمارات، ويخضع فيها المعتقلون لصنوف مختلفة من التعذيب. وقالت الوكالة إنها وثقت وتحققت من حوادث لاختفاء مئات الأشخاص في هذه السجون السرية بعد اعتقالهم بشكل تعسفي في إطار ملاحقة أفراد تنظيم القاعدة. وبحسب المعلومات التي أوردتها الوكالة، فإن هذه السجون كانت تشهد حالات تعذيب وحشية تصل إلى حد "شواء" السجين على النار. وأقر عدد من المسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية بأن واشنطن شاركت في استجواب محتجزين في هذه المعتقلات السرية التي تشرف عليها قوات يمنية وإماراتية، وبأنها تستطيع الوصول بشكل دائم إليها، وهو ما قد يشكل انتهاكا للقانون الدولي. وأوضح هذا التحقيق الذي قامت به وكالة "أسوشيتد برس" أن هذه السجون توجد داخل قواعد عسكرية ومطارات وموانئ يمنية عدة، بل حتى في مبان سكنية. كما أشارت هذه الوكالة إلى أنها وثقت ما لا يقل عن 18 سجناً سرياً في جنوب اليمن تحت إدارة الإماراتيين أو القوات اليمنية التي شكلتها ودربتها الإمارات، وفق تقارير جمعتها من معتقلين سابقين وعائلات السجناء ومحامين وحقوقيين ومسؤولين عسكريين يمنيين.