الوقت- تجرى التحضيرات العسكرية على قدم وساق إستعداداً لمعركة صنعاء الكبرى التي ستحدّد المصير النهائي للعدوان السعودي على اليمن. المعركة المرتقبة بعد شهرين من الآن، وفق ما أعلن وزير الخارجية المستقيل، رياض ياسين، قد ترسم مستقبل المنطقة، لا اليمن فحسب، بإعتبار أن أي نصر عسكري سيتبعه نصر سياسي يتكلّل بإنحسار مشروع الفريق الخاسر وإنكفائه عن الساحة اليمنية، فضلاً عن خسارة محوره الإقليمي لأحد أبرز الساحات في الآونة الاخيرة.
لا تزال التعزيزات العسكرية السعودية في محافظة مآرب تتدفق إلى الأراضي اليمنية، حيث أكدت مصادرميدانية دخول دفعة تعزيزات عسكرية ثالثة للقوات الغازية، الجمعة 28 أغسطس / آب 2015، الى مأرب قادمة من السعودية عبر منفذ الوديعة الحدودي . وقد ضمّت هذه الدفعة أرتال من الدبابات والدروع وقطع المدفعية وكاسحات الألغام والناقلات المحملة بآلاف المقاتلين اليمنيين المدربين حديثاً إلى محافظتي مأرب والجوف شمال شرق اليمن منذ عدة أسابيع . وكانت وصلت تعزيزات مشابهة وكبيرة إضافةً إلى مئات المقاتلين الذين تم تدريبهم وتسليحهم بمنطقة العبر حضرموت، إلى محافظة مأرب، على التوالي في 9 يوليو ويومي 20 و 22 أغسطس، ووصلت مطار صافر بمحافظة مأرب، الأربعاء 26 أغسطس، طائرات مقاتلة نوع "اباتشي"، حسبما أفادت بعض المصادر المحليّة.
بالتوازي مع التحضيرات العسكرية تبذل حكومة الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي جهوداً سياسية لشق الصف اليمني، وبالتحديد بين أنصار الله والمؤتمر الشعبي، إضافةً إلى جهود جديدة للتواصل مع الشخصيات والقيادات العسكرية والأمنية في العاصمة صنعاء ومحيطها لخطب تأييدها.
ولكن، إن أكثر ما يحزن في المشهد اليمني قبيل معركة صنعاء، هو ما أعلنه الوزير ياسين من القاهرة عندما رفض التعليق على تواجد الجنود الإماراتيين والسعوديين، موضحاً أن "أغلبية المشاركين في العمليات القتالية يمنيون ومن الجيش الوطني والمقاومة الشعبية " . ربّما أراد ياسين المقيم في الرياض، أن يثبت وطنية "مرتزقة" السعودية، ولكن لو كانت مشاركة هؤلاء في قتال جيشهم الوطني واللجان الشعبية تهدف لتحقيق اهدافهم الخاصة، لكان الوضع أفضل بكثير بإعتبار أنهم يحاربون لتحقيق أهداف قد تعود عليهم بفائدة معيّنة، بصرف النظر عن صحّة مشروعهم.
ولكن المخزي حالياً ان يقود آل سعود معركة صنعاء خدمةً لمصالحهم السياسية على دماء اليمنيين، سواء من الحلفاء او الاعداء، فهل فكّر هؤلاء الشباب انهم يخسرون أرواحهم مقابل بعض الاموال النفطية وفي سبيل تحقيق أهداف محمد بن سلمان؟ هل فكّر الشباب المُغرّر بهم لماذا لا تقوم السعودية بمهاجمة صعدة برياً بإعتبارها معقل حركة انصار الله؟ هل تسائل هؤلاء لماذا يتوجّب عليهم دفع التكاليف خدمة للسعودية، أو لقياداتهم التي ترسل أبنائها إلى خارج البلاد حفاظاً عليهم في حين تضحّي بالبقية؟ ليت هذا العدوان لم يكن، أو كان بين الجيش واللجان الشعبية من ناحية، والقوات السعودية ومرتزقة الخارج فقط من ناحية آخرى.
في المقابل، ورغم كافّة التحضيرات التي يجريها المحور السعودي، تؤكد حركة «أنصار الله» إستعدادها لمواجهة هذه التحضيرات وإلحاق الهزيمة الكبرى بالسعودية على أبواب صنعاء، المدينة التي لم يدخلها أي محتل طوال التاريخ. عضو المجلس السياسي لحركة «أنصار الله»، محمد البخيتي، يؤكد أن استعدادات الجيش واللجان الشعبية "تتجاوز مجرد حفر الخنادق وإقامة التحصينات في المحيط الجغرافي لصنعاء" ، ويشير إلى أن "خطوط الدفاع عن العاصمة تقع في مأرب نفسها وعلى حدود محافظتي الجوف وصعدة مع مملكة آل سعود " .
رغم الطبيعة المنبسطة للجنوب اليمني، وتركيبتة المختلفة عن الشمال، ما زالت الإشتباكات مندلعة في مدينة عدن، المحافظة التي يصر مسؤولوها على أنها باتت محررة بالكامل، إشتباكات يومية بين ميليشيات هادي بدعم سعودي-إماراتي وبعض فصائل ما عرف لاحقاً بـ "المقاومة الشعبية"، وهي خليط من مسلحي القاعدة وعناصر سلفية وثالثة تابعة لحزب التجمع اليمني للإصلاح، وأخرى محلية تطالب بانفصال الجنوب عن شماله . فكيف سيكون حال مرتزقة السعودية في حال وقعت معركة صنعاء الكبرى؟
في الحقيقة، وعند الحديث عن معركة صنعاء التي ستكون بداية النهاية للعدوان السعودي على الشعب اليمني، لا بد من الإشار إلى النقاط التالية:
أولاً: إن الإنسحاب التكتيكي لحركة أنصار الله لا يعني تراجعهم ميدانياً، وهذا ما يمكن إستشفافه من الخلاف الحالي بين العديد من الفصائل المتواجدة هناك. نجحت أنصار الله، عبر هذا الإنسحاب التكتيكي، في تشديد الخلافات القائمة بين مرتزقة السعودية على مختلف إنتماءاتها.
ثانياً: إن معركة صنعاء ستكبّد القوات المهاجمة الآلاف من القتلى، خاصةً أن القوات السعودية نفسها، وفي أماكن منبسطة جغرافياً تتعرّض لضربات موجعة، فكيف بالقوات التي تدرّبت على أيادي السعودية لفترة وجيزة، ولا تمتلك أي خبرة ميدانية تذكر؟
ثالثاً: إن معركة صنعاء تعتبر فرصة ذهبية للقضاء على مرتزقة السعودية، خاصةً أن اللجان الشعبية تدرك جيداً فلسفة الميدان وتفقه الهجوم في"حرب الشوارع"، فكيف إذا كانت هي القوّة المدافعة؟. هل إنسحاب «أنصار الله» هو بمثابة الإستدارج إلى أبواب صنعاء لتوجيه ضربتهم القاضية لآل سعود، لا ندري ربّما.
رابعاً: تركّز حالياً حركة أنصار الله على الجنوب السعودي، مقابل الجنوب اليمني، ولا ندري إذا ما ستتطور المعادلة إلى عسير وجيزان ونجران مقابل صنعاء، وربّما الرياض أيضاً!َ
في الخلاصة، إن أبواب جهنم سوف تفتح على السعودية عند بدء معركة صنعاء الكبرى، فأين من أبوابها سيختارون، ليس ثمّة فرق، فكلّ أبواب المدينة تؤدي إلى جهنّم.