الوقت- بدأت "حمّى" التطبيع تنتشر في العالم العربي بعد أن شرع بعض زعماء العرب لاسيما الخليجيين منهم ابوابهم أمام زعماء الصهاينة، وساهم في ذلك مباركة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لهذه الخطوة، خاصة وأن العديد من زعماء العرب تم تنصيبهم ملوكاً ورؤساء عن طريق أمريكا التي توفر الحماية لمعظمهم، ناهيك عن القواعد العسكرية الامريكية التي تنشرها واشنطن في بلادهم، وبالتالي ضغوط واشنطن عليهم سيكون لها تأثير كبير في تمرير اي صفقة تريدها أمريكا، والصفقة اليوم تتمحور حول التطبيع مع كيان العدو الاسرائيلي، إلا أن زعماء الدول التي تريد التطبيع مع "اسرائيل" لايزالون يخافون من نتائج ذلك داخل مجتمعاتهم ومدى قبولها لهذا الأمر.
الخطوة الجديدة التي أقدمت عليها واشنطن هذه المرة وجاءت على لسان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كانت عبر الطلب من 4 دول عربية لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، بحث عقد اتفاق جديد مع تل أبيب، بحسب القناة العبرية "13".
وادعت القناة العبرية، أن الإدارة الأمريكية توجّهت إلى أربع دول عربية لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، هي الإمارات والبحرين وسلطنة عمان والمغرب، بطلب يقضي توقيع اتفاقية عدم اعتداء بينها وإسرائيل.
هذا الطلب لم يلقَ استحساناً لدى الشارع المغربي، ليرد مرصد مناهضة التطبيع في المغرب على هذا الأمر، ويقول إن الكيان الصهيوني كيان إرهابي ولا يمكن التوقيع على اتفاقية "عدم اعتداء مع إسرائيل".
وتعليقا على ما تم تداوله من كون المغرب يتعرض للضغط قبل زيارة وزير الخارجية الأمريكي بومبيو للمغرب، وذلك لدفعه إلى التوقيع على اتفاقية "عدم اعتداء مع إسرائيل"، نشر المرصد المغربي لمناهضة التطبيع بلاغاً مندداً بذلك، ومؤكداً أن الكيان الصهيوني، كيان إرهابي عدو للمغرب.
وجاء في البيان أن الكيان الصهيوني كيان إرهابي مغتصب للأرض وقاتل للآلاف من البشر ومرتكب للمئات من الجرائم ضد الإنسانية والمحتجز للآلاف من المختطفين ومجهولي المصير عبر تاريخه.
وختم المرصد بيانه بكلمة واحدة، جاء فيها "الكيان الصهيوني كيان عدو للشعب المغربي ولكيان المغرب.. ومن أراد أو حاول الزج بالمغرب في مستنقع التطبيع هنا بالدولة أو بالمجتمع فهو مجرد "عميل مطبع خادم مطيع لدوائر الصهيونية وكيانها الإرهابي".
الواضح ان المناخ العربي ما زال رافضاً لفكرة التطبيع، والكثير من زعماء الدول العربية لا يزالون يخافون من نتائج إعلان التطبيع العلني مع "إسرائيل"، لذلك يعمدون إلى فتح قنوات مع "اسرائيل" من خلال نشاطات ثقافية ورياضية وكذلك اقتصادية، تمهيداً للإعلان الكبير، إلا ان الشعب العربي والخليجي لا يزال رافضاً لهذه الفكرة ويحاربها بشراسة، خاصة وان المجتمع الدولي لم يقدم على اي خطوة ايجابية تجاه فلسطين والفلسطينيين، وجميع القرارات التي يتم اتخاذها تكون لمصلحة "اسرائيل"، ابتداءً من الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وليس انتهاءً بصفقة القرن التي تهدف لتصفية القضية الفلسطينية.
بالعودة إلى تفاصيل الاتفاقية الجديدة، فقد رأت القناة العبرية أن البيت الأبيض تحدث مع سفراء الدول الأربع، بهدف التوصل لاتفاق جديد مع إسرائيل، يكون نواة جيدة للتطبيع الكامل مع تل أبيب، فيما أجاب الدبلوماسيون بأنهم سيعودون سريعاً بالرد – دون رد نهائي – على حد قول القناة.
وأكد المحلل السياسي للقناة العبرية، الإعلامي باراك رافيد، أن البيت الأبيض تحدث مع ممثلين إسرائيليين وعرب وأمريكيين حول الأمر نفسه، وهي المحادثات التي تناولت الافتراض أن تكون هذه الاتفاقية بعدم الاعتداء بينها وبين إسرائيل، كخطوة أولية للتطبيع الكامل، وهي خطوة تأتي بدلاً من العلاقات السرية التي تسود هذه العلاقات – في الوقت الحالي – وهي خطوة أيضاً أقل حدة من اتفاق سلام أو علاقات دبلوماسية أو تطبيع كامل.
ونقلت القناة العبرية عن مصادر – لم تسمها – أن نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي، فيكتوريا كواتس، التقت الأسبوع الماضي مع سفراء هذه الدول الأربع في واشنطن، حيث وجّهت لهم هذه الدعوة أو الطلب الأمريكي الخاص باتفاقية "عدم اعتداء" ومدى رأيهم في الموضوع.
وأوضح السفراء الدبلوماسيون الأربعة أنهم سيعودون لرؤسائهم وقاداتهم وسيعودون قريباً بالرد.
وأشارت القناة العبرية إلى أنه يوم الثلاثاء والاثنين الماضيين، أجريت مباحثات مكثّفة في البيت الأبيض، حيث شارك في هذه المباحثات طاقم أمريكية وبعثة إسرائيلية وممثلين عن الأمن القومي ووزارة الدفاع ووزارة العدل.
وزعمت القناة العبرية على موقعها الإلكتروني أن نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي، فيكتوريا كواتس، توجّهت إلى سفراء الدول الأربعة بخطة أو فكرة وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس – دون ذكرها.
ومن المعروف أن كاتس سبق وأن طرح مشروع ربط السعودية والدول الخليجية بشبكة لسكك الحديد، تربط ميناء حيفا والموانئ الإسرائيلية الأخرى على البحر الأبيض المتوسط بالدول الخليجية.
وكان الوزير الإسرائيلي قد أشار في تصريحات صحفية سابقة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إلى أن إسرائيل تعمل على تسوية "اللاحرب" مع الدول الخليجية، كما اتهم إيران بأنها التهديد الرئيسي في المنطقة، من خلال دعمها لمنظمات "إرهابية" على حد تعبيره، مضيفاً إن العقوبات الأمريكية على إيران مهمة ويجب استمرار الضغط عليها.
ونقلت صحيفة "معاريف" العبرية عن كاتس في تصريحات أدلى بها في مؤتمر "جيروزاليم بوست" الدبلوماسي السنوي، في 21 نوفمبر/تشرين الثاني: أمريكا تعمل إلى جانب إسرائيل على تسوية الحرب بين إسرائيل والدول الخليجية.
وأضاف كاتس، أنه "بموجب خطة الرئيس ترامب للسلام، سيتم بناء خط سكة حديد يربط الخليج الفارسي عبر الأردن إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط في مدينة حيفا".
وفي عودة للقناة العبرية الـ"13"، فإن كاتس سبق أن التقى بنظيره العماني، يوسف بن علوي، على هامش اجتماعات الأمم المتحدة بنيويورك، في نهاية شهر أيلول الماضي، وكذلك مع وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، وطرح المبادرة أمامهم – دون الإشارة إلى أي مبادرة، هي مبادرة السكك الحديدية أم مبادرة عدم الاعتداء، وإن بدا أنها المبادرة الأولى فحسب.
ونوهت القناة العبرية إلى أن توجّه البيت الأبيض إلى سفراء الدول العربية الأربعة، ليس مؤثراً ولكنه خطوة أولية في هذا الطريق.
وذلك كله رغم الحالة السياسية الإسرائيلية المتراجعة، واحتمال دخول البلاد في انتخابات برلمانية ثالثة، فضلاً عن تخوّف الدول العربية ككل من الدخول في التطبيع مع إسرائيل دون مناقشة الملف الفلسطيني أو تسوية القضية الفلسطينية.
ولفتت القناة العبرية على موقعها الإلكتروني، وعبر تغريدات عدة للمحلل السياسي، باراك رافيد، إلى أن مصدراً في البيت الأبيض لم ينف كل هذه التفاصيل، وإنما قال إن أمريكا تبارك توسيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية عاملة، ومنطقة الشرق الأوسط وحلفائها فيها.
وتابع المصدر الأمريكي، قائلا: لكننا لا نتحدث عن مباحثات سياسية سرية وليس لدينا علم بهذا الأمر في الوقت الحالي.
ومن المعروف أن وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، قد أعلن، يوم الاثنين الماضي، أن وفداً إسرائيلياً وصل إلى واشنطن لبحث إمكانية التوصل لاتفاق عدم اعتداء بين إسرائيل والدول الخليجية.
في الختام.. فيروس التطبيع مهما كان قوياً لن يتمكّن من اختراق جسد الشعوب العربية التي ستحاربه بكل ما أوتيت من قوة، وربما إعلان التطبيع من قبل بعض الأنظمة العربية سيمهّد الطريق لنهايتها والقادم سيوضح عن ماذا نتحدث.