الوقت- تميز ملك السعودية الجديد سلمان بن عبد العزيز بسرعته في اتخاذ القرارات والمراسيم الملكية على عكس أسلافه من الملوك وخاصةً الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي تميزت سياسته بالتغير الهادئ والبطيء داخل السعودية، غير أن الملك سلمان قام بإصدار ستة مراسيم ملكية في الساعات الأولى لجلوسه على العرش وقبل أن يوارى سلفه الثرى جاءت هذه المراسيم لتعد انقلاباً على الملك الراحل ولتغير وجه السياسة الداخلية والخارجية للسعودية.
أبرز المراسيم التي أصدرها الملك سلمان والتغييرات التي أجراها داخل الحكم تأتي في إطار إزاحة المقربين من الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز عن المناصب المهمة والحساسة وإعادة الجناح السديري الى واجهة الحكم بعد غياب طويل وتهيئة المناخ لصعود نجله الأمير محمد بن سلمان ليتسلم دفة الحكم فيما بعد، فقد قام الملك سلمان بعزل الأمير مقرن بن عبد العزيز من منصب ولاية العهد ومنصب نائب رئيس الوزراء وتعيين الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود في منصب ولي العهد ووزيراً للداخية في حين عين ابنه الأمير محمد بن سلمان ولياً لولي العهد ووزيراً للدفاع.
يسعى الملك سلمان منذ اليوم الأول لتوليه الحكم في السعودية والى يومنا هذا لتقديم كافة أشكال الدعم والتسهيلات لنجله الأمير محمد بن سلمان ولإبرازه على أنه الرجل البالغ القادر على تحدي الصعاب وقيادة الدولة وهذا ما يفسر تعيين الملك سلمان ابنه لقيادة أقوى وزارة ألا وهي وزارة الدفاع وإطلاق يد الأمير الشاب للتحكم بالكثير من المفاصل الأساسية للدولة وإتخاذ القرارات المصيرية والحساسة كقرار شن الحرب على اليمن حيث كان للأمير محمد بن سلمان اليد الطولى في إتخاذ هذا القرار.
إن صعود الأمير محمد بن سلمان بهذه القوة والسرعة أدى الى تخوف البعض في داخل العائلة المالكة من الاندفاع الكبير لدى الأمير الشاب لإتخاذه قرارات مهمة تتعلق بأمن السعودية وسياستها الخارجية ولجهة إظهار نفسه على أنه الأمير الكفؤ القادر على إدارة وقيادة البلاد أكثر من الأمراء الذين يكبرونه سناً وتوظيف ذلك في سياسته وسياسة والده الملك سلمان لتهيئة الظروف من أجل وصوله الى رأس هرم السلطة في السعودية على حساب باقي الأمراء من أبناء العمومة وهذا ما نجح فعلاً الملك سلمان بترويجه خلال فترة الأربعة أشهر من حكمه إلا أنه يوجد عقبات كثيرة أمام وصول ابنه الى رأس السلطة وأهمها هي تخطي ابن شقيقه الأمير محمد بن نايف الذي يشغل منصب ولي العهد ووزير الداخلية إلى جانب إقناع الأمراء الآخرين من أبناء العمومة الأكبر سناً بالقبول بالأمير الشاب ولياً للعهد.
إذا أراد الأمير محمد بن سلمان إنتظار وفاة والده وتتويج الأمير محمد بن نايف ملكاً للسعودية ليصبح هو ولي العهد فهذا خيار خطير وغير مضمون وذلك لأن الملك في السعودية يملك جميع الصلاحيات الدستورية والقانونية إذ يستطيع الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز بعد توليه الخلافة أن يعفي الأمير محمد بن سلمان من منصب ولي العهد ويكون بذلك قد فقد محمد بن سلمان الحكم وأُبعد بشكلٍ كامل عن السلطة، ولذلك يجب على الملك ونجله القيام بعزل الأمير محمد بن نايف من ولاية العهد وتعيين الأمير محمد بن سلمان في هذا المنصب لكي يضمن الملك سلمان تولي ابنه للخلافة سواءً خلال فترة حياته أو بعد وفاته وهذا ما لن يتم لجهة أن الأمراء الآخرين من آل سعود والذين تم تهميشهم وسحب المناصب منهم منذ بداية حكم الملك سلمان بالإضافة الى الأمير محمد بن نايف قد يقدمون على منع استلام الأمير محمد بن سلمان لولاية العهد بالقوة والقيام بانقلاب على الملك سلمان وذلك بالإتفاق مع هيئة البيعة وعزل الملك سلمان عن الحكم لدواعٍ صحية تمنعه من ممارسة مهامه وصلاحياته كملك للبلاد ولكن هذا ما لا تريد العائلة الحاكمة في السعودية أن يحصل ولذلك فهم يعملون جاهدين لمنع عزل الملك سلمان لولي العهد محمد بن نايف وتعيين نجله محمد بن سلمان خلفاً له.
الأوضاع المعقدة للحرب السعودية على اليمن والصراعات الحالية داخل العائلة الحاكمة على الحكم لاتبشر، فالعائلة الحاكمة داخل السعودية انقسمت الى قسمين الموالون للملك الحالي سلمان والموالون للأمير متعب نجل الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز وقائد الحرس الوطني الحالي، وتشعب الملفات التي تمتد يد السعودية اليها من الحرب الجارية على اليمن وانعكاساتها الخطيرة على أمن السعودية الى خطر تنظيم داعش الإرهابي كل هذا يمكن أن ينذر بمستقبلٍ مجهول المعالم لأكبر مصدرٍ للطاقة في العالم.