الوقت- مع الإعلان عن مقتل أبي بكر البغدادي زعيم داعش إلى جانب زوجاته وأطفاله من قبل أمريكا، ثمة أسئلة وتكهنات تصدّرت الأخبار والتحليلات الإعلامية، حول خليفة البغدادي المحتمل، وكذلك مستقبل هذا التنظيم الإرهابي المخيف.
على مدى السنوات الماضية، وخاصةً بعد بدء هزائم داعش في العراق وسوريا، ما أدّى إلى الإطاحة بمركزين مهمّين لخلافة البغدادي المزعومة، أي مدينة الموصل في العراق ومدينة الرقة في سوريا، تردّدت شائعة مقتل البغدادي عدة مرات بشكل جاد، وفي كل مرة ظهرت أسماء لشخصيات بارزة من داعش كخلفاء محتملين.
لكن في السنوات الأخيرة، إما قُتل العديد من هذه الشخصيات البارزة في التفجيرات وعمليات مكافحة الإرهاب، أو انضم إلى مجموعات إرهابية أخرى بسبب الانقسامات الداخلية، ليصبح من الصعب توقّع الخيار الرئيس لخليفة البغدادي.
الآن أيضاً وبعد مقتل البغدادي، وتأكيد مقتل المتحدث باسم داعش "أبو حسن المهاجري" الذي كان يتم الإشارة إليه على أنه الخلف الأكثر ترجيحاً في الوضع الحالي، اختار داعش "أبو إبراهيم الهاشمي القرشي" خليفةً له.
لا أحد لديه أي معلومات محددة حول القرشي تقريباً، ولا أحد يعرف حتى اسمه الحقيقي، ويأتي إعلان القرشي كزعيم لداعش في حين أن وسائل الإعلام كانت قد تحدثت في الأيام الأخيرة عن اسم "عبد الله قرداش" كخليفة للبغدادي.
في الملف الصوتي الذي أصدره داعش على قناة التلغرام الخاصة به لتقديم قائد التنظيم الجديد، قيل إن القرشي هو مقاتل قد أصيب في المعركة ضد الدول الغربية، وهو قائد مخلص وذو خبرة.
ووُصف أيضاً بأنه "عالم، عامل وعابد"، و"شخصية بارزة في الجهاد" و"أمير حرب"، وتابع البيان أن تحديد القيادة تم من خلال رأي الشيوخ المؤيد وتوصيات أبي بكر البغدادي.
من البغدادي إلى القرشي.. أدوات لعبة الحكومات
كما قيل، لا يعرف الكثير عن هوية القرشي، وقد وصفه البعض بأنه أحد كبار قادة داعش، ومع ذلك، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تعليق على تويتر، إن واشنطن تعرف هوية زعيم داعش الجديد جيداً.
بينما تعمل أمريكا بجدٍّ لاستغلال مقتل البغدادي لإبراز دورها القيادي في مكافحة الإرهاب، لكن الخبراء والقادة السياسيين في بلدان المنطقة يرون أن القضية الحقيقية في مكافحة الإرهاب بشكل حقيقي، لا تتمثل في إزالة بعض العناصر الأساسية، بل مواجهة دائمة وحقيقية لأيديولوجية داعش للقضاء على الإرهاب في المنطقة، كما قال وزير الخارجية الروسي "سيرغي لافروف" إن البغدادي هو صنيعة أمريكا نفسها.
في الحقيقة، ما دامت الحكومات تستخدم الإرهاب والتطرف كأداة لتعزيز أهدافها ومصالحها في سلب الأمن من المنطقة، فإن قتل قادة الجماعات الإرهابية ليس سوى استعراض لإخلاء المسؤولية وإزالة التهمة عن نفسها فيما يتعلق بمساعدة الإرهاب.
تبعاً لذلك، فإن مقتل أبي بكر البغدادي يمكن أن يدمّر داعش بقدر ما استطاع مقتل أسامة بن لادن أن ينهي القاعدة! وفي الواقع، يتم استنساخ القادة الجدد لهذه المجموعات مع مرور الوقت، مع الدعم المالي والعسكري والدعائي.
مسار مستقبل داعش
ولكن بالإضافة إلى مسألة الخلافة، هناك أيضاً نقاش حول مستقبل هذا التنظيم الإرهابي.
يعتمد مسار التنظيم الآن على جيل جديد من القادة، الذين يتعيّن عليهم تحديد ما إذا كانوا سيواصلون تحقيق أهداف البغدادي أم سيختارون طريقاً جديداً.
القضية الرئيسة هي ما إذا كان هؤلاء القادة سيركّزون على استعادة السلطة المفقودة في السيطرة على مناطق الحكم في سوريا والعراق، أم سيهتمون بتعزيز أتباعهم في أماكن أخرى من العالم.
وفقاً للخبراء، فإن مزاعم داعش في تعيين الهاشمي خليفة المسلمين الجديد ووجوب مبايعته، يمثل محاولةً لمواصلة استراتيجيته العملياتية السابقة، على الرغم من أن التنظيم لم يعد يملك أراضٍ في سوريا والعراق، وأن موارده المالية باتت محدودةً بسبب فقدان الكثير من عائداته الضريبية ومبيعات النفط والمصنوعات اليدوية وما إلى ذلك.
تعدّ أفغانستان واحدة من أكثر البيئات المحتملة التي ستكون محور أنشطة التنظيم بعد هزيمة داعش في سوريا والعراق.
كما أدركت دول المنطقة هذا التهديد أيضاً، بحيث قال نائب الرئيس الإيراني "إسحاق جهانغيري" في لقائه مع الرئيس التنفيذي في الحكومة الأفغانية "عبد الله عبد الله" يوم الجمعة، إنه يبدو أن تنظيم داعش الإرهابي محاصر الآن في العراق وسوريا، ويسعى لنشر قواته في أفغانستان، ويجب أن تكون الحكومة الأفغانية حساسةً بشكل خاص في هذا الصدد، وأن تمنع جهود تنظيم داعش الإرهابي لجعل الحدود المشتركة للبلدين غير آمنة.
لقد أعلن داعش رسمياً تشكيل ولاية خراسان في عام 2014، تضم ولاية خراسان التابعة لداعش أفغانستان وإيران وتركمانستان وأوزبكستان وطاجيكستان ودول آسيا الوسطى الأخرى والجزء الذي يقطنه المسلمون في الصين.
مع تشكيل ولاية خراسان، كان داعش يسعى في الواقع إلى تغيير مركزيته في حال حدوث هزيمة في العراق وسوريا، ويجري هذا الأمر حالياً بالتخطيط الأمريكي.
