الوقت- كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن السعودية عيّنّت خلال الأيام القليلة الماضية وجهاً جديداً في طليعة أجهزتها الدبلوماسية والغريب في الأمر هنا أن ولي العهد السعودي بذل خلال الفترة الماضية الكثير من الجهود لتعيين شخصيات إصلاحية تواكب رؤية السعودية 2030 ولكنه هذه المرة قام بتعيين شخصية على رأس قائمة السلك الدبلوماسي كان له دور كبير في جريمة مقتل الصحفي السعودي المعارض "جمال خاشقجي" في قنصلية بلاده في اسطنبول وكان له أيضاً دور مهم في الحرب على اليمن.
وفي سياق متصل، ذكرت بعض التقارير أن الوزير الجديد الأمير "فيصل بن فرحان آل سعود" شغل منصب سفير السعودية لدى ألمانيا على مدى الأشهر القليلة الماضية وكان قبلها مستشاراً سياسياً بالسفارة السعودية في واشنطن.
كما سبق أن تولّى رئاسة مشروع مشترك مع شركة بوينغ الأمريكية لصناعة الطائرات، ولفتت تلك التقارير إلى أن هذه الشخصية الجديدة تنضم لمجموعة جديدة من كبار الدبلوماسيين السعوديين في الأربعينيات من العمر منهم سفيرا السعودية في أمريكا وبريطانيا.
واللافت أن "فيصل بن فرحان" 45 عاماً، هو أمير سعودي ولد في ألمانيا، وعيّن مستشاراً في وزارة الخارجية بمرتبة ممتازة منذ العام 2017، إضافة إلى كونه من المستشارين لدى الديوان الملكي، ويعدّ "فيصل بن فرحان" أحد الأمراء الذين لهم علاقة في الجوانب العسكرية، حيث كان عضواً في مجلس إدارة الشركة السعودية للصناعات العسكرية، إضافة إلى ترأّسه مجلس إدارة شركة "السلام" لصناعة الطيارات.
وفي هذا الصدد، كشفت بعض المصادر الإخبارية بأن "فيصل بن فرحان" الذي كان مستشاراً لولي العهد وسفيراً للسعودية في ألمانيا، خلف "ابراهيم العساف" الذي كان قد عُيّن في منصبه قبل عشرة أشهر فقط والذي أصبح الآن، بحسب أوامر ملكية، وزير دولة عضواً في مجلس الوزراء، وكان قد خلف "عادل الجبير" في منصب وزير الخارجية في كانون الأول 2018 بعد شهرين على مقتل الصحافي "جمال خاشقجي" في قنصلية بلاده باسطنبول.
وكان "العساف" البيروقراطي المحنّك، ضمن الذين تم احتجازهم في فندق "ريتز كارلتون" الرياض عام 2017 مع مئات من الأمراء ورجال الأعمال، في حملة وصفتها الحكومة بأنها لمكافحة الفساد. ويقول مسؤولون سعوديون إنه أطلق سراحه بعد أن تمت تبرئته من أي مخالفات ثم تولّى قيادة وفد حكومي إلى المنتدى الاقتصادي العالمي في "دافوس" 2018.
وكلّف "العساف" بالعمل على تحسين صورة السعودية في الخارج التي تضرّرت في أعقاب الجريمة التي نفّذها سعوديون قدموا من السعودية خصيصاً لذلك، وسيكون على الوزير الجديد تولّي هذا الملف، وكذلك التعامل مع التوترات الخطيرة مع إيران.
ويرى العديد من الخبراء والمراقبين، أن اختيار شخصية شابة وديناميكية لقيادة وزارة الخارجية السعودية، يعكس محاولة ولي العهد "محمد بن سلمان" لتدشين مرحلة دبلوماسية جديدة بعيداً عن الحرس القديم.
ويشير أولئك الخبراء والمراقبين إلى علاقة قوية بين الوزير الجديد وولي العهد الذي عمل مستشاراً له في 2017، كما أنه كان مستشاراً للسفير السعودي السابق في أمريكا الأمير "خالد بن سلمان"، شقيق ولي العهد، خلال فترة مقتل "خاشقجي".
وحول هذا السياق، أعرب "أندرياس كريغ"، الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في "كينغز كولدج" في لندن، أن هذا التعيين جزء من تغيير في الأجيال، الأمر الذي قد يخلق طبقة جديدة من القادة في السعودية مستقلة عن محركي السلطة التقليديين، ويساعد ولي العهد على ترسيخ نفوذه من دون الحاجة للاعتماد على الحرس القديم.
يذكر أن ولي العهد السعودي يبذل الكثير من الجهود لتلميع صورته بعد قضية مقتل "خاشقحي"، خصوصاً أنه يقدّم نفسه على أنه إصلاحي.
وفي السياق ذاته، تقول الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "شينزيا بيانكو": إن الوزير الجديد يتمتع بعلاقات قوية مع الغرب، مضيفة إنه يعتبر شخصية ديناميكية تعمل من منظور استباقي.
ومن ناحيته علّق الباحث في مؤسسة "تشاتام هاوس" البحثية البريطانية "نيل كويليام" وقال: "انظر إلى الفريق السعودي الذي يجري تشكيله في واشنطن ولندن، والآن وزير الخارجية الجديد.. الترسيخ يزداد ويتولّى المهمة الآن طاقم له علاقة بالغرب".
يذكر أن "بن فرحان" تولى منصبه هذا في وقت لا تزال السعودية فيه تحاول تخطي تبعات قضية "خاشقجي"، بالتزامن مع خوضها معركة دبلوماسية مع إيران وسط توتر ناجم عن هجمات استهدفت ناقلات نفط وسفن في مياه الخليج ومنشآت نفطية سعودية، قالت الرياض إن طهران تقف وراءها، وهو ما نفته الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ووزير الخارجية الجديد هو الدبلوماسي السعودي صاحب التصريحات الأكثر عداوة ضد إيران مؤخراً، إذ نقلت بعض وسائل الإعلام السعودية عنه في أيلول الماضي، قوله بأن "كل الخيارات مطروحة على الطاولة للرد على طهران"، تعقيباً على استهداف اثنتين من منشآت النفط بأرامكو السعودية.
وتابع تصريحاته، التي أدلى بها لتلك الوسائل الإعلامية، بأن "أيّاً كانت الجهة التي انطلق منها الهجوم فإن إيران تقف بالتأكيد وراء ذلك، حيث إنها قامت بتصنيعها ولا يمكن إطلاقها دون مساعدة إيرانية".
مضيفاً: "الهجوم الأخير يعتبر هجوماً على الاقتصاد العالمي، يجب على إيران تحمّل المسؤولية وإدراك أنه لا يمكن لها أن تقوم بهذا الأمر مجدداً"، وعادة ما تحتفي وسائل إعلام محلية بالسعودية، بـ"فيصل بن فرحان"، إذ لقّبته صحيفة عكاظ السعودية، عقب قرار تعيينه في ألمانيا قبل عدة أشهر بـ"سياسي الظروف الصعبة"، وقالت إن تعيينه كسفير للبلاد في ألمانيا جاء تأييداً للجهود السياسية والدولية التي بذلها الأمير السعودي خلال السنوات الماضية.