الوقت- لا تزال الكثير من علامات الاستفهام تحيط بالعلاقة السعودية - الإسرائيلية وكما يقول المثل الشعبي "لا يوجد دخان من دون نار"، والدخان الذي يتصاعد هذه الأيام من كواليس العلاقات بين الطرفين يوحي بأن التطبيع بينهما يسير على قدم وساق حتى ولو حاول بعض المسؤولين من هنا وهناك إخفاء هذا الأمر، إلا أن أغلبية الإسرائيليين مع مسؤوليهم يرغبون بالكشف عن خفايا التطبيع وإظهاره للعلن، لأنه يمثّل انتصاراً قوياً للسياسة الإسرائيلية ويمهّد الطريق أمام الصهاينة لاختراق الكثير من دول المنطقة إلا أن صمت المسؤولين السعوديين عن كواليس التطبيع والزيارات بين الطرفين يؤكد أن المناخ الشعبي السعودي لا يزال يرفض هذا التطبيع.
الجديد اليوم قام به مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى أو ربما أكثر من مسؤول، حيث كشفت تقارير إسرائيلية جديدة بأن شخصية رفيعة المستوى غادرت الأراضي المحتلة متجهة نحو السعودية عبر عمّان على اعتبار أن السلطات السعودية حتى كتابة هذه السطور ترفض تسيير رحلات مباشرة مع العدو الصهيوني.
المعلومات الجديدة ذكرها موقع "إينتل تايمز" العبري، حيث أكد أنه وثّق رحلة تنفيذية غامضة ليلة الـ23 من الشهر الحالي، انطلقت من تل أبيب فعمّان وصولاً إلى الرياض، وبعد الفحص والتتبع، تبيّن أنها طائرة أمريكية تؤمن خدمات رحلات تأجيرية، وربما كان ركابها أفراداً من نظام الاتصال والتنسيق الأمني الأمريكي. وتحدث معلّق الشؤون الأمنية والاستخبارية في موقع "واللا"، أمير بوخبوط، من جهته، عن "رحلة جوية غامضة إلى السعودية"، لافتاً إلى أن "طائرة مدنية من طراز تشالنجر 50 أقلعت يوم أمس من مطار بن غوريون، وطارت إلى عمّان وحطّت على الأرض دقيقتين لتبييض رحلتها، ومن ثم أقلعت إلى الرياض، هناك بقيت على المدرج حوالي 55 دقيقة، وعادت إلى مطار بن غوريون". وأشار بوخبوط إلى أن "وزير الدفاع الأمريكي، مارك إسبر، كان أمس (أول من أمس) في الرياض، وربما هناك علاقة"، مرجّحاً أن تكون الطائرة "قد أقلّت مسؤولاً إسرائيلياً رفيعاً، رئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو)، أو رئيس الموساد (يوسي كوهين)، على خلفية بحث الموضوع السوري".
والشهر الماضي، أفادت تقارير إعلامية إسرائيلية بأن طائرة إماراتية قامت برحلات أسبوعية بين الإمارات وإسرائيل، وأحياناً كانت تحلّق ثلاث مرات أسبوعياً على هذا الخط.
وقبل شهرين، كشف تقرير عن صفقة سرية بدأ العمل على نسجها منذ 10 سنوات، وكانت "إسرائيل" الجانب السري فيها، وبالنتيجة، فإن طائرة تجسس متطوّرة تقلع منذ أسابيع من قاعدة الظفرة الجوية في أبو ظبي، وتحلق لساعات في أجواء الخليج بهدف جمع معلومات استخبارية إلكترونية، من عدة دول أبرزها إيران.
وكانت الرحلات التجريبية التي تقوم بها مؤخراً إشارة إلى المراحل النهائية في الصفقة السرية لتزويد الإمارات بطائرة تجسس، والتي عمل عليها رجل الأعمال الإسرائيلي ماتي كوخافي، وتقدّر قيمتها بنحو 3 مليارات دولار.
وكشف عن هذه الصفقة نتيجة تسريب وثائق من مكتب المحاماة "Appleby" إلى الاتحاد الدولي للمحققين الصحافيين "ICIJ" (International Consortium of Investigative Journalists)، والصحيفة الألمانية "Sueddeutsche Zeitung"، وأطلق عليها "Paradise Papers". وبحسب الوثائق التي وصلت صحيفة "هآرتس"، فإن جزءاً من هذه الصفقة تم دفعه نقداً، كما ارتبطت الصفقة بأسماء مسؤولين كبار في الإمارات.
يشار إلى أنه لا توجد علاقات دبلوماسية بين "إسرائيل" والإمارات وباقي الدول الخليجية، إلا أن ذلك لم يمنع إقامة علاقات غير سرية بزعم وجود مصالح مشتركة على المستويات التجارية والعسكرية والدبلوماسية، وأهمها ما يتصل بإيران.
وكان قد أشار تقرير نشر في "وول ستريت جورنال"، هذا العام، إلى أن "إسرائيل" والسعودية والإمارات تتبادل المعلومات الاستخبارية بشأن إيران، كما أشار تقرير نشره "معهد طوني بلير"، في آب/ أغسطس من العام الماضي، إلى أن "إسرائيل" تدير علاقات تجارية تصل إلى مليار دولار سنوياً مع الدول الخليجية.
وكشف "الخليج أونلاين"، بتاريخ 28 أكتوبر 2018، عن إتمام السعودية صفقة شراء أجهزة تجسس عالية الدقة والجودة من "إسرائيل" قيمتها 250 مليون دولار أمريكي، نقلت للرياض، وبدأ العمل بها بشكل رسمي بعد أن تم تدريب الطاقم الفني المسؤول عن إدارتها وتشغيلها.
وشهد العامان الماضي والحالي سلسلة زيارات ولقاءات تطبيعية بين "إسرائيل" والسعودية في مجالات عدة؛ إذ كشفت وسائل إعلام عبرية عن زيارة اللواء أحمد عسيري، نائب رئيس المخابرات السعودي المقال، دولة الاحتلال عدة مرات في مناسبات مختلفة، كما وجه ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بالترويج للتطبيع مع "إسرائيل"، وفق ما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.
وبعد رفض قاطع في السنوات الماضية، دخل المنتخب السعودي لكرة القدم الأراضي الفلسطينية المحتلة عبر المعابر الإسرائيلية، وتعرّضت البعثة للتفتيش الإسرائيلي، منتصف أكتوبر الحالي، وذلك لخوضه مباراة أمام نظيره الفلسطيني، ضمن التصفيات القارية المزدوجة المؤهلة لكأس العالم (قطر 2022)، وكأس أمم آسيا (الصين 2023).
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ ذكرت تقارير سابقة أن "الكيان الإسرائيلي" يجري اتصالات سرية مع الجانب السعودي لبحث إنشاء مطار عسكري في عمق السعودية في منطقة حساسة بالقرب من مطار الأمير سلطان بن عبد العزيز الإقليمي، ويبعد ما يقارب كيلومترين عن مدينة تبوك الواقعة شمالي السعودية.
المطار العسكري سيكون مغلقاً بحسب مصادر عربية رفيعة المستوى تحدثت لموقع "الخليج اونلاين"، وسوف تستأجر "إسرائيل" من السعودية هذه المنطقة العسكرية نظير مقابل مادي طويل الأمد.
هل حقاً هذه الذريعة كفيلة بأن يقبل حكام السعودية بالدعس على جميع المبادئ التي نشأت عليها السعودية وشعبها، هل حقاً إيران هي من تدمّر فلسطين وشعبها وتنتهك حقوق المسلمين وتدعم الإرهاب في سوريا والعراق أم "إسرائيل"؟.