الوقت- يبدو أن جميع من ساهم في تدمير اليمن وصل إلى نتيجة مفادها أنه لا مفر من التفاوض والحوار مع "انصار الله"، هذه الجماعة التي أعادت الاعتبار لليمن وحملت لواء كرامته وأجبرت الجميع على عدم تجاوزها.
"أنصار الله" تدافع عن الحق وعن العرض وعن الارض، لذلك مشروعها وطني بامتياز واستبسالها في الدفاع عن اليمنيين أمر "محق" ولا يمكن المساس وهذا ما فهمه التحالف العربي والغرب سوريا، لذلك تستعد الادارة الامريكية حاليا لبدء محادثات مع "انصار الله" بحسب ما كشفت عنه صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، يوم امس الثلاثاء.
المحادثات تتمحور حول "انهاء الحرب"، ووفق الصحيفة نقلاً عن أشخاص قالت إنهم مطلعون على الخطط، أشاروا إلى أنّ الولايات المتحدة تتطلّع لحثّ السعودية على المشاركة في محادثات سرية في عمان مع قادة حركة "أنصار الله"، في محاولة للتوسط لوقف إطلاق النار.
وأكدت الصحيفة، أنّ كريستوفر هنزل، الدبلوماسي الذي أصبح في إبريل/نيسان الماضي، السفير الأول لإدارة ترامب إلى اليمن، هو من سيقود المحادثات الأميركية.
على الرغم أننا نشكك بأي خطة تقوم بها الولايات المتحدة الامريكية واي مشروع تنفذه في الشرق الاوسط، ولكن على افتراض أن نواياها صادقة فيما يخص انهاء الحرب اليمنية، عليها:
أولاً: الحوار مع من شن هذه الحرب الظالمة على الشعب اليمني، وايقاف نزيف الدم هناك، وعدم بيع اسلحة إلى السعودية والامارات، الدولتان اللتان دمرتا اليمن وجوعتا شعبها منذ 4 سنوات ومع ذلك لا يزال هذا الشعب يقاوم الظلم والألم ويصنع من ألمه نصرا وصل صداه إلى ادارة البيت الابيض.
ثانياً: مجرد القول بأن الادارة الامريكية تريد بدء محادثات مع "انصار الله" هذا ليس سوى تأكيد أمريكي ضمني على انتصار "انصار الله" في حرب اليمن، وعدم قدرة الاماراتيين والسعوديين على الوقوف في وجه الجيش اليمني و"انصار الله"، خاصة وان جماعة "انصار الله" استطاعت بمعدات عسكرية بسيطة أن تهدد السعودية والامارات وان تصل إلى اكثر المناطق حساسية في هاتين الدولتين.
اليوم الامارات قلقة أكثر من السعودية، وخاصة بعد أن وصلت طائرات "انصار الله" "المُسيرة" إلى حقل الشيبة على الحدود مع الإمارات وقطر، اذ قطعت هذه الطائرات مسافة 1100 كلم متر من دون أن تعترضها الدفاعات السعودية والأميركية في المنطقة، وهو ما يعمّق مخاوف أميركا وحلفائها بشأن تهديد مرافق الطاقة في الخليج، كما أوضحت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.
الإمارات التي تحاول التخفّف من أثقال التحالف مع محمد بن سلمان في المعارك ضد الجيش واللجان في الحديدة والشمال، تسعى إلى تقديم انطباع عن انسحابها من العدوان في "إعادة التموضع" للاكتفاء باحتلال عدن والمحافظات الجنوبية عبر "المجلس الانتقالي" وإلى تخفيف التوتر مع إيران، كما ظهر في اجتماع "خفر السواحل" في طهران كأسلوب للانحناء أمام العاصفة من دون تغيير الالتزام بالمراهنة الأميركية على الحرب ضد إيران.
دول الولايات المتحدة الامريكية على خط الازمة حول محاولة من ترامب لانقاذ السعودية وخاصة بعد قام آل زايد بالصعود على اكتاف آل سعود وتمكنوا من اخراج أنفسهم من مستنقع اليمن، وما فعلوه كان بمثابة طعنة بالظهر لآل سعود لأنهم وبكل بساطة أغرقوا السعودية أكثر فأكثر في وحل اليمن وأصبح خروج المملكة من اليمن مهمة شبه مستحيلة وفي حال حصلت ستكون على شكل "خروج مُذل" ولن يستقبل هذه القوات أحد في المملكة ولن ينثروا عليهم الأرز، وستتحول حرب اليمن إلى فضيحة تاريخية ووصمة عار بحق كل من أعلن هذه الحرب وقادها ضد دولة شقيقة.
اذا الامارات أغلقت الباب على السعودية وتركتها وحيدة عالقة في اليمن، بعد أن أخرجت معظم قواتها من اليمن واوكلت المهمة لجنود يمنيين دربتهم بنفسها لادارة الأماكن التي كانت تحت سيطرتها.
الامارات أدركت أن الحرب على اليمن "فاشلة" وأن بقائها أكثر سيشوه صورتها وقد يحفز جمعيات غير حكومية عالمية لادانة أبو ظبي وتحميلها ما يجري في اليمن، وفي الحقيقة كانت الامور تتجه نحو هذا الأمر، وكان من المرجح أن يستهدف "انصار الله" مواقع اماراتية حساسة داخل اليمن وقد تصل صواريخهم ايضا إلى الامارات نفسها لكونهم هددوا بهذا الامر، والامارات تعلم أن "انصار الله" قادرين على فعل ذلك بعد أن نجحوا بإصابة أهداف حساسة في السعودية من خلال صواريخهم البالستية والمجنحة المحلية الصنع، والتي عجزت الدفاعات الجوية للمملكة بصدها بالرغم من أن هذه الدفاعات تعد الاحدث عالميا، وكلفت البلاد مليارات الدولارات.
السعودية أدركت خطر خروج الامارات من اليمن، لأن الفراغ الذي ستخلفه الامارات برحيلها سيقصم ظهر آل سعود في اليمن، وستكون ضربة موجعة لهم من حليف كان معهم طيلة الحرب وكان في صفهم سياسيا على الرغم من انه خالفهم في الاستراتيجية والاهداف، إلا أنه كان ينسب نفسه للتحالف العربي.
الواضح ان آل سعود أعطوا ميزات جديدة وأموال جديدة للادارة الامريكية لكي تخرجهم من مستنقع اليمن، لان امريكا لن تقوم بهذه الخطوة دون أن تأخذ ثمن تدخلها، وما البيان المشترك السعودي الاماراتي الاخير إلا خطوة أولى في هذا الاتجاه.