الوقت- يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" بشتى الوسائل والطرق تحسين صورته في الداخل الإسرائيلي وإعادة الهيبة "المفقودة" لنفسه، بعد أن فشل في تشكيل الحكومة الإسرائيلية، وهناك احتمال كبير جداً بأن يفشل في الانتخابات المقبلة.
قلق نتنياهو دفعه للتهوّر وتبنّي هجوماً على جنوب العاصمة السورية "دمشق" لإبراز نفسه بأنه يعمل ليل نهار على تأمين العمق الإسرائيلي على أمل أن يثير عواطف الإسرائيليين لانتخابه في الجولة المقبلة.
بكل الأحوال القصف على دمشق لم يكن سوى محاولة فاشلة واستعراضاً سخيفاً من قبل نتنياهو، على الأغلب ستكون نتائجه سلبية جداً عليه سواء في الداخل وفي الخارج، خاصة وأن الهجوم لم يحقق أي هدف واستطاعت مضادات الدفاع الجوي أن تتصدى لصواريخ معادية في سماء دمشق، وتسقط معظمها في المنطقة الجنوبية قبل أن تصل إلى أهدافها، بحسب وكالة الأنباء الرسمية السورية "سانا".
الأمر الثاني الذي يخشاه نتنياهو هو عزله من زعامة حزب "الليكود"، إذ كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قلق من وجود مساع داخل "الليكود" لعزله عن زعامته في حالة خسارة الحزب للانتخابات المقبلة.
وقالت الصحيفة في تقرير موسّع، الجمعة، إن نتنياهو حذّر قادة الحزب خلال اجتماعه بهم من أن منافسه زعيم حزب "أزرق-أبيض"، بيني غانتس، لا يسعى إلى تشكيل حكومة وحدة تضم الليكود.
وبالعودة إلى الهجوم الأخير على "دمشق" يمكن القول، ان الهدف الأكثر أهمية لنتنياهو من هذه الهجمات هو التأثير على الانتخابات البرلمانية، التي ستجري في 17 سبتمبر للمرة الثانية في ستة أشهر.
وفي وقت سابق، أجريت الانتخابات البرلمانية المبكرة في إسرائيل في أبريل 2019، لكن نتنياهو، الذي تم ترشيحه للمرة الرابعة خلال العقد الأخير، فشل في تشكيل حكومة خلال المهلة القانونية البالغة 42 يوماً، لذلك، صوّت النواب الإسرائيليون لمصلحة حلّ البرلمان وإعادة الانتخابات، التي ستجري خلال أقل من ثلاثة أسابيع من الآن.
وقبل بضعة أيام، أصدر بنيامين نتنياهو مقطع فيديو يروّج فيه لنفسه من أجل الانتخابات، وليثبت أن "صناعة الأمن" هي المحور الرئيس لنهجه الانتخابي، وكانت كلمة "كن مع اليمينيين للحفاظ على أمنكم" واحدة من الكلمات الرئيسة في المقطع.
لذلك، يتم تفسير تبنّي نتنياهو للهجوم الذي وقع في دمشق بشكل سريع ومباشر واعتباره هجوماً مضاداً ضد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، بأنه يتماشى بعمق مع بناء صورة أمنية له عشية إعادة انتخاب الكنيست.
التسرّع في تنبني هجوم "دمشق" لم يرق للمسؤولين الإسرائيليين، الذين سارعوا إلى مهاجمة نتنياهو وفضح انتهازيته المفضوحة، حيث انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود باراك، يوم الأحد، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لإعلانه إحباط الجيش الإسرائيلي لهجوم إيراني من الأراضي السورية، على حد تعبيره.
وقال باراك إن "هذه الأحاديث مبنية على المصالح السياسية ولا علاقة لها بالردع"، في إشارة للانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في 17 سبتمبر المقبل، حيث يرغب في كسب ود الناخب الإسرائيلي بكل السبل على حد تعبير باراك.
وأفاد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بأنه سيفكّر في الانضمام إلى ائتلاف سياسي مع قائمة حزب "أزرق أبيض" والقائمة العربية المشتركة، مؤكداً أنه لا خطأ في ذلك.
إلى ذلك، انتقد وزيرا دفاع إسرائيل السابقان، أفيغدور ليبرمان وموشيه يعلون، إعلان حكومة نتنياهو عن الغارات الأخيرة على سوريا، معتبرين أن ذلك جاء لتحقيق مكاسب سياسية قبيل الانتخابات.
وأشار يعلون إلى أن هذا الإعلان يأتي ضمن الخطوات التي يتخذها نتنياهو من أجل "إنقاذ جلده" من اتهامات جنائية يواجهها في ثلاث قضايا فساد، قائلاً إن جميع أجهزة الدولة والقوانين الجديدة التي تسن حالياً تخدم هذا الهدف، وفي نفس السياق جاء قرار نتنياهو بحل الكنيست عندما فشل في تشكيل ائتلاف حاكم بعد تحقيق حزبه "الليكود" فوزاً هشّاً في الانتخابات التي نظّمت في شهر أبريل الماضي، ما دفع البلاد إلى انتخابات جديدة في سبتمبر المقبل.
من جانبه، لفت رئيس حزب "يسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان الذي لعب دوراً حاسماً في فشل نتنياهو بتشكيل حكومة بعد الانتخابات الأخيرة، في تصريح لإذاعة الجيش، لفت إلى أن القيادة العسكرية الإسرائيلية لا تصدر بيانات مثل ذلك الذي جاء مؤخراً دون موافقة رئيس الحكومة.
وانتقد ليبرمان هذا الإعلان قائلاً: "السياسة الصحيحة ليست دردشة، بل الالتزام بالصمت".
كما ندد وزير الدفاع السابق بتصريحات مبهمة لنتنياهو وأعضاء آخرين في حكومته تلوح إلى وقوف إسرائيل وراء سلسلة انفجارات هزّت منذ منتصف يوليو مواقع للحشد الشعبي العراقي، قائلا إنها "غير ضرورية تماماً".
وجاءت هذه التصريحات عقب إعلان إسرائيل شنّها غارات على سوريا قالت إنها استهدفت قوات إيرانية كانت تخطط لإطلاق طائرات مسيرة متفجرة على الكيان الاسرائيلي.
نتنياهو لم يكتفِ بهذا القدر من الاستفزاز بل يعمل حالياً على التحضير لزيارة "استفزازية" لمدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة، هذا الأسبوع، بهدف تحسين مكانته السياسية، عشية انتخابات الكنيست، في 17 سبتمبر/ أيلول، بحسب قناة التلفزة الإسرائيلية "13".
وأشارت القناة إلى أنّ نتنياهو سيتفقد خلال زيارته المرتقبة المسجد الإبراهيمي، الذي يضمّ محيطه عدداً من الأماكن المقدسة لليهود، إلى جانب عقد لقاءات مع قادة المستوطنين في المدينة والمستوطنات المحيطة بها، لا سيما مستوطنة "كريات أربع".
ومن المتوقع أن يعلن نتنياهو خلال الزيارة عدداً من الالتزامات الحكومية بتعزيز المشروع الاستيطاني في المدينة ومحيطها، إلى تقديم تعهدات بعدم السماح بإقامة دولة فلسطينية.
ويخشى نتنياهو أن تؤدي خسارته الانتخابات إلى منع سن قوانين حصانة تمنع محاكمته في ثلاث قضايا فساد يواجه فيها تهم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، ويتوقع أن تبدأ محاكمته فيها بعد جلسة الاستماع الأولى المقرر عقدها بدايات تشرين الأول المقبل.