الوقت- تواصل حركة حماس زياراتها المكوكية لمواجهة صفقة القرن، وفي حين كشفت الحركة، اليوم الجمعة، عن تفاصيل الزيارة التي يجريها وفد قيادي رفيع برئاسة عضو مكتبها السياسي موسى أبو مرزوق إلى موسكو، أفادت مصادر مطلعة، بأن وفداً رفيع المستوى من حركة حماس يتوجه إلى العاصمة الإيرانية طهران الأسبوع المقبل لبحث ومناقشة ملفات مختلفة.
مصادر في الحركة أوضحت أن الزيارة تأتي تلبية لدعوة إيرانية، وأن قيادة الحركة ستعقد لقاءات عدة ومهمة في إطار تعزيز العلاقات مع الجمهورية الإيرانية حيث سيترأس الوفد صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وبعضوية موسى أبو مرزوق، وحسام بدران، ومسؤول إقليم الخارج بالحركة ماهر صلاح، وأعضاء آخرين.
عوداً إلى الزيارة الروسيّة، يوضح القيادي في الحركة سامي أبو زهري أن الزيارة "تأتي في سياق التواصل والعلاقات الثنائية بين كلا الطرفين"، إضافة إلى "الرغبة في تقييم المستجدات والتطورات السياسية في المنطقة، خاصة تلك المتعلقة بالقضية الفلسطينية".
لا تنفصل هذه الزيارة عن الجهود التي تبذلها كل الفصائل الفلسطينية لمواجهة صفقة القرن، وتكتسب أهمية خاصة لكونها "تأتي في ظل المحاولات الأمريكية لفرض صفقة القرن وتصفية القضية الفلسطينية"، وفق تعبير أبو زهري، وهنا نشير إلى التالي:
أولاً: إن الهدف الرئيس من هذه الزيارة تنسيق حماس مع الأطراف الدوليّة لمواجهة صفقة القرن وإحباطها.
تدرك حماس جيداً أن روسيا إضافة إلى قدرتها على الساحة الدوليّة، تسعى لنفوذ كبير في منطقة الشرق الأوسط.
كذلك، وإضافةً إلى التنافس القائم مع واشنطن ترتبط بعلاقات جيدة مع الكيان الإسرائيلي تفرض على الأخير التعاطي بحذر مع الجانب الروسي.
ثانياٌ: تسعى حركة حماس من خلال اللعب على الوتر الروسي للحدّ من محاولات التفرّد الأمريكي في المنطقة بعد مؤتمري وارسو (فبراير/شباط الماضي) والبحرين (يونيو/حزيران الماضي).
هذه الخطوة تدفع بالجانب الروسي للتحرّك أكثر فأكثر لمواجهة صفقة القرن لا دعماً للقضية الفلسطينية أو حقوق الشعب الفلسطيني، بل للعب دور أكبر في هذه المنطقة، لاسيّما أنه نجح في كسر المشروع الأمريكي في سوريا من خلال تعاونه مع محور المقاومة.
ثالثاٌ: حاولت روسيا استضافة جميع الأطراف الفلسطينية للعب دور الوساطة في المصالحة فقد استضافت موسكو في شباط/ فبراير الماضي لقاءً موسّعاً للفصائل الفلسطينية، حضره 12 فصيلاً وكياناً سياسياً، لكنه فشل في الخروج ببيان موحد، بسبب تباين المواقف حول دور منظمة التحرير، وحول مرجعية العملية السياسية.
كلام قيادة حماس من موسكو كان إيجابياً، فقد توجّه أبو مرزوق من موسكو إلى حركة فتح بالقول: إن "الموقف الفلسطيني الموحّد الرافض لـ(صفقة القرن) يمكن أن يسهم في تقارب حركتي فتح وحماس، وإنجاز المصالحة المنشودة منذ سنوات، موضحاً أنّ الحركتين لهما مواقف سياسية مشتركة في كثير من القضايا، منها الموقف من صفقة القرن ومؤتمر البحرين.
وأضاف أبو مرزوق: "السلطة رفضت إدانة حماس في الأمم المتحدة، وأيضاً نتفق على إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس، ونجمع على أنّه لا دولة في غزة ولا دولة من دونها، وكذلك على الموقف ضدّ الاستيطان، وغيرها الكثير".
وتابع: "نعتقد أنّ المواقف المشتركة في مجملها تشكّل 85 في المئة"، مستدركاً بالقول: "لا شكّ أنّ هناك خلافات، ومفتاح الحلّ يكمن في القبول بشراكة سياسية حقيقية لجميع الأطراف الفلسطينية، وهو قرار يحسمه الرئيس محمود عباس ".
رابعاٌ: لا تنفصل الزيارة الحمساوية المرتقبة إلى طهران، وكذلك التي أجراه أمس نائب رئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية أسامة حمدان، مع المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الإسلامي في إيران حسين أمير عبد اللهيان، في مقر سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في بيروت، لا تنفصل هذه التحركات عن الزيارة إلى روسيا، بل تصبّ في الإطار ذاته. حماس تعمد اليوم إلى تعزيز أوراقها مع الحليف الإيراني بغية إحباط هذه الصفقة المشؤومة لاسيّما أن طهران اليوم هي الداعم الأكبر للقضية الفلسطينية عموماً، وحركة حماس على وجه الخصوص.
في الختام.. إن زيارة حماس إلى روسيا حملت أبعاداً عدّة تبدأ في كونها تندرج في إطار دبلوماسيّة حماس في مواجهة صفقة القرن، وتمرّ عبر تعزيز الدور الروسي على حساب الدور الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، وربما التمهيد لزيارة اسماعيل هنية المؤجلة إلى موسكو، وتنتهي بملف المصالحة حيث تسعى روسيا للعب دور الوسيط.