الوقت- لم يكن الاتفاق النووي مع ايران سوى الإطار الذي أحاط باجتماع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى نظرائه الخليجيين، لكن المضمون كان مكافحة الإرهاب والوضع في سوريا. الوزير الأمريكي أعلن في الدوحة أنه يريد من حلفائه في الدول الخليجية دعم الحرب على تنظيم داعش الإرهابي. وبالتوازي مع حركة كيري كانت ورشة لقاءات لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، توجت بلقاءات ثلاثية جمعهما بنظيرهما السعودي عادل الجبير، اللقاء سبقته اجتماعات عقدها لافروف مع المعارض السوري معاذ الخطيب ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل. اجتماعات مكثفة ولقاءات عديدة يعقدها قطبا الدبلوماسية العالمية، عنوانها "الإرهاب والبحث عن حل سياسي لأزمات المنطقة".
وزير الخارجية الأمريكي جون كيري التقى وزراء خارجية دول مجلس التعاون، وفي مؤتمر صحفي عقب الاجتماع أكد كيري أن الدول الخليجية تدرك أن الاتفاق النووي سيسهم في أمن واستقرار المنطقة، ووزير الخارجية القطري خالد العطية أشار إلى أن المباحثات تناولت الأحداث في المنطقة إلى جانب الاتفاق النووي الإيراني لافتا إلى أن هذا الاتفاق يهدف إلى جعل المنطقة أكثر أمنا واستقرارا. وعلى هامش الاجتماع عقد لقاء ثلاثي بين كيري ولافروف ووزير خارجية السعودي عادل الجبير. لافروف أشار بعد الاجتماع إلى أن بلاده تدعم تشكيل جبهة دولية لمكافحة الإرهاب ولمّح إلى أن موسكو مازالت تختلف مع واشنطن فيما يتعلق بدعم المعارضة المسلحة في سوريا وتنفيذ إنزال بري خارجي.
قطر التي تستقبل لقاءات وزيري الخارجية الروسي والأمريكي في الدول الخليجية، حجزت مقعدها قبل الاتفاق النووي في زيارات متتالية إلى طهران، لم تظهر إلى العلن بموازاة جهود سلطنة عمان ولقاءات مسقط. لكن السعودية بالحلقة المقفلة التي يمكن أن تمنع تحريك المياه الراكدة وقد يكون هذا الأمر هو ما دفع روسيا والإدارة الأمريكية إلى التعاون كلّ من جهته على فتح كوّة في الجدار.
جون كيري الذي يؤكد مرة جديدة على الشراكة الاستراتيجية في حماية أمن الدول الخليجية، يسعى في المقابل لأن يأخذ من السعودية ما سماه "ريتشارد مورفي" السفير الأمريكي الأسبق في سوريا تحفيز المواقف الإيجابية أي التوافق على إيجابية الاتفاق النووي مع طهران وعلى أولوية مواجهة الإرهاب في سوريا تحديدا. سيرغي لافروف يسعى مع السعودية إلى ما يسعى إليه كيري كما يبدو، في ضوء ما دعا إليه الرئيس الروسي لتشكيل جبهة إقليمية واسعة أساسها الاتفاق على أولوية مواجهة الإرهاب.
مراهنة الطرفين على السعودية ربما تحد من الطموحات التركية في إصرارها على منطقة آمنة في شمالي سوريا ما يمكن أن يطيح بجهود البحث عن حل سياسي كما حذرت وزارة الخارجية الإيرانية، في هذا السياق يبدو أن السعودية تشير في لقاء ولي ولي العهد مع اللواء علي المملوك إلى أنها قابلة لمواكبة المتغيرات في المنطقة ولا سيما في الملف السوري.
والجمهورية الإسلامية الإيرانية التي يرطب وزير خارجيتها المناخ السياسي في حديثه عن الجار قبل الدار، تستقبل وزير الخارجية السوري وليد المعلم ونائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف في طهران للإفصاح عن المبادرة الإيرانية.
موسكو 3 يلوح في الأفق لكن هذا المسار من تحت الأرض قد يتطلب إزالة الكثير من الركام. وواشنطن التي حملت أوراق الترغيب إلى الدول الخليجية لترتاح بهذه البساطة على الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب، ربما تحتاج لسحب أوراق تتعلق بسوريا وهذا قد بان بشكل واضح في تصريحات وزير الخارجية القطري خلال الاجتماع في الدوحة.
طهران تمضي في طريق اتخذته منذ البداية ولم تتطرق للدخول في المفترقات، ودعم المقاومة الإسلامية ومدها يد التعاون لمواجهة الإرهاب خاصة في سوريا التي ما زالت متمسكة بقرارها السياسي، كل ذلك زاد من غضب الكيان الإسرائيلي الذي لم ينجح طوال حياته في ضرب محور المقاومة.