الوقت- يطلق البعض على الأزمة التي يعيشها اقليم كردستان العراقي مسمى أزمة الرئاسة ويرى البعض الآخر فيها أزمة العملية السياسية الديمقراطية، فالطبقة السياسية في الإقليم كما الطبقة المثقفة والمواطنين العاديين انقسموا في الآراء، فقسم يرى بضرورة التمديد لمسعود برزاني للمرة الرابعة ويرون في ذلك مصلحة قومية، وفريق آخر يذهب بالرأي إلى ضرورة احياء العملية السياسية وانتخاب رئيس آخر لإقليم كردستان العراقي ويرى في ذلك عملية ديمقراطية. ولاية برزاني الثالثة تنتهي في ال 20 من شهر آب من هذا العام وتسعى الأحزاب الرئيسية وقبل انتهاء المدة التوصل إلى حل مناسب يرضي جميع الأطراف. وقد خرج المجتمعون من اجتماعهم الأول من دون التوصل إلى حل، فبرزاني وحزبه يصرون على التمديد له فيما ترفض الأحزاب الأربعة الرئيسية الأخرى هذا الطلب بشدة معتبرين ان الدستور لا يسمح بإعادة ترشح الرئيس لأكثر من دورتين وفق ما ورد فيه، هذا فضلا عن التمديد الأخير الذي أجري لبرزاني في عام 2013، وتجدر الإشارة إلى أن الدورة الأولى لبرزاني كانت في العام 2005.
هذه الأزمة التي يمر بها الاقليم يصاحبها موجة من الإنتقادات لبرزاني من أن منصبه اليوم هو منصب شكلي حيث لا سلطة له اليوم وبعد مضي عشر سنوات على رئاسته على الساحة السياسية والإدارية في الجزء الشرقي والجنوب الشرقي من اقليم كردستان العراقي، هذه الأزمة وما يصاحبها من انتقادات واختلاف في الرأي يضاف عليها مجموعة من المؤثرات التي تزيد من حدة أزمة الرئاسة والعملية الديمقراطية في الإقليم، وفي عرض لبعض هذه المؤثرات نذكر التالي:
أزمة اقتصادية تزيد الطين بلة
مع قرب انتهاء دورة رئاسة مسعود برزاني للمرة الثالثة ومع عدم وجود أي أفق للحل والإتفاق بين الأحزاب والمكونات السياسية، ومع عدم وجود أي حل تشريعي بشأن استمرار الرئيس برزاني، يكون هذا الإقليم العراقي قد دخل أزمة كبرى مضافة إلى الأزمات الإقتصادية التي يتحدث عنها بين الحين والاخر، خاصة مع وجود شبه استغلال من أطراف اقليمية ودولية كتركيا للوضع في الإقليم والتحديات التي يواجهها بوجه جماعات التكفير والتي تستفيد منها بإيجاد نوع من الصفقات التي تكون بمنأى عن أعين السلطات المركزية في العاصمة بغداد.
تباعد بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني
خلفت الأعوام السابقة من رئاسة مسعود برزاني للإقليم وجود مجموعة من أوجه القصور في الأداء وبالتالي نزاعات قانونية ومنافسات بين الأطراف الكردستانية، مما أوجد شرخا وفاصلا بين القوى السياسية فيه وبالتالي تصعيد المشكلة بينهم، وقد انعكس ذلك بشكل أساسي على التباعد بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني بعد أن ساد لفترات بينهما شكل من اشكال التوافق على تقاسم السلطة ومناخ الحكم بينهما، وبالتالي ذهب هذا التوافق بينهما إلى درجة متدنية نوعا ما والذي من شأنه أن يزيد من حجم تأثير أزمة الرئاسة والعملية الديمقراطية إلى حد كبير.
سياسات الطرف الواحد
في حين توجد صعوبة في إيجاد بديل لبرزاني لإستلام رئاسة الاقليم الكردستاني العراقي، وإلى جانب سياسات الطرف الواحد التي انتهجها حزب برزاني، وعدم الإعتناء بتوجهات الأحزاب الأخرى ونظرتهم إلى كيفية إدارة الأمور، فهذا من شأنه أن يشكل في الأيام القادمة وإلى جانب أزمة الرئاسة تصاعد وتكثيف وتيرة المواجهة والمعارضة من الأحزاب الموجودة في الإقليم بوجه حزب برزاني.
مآل الأزمة وتوقعات محتملة
صيغ الحلول التي يمكن ان تطرح في الايام القادمة ومع قرب إنتهاء ولاية برزاني، أن تحدث مجموعة من التنازلات من جميع الأطراف والمكونات السياسية بالقبول ببرزاني كرئيس للإقليم لولاية رابعة حال أصر الأخير على مواقفه في مقابل ان يجري بعض التعديلات بتقليل صلاحيات الرئيس وتغيير النظام السياسي إلى نظام برلماني، لكن ما قد يقف بوجه هكذا اقتراح محتمل هو إصرار برزاني وحزبه على التمديد كما هو من دون إحداث أي تغيير وتعديل على الصلاحيات وآلية الإدارة، وهو ما قد يعقد الأزمة أكثر ويجعل مخرج الحل منها بتقاسم السلطة ومناخ الحكم من جديد كما حدث في الفترة السابقة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني على أن يكون هذه المرة بآلية مختلفة للتوزيع والتحاصص فيما بينهما تتناسب وطبيعة المرحلة ومقتضيات الظروف والتمديد.