الوقت - استطاع الإعلام مزوداً بمعلومات استخباراتية روسية - سورية من ردع المسلحين في الشمال الغربي السوري من "نصب أفخاخهم" المعتادة والتي مكّنتهم من تحقيق معادلة "ردع" مع الجيش السوري عبر تمكّنهم من جلب جحافل الغرب لقصف سوريا مرتين بقيادة أمريكية بعد أن قصف هؤلاء أبناء الشعب السوري بمواد كيميائية محرمة دولياً ومن ثم اتهموا الجيش السوري بها، وتم ذلك في مواقع وأوقات حساسة كان فيها المسلحون أقرب إلى الانهيار أمام ضربات الجيش السوري فما هي غايتهم هذه المرة من ضرب المدنيين بالسلاح الكيميائي، وهل سيستجيب لهم الغرب هذه المرة ويصدّق "جبهة النصرة" المسؤولة عمّا جرى؟.
الحدث
أصيب عشرات المدنيين في حلب يوم السبت الماضي بحالات اختناق جراء قصف استهدف حيي الخالدية وجمعية الزهراء، وقالت وسائل إعلام سورية رسمية: إن قصفاً نفّذه مسلحون على مدينة حلب أدّى إلى إصابة 50 شخصاً السبت وتسبب في حدوث حالات اختناق، ونقلت وكالة (سانا) عن مسؤول في قطاع الصحة بالمدينة الخاضعة لسيطرة النظام قوله: إن القصف أصاب منطقتين وإن القذائف حوت غازات سببت حالات اختناق.
ونقلت سانا عن مدير صحة حلب زياد حاج طه أنه "من المرجح أن يكون الغاز المستخدم من قبل المجموعات الإرهابية هو غاز الكلور طبقاً للأعراض على المصابين".
من جهته قال رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما الروسي الجنرال فلاديمير شامانوف: إن قصف الإرهابيين مدينة حلب بقذائف تحتوي على مادة الكلور "يجب أن يصبح محطّ اهتمام المنظمات الدولية وبالدرجة الأولى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية".
وشدد البرلماني الروسي على أنه "يجب القضاء على جميع الإرهابيين بغض النظر عن وجودهم داخل مناطق خفض التوتر أو خارجها" مؤكداً وجوب إنزال العقاب اللازم بجميع الإرهابيين دون استثناء.
واعتبرت دمشق أن الاعتداء بغازات سامة جاء نتيجة تسهيل بعض الدول وصول مواد كيميائية إلى الجماعات المسلحة.
وتم ملاحقة منفذي الهجوم من قبل الجيش السوري وحلفائه حيث أعلنت اليوم وزارة الدفاع الروسية أنه "تم القضاء على المسلحين الذين نفذوا هجوم حلب وأبلغنا تركيا بالضربات مسبقاً".
وحذرت الدفاع الروسية من أن "الإرهابيين يحضّرون لهجوم مسلح آخر باستخدام المواد السامة في حلب"، وفي نهاية شهر أكتوبر تشرين الأول، أعلنت الخارجية الروسية ببيان، أنه "لا تزال جماعات الإرهابيين والمتطرفين في إدلب تحاول تنفيذ استفزازات واسعة النطاق باستخدام الأسلحة الكيميائية والمواد السامة، وينضم نشطاء من منظمة "الخوذ البيضاء" الإنسانية الزائفة والمشؤومة، المتخصصة في تصوير أحداث [تحاكي شنّ هجمات كيميائية] بسهولة إلى مثل هذه الجهود".
كشف القناع
استطاع المسلحون في السابق إخفاء جرائمهم باستخدام السلاح الكيميائي ضد المدنيين لأنهم كانوا لا يزالون يسيطرون حينها على مساحات كبيرة من الأراضي السورية، وكان لديهم مناطق نفوذ ساهمت في تغطية إجرامهم ولكن اليوم الوضع أصبح مختلفاً بعد سيطرة الحكومة السورية على أغلبية الأراضي السورية وتمكّنت من حصار المسلحين ضمن دائرة ضيقة أصبح من السهل تحديد من يقوم بمثل هذه الانتهاكات ويقصف المواطنين بالغازات السامة، وبما أن روسيا كانت على الدوام تكشف مخططاتهم قبل تنفيذها كان هؤلاء يحاولون دائماً تغيير الخطة، وما ضيّق الخناق عليهم أكثر هو اتفاق سوتشي والمتضمن إقامة منطقة منزوعة السلاح في محيط إدلب.
بعد هذا الاتفاق أصبح المسلحون وخاصة الجماعات المتطرفة منهم مضطرة للرضوخ لهذا الاتفاق وإلا سيكون مصيرهم يشبه مصير أمثالهم في ريف دمشق وبقية المناطق، خاصة وأن الجيش السوري كان يعدّ العدّة لدخول "إدلب" وتحريرها، ولكن مع ذلك لم تتمكن تركيا من السيطرة على الجماعات المسلحة التي قالت إنها تضمنها وحصلت عدة انتهاكات من قبل المسلحين لهذا الاتفاق، حتى أننا رأينا إصرار تنظيمي "جبهة النصرة" و"الخوذ البيضاء" على إقامة شبكة من المستودعات الصغيرة للمواد الكيميائية تتوزع على الشريط الجغرافي داخل المنطقة "منزوعة السلاح" بما يحفظ لهما المتطلبات اللوجستية لافتعال استفزازات سريعة تحت الطلب بالمواد الكيميائية السامة عند اشتعال أي جبهة من جبهات أرياف حلب وحماة وإدلب مع الجيش السوري، تمهيداً لاتهامه بشن هجمات كيميائية تستدعي التدخل الغربي الذي يتقن تصنيع مبرراته لشنّ ضربات ضد سوريا.
استفزاز مقصود وآمال أخيرة
الأوضاع في سوريا تتجه نحو الحسم والجيش السوري مستعد لدخول "إدلب" ولكونه يحترم تفاصيل "اتفاق سوتشي" ولا يريد أن يذهب ضحايا مدنيين ضمن الهجوم لا يزال ينتظر أن يتم حلّ هذا الملف عبر الدوائر الدبلوماسية، لكن دمشق كانت قد أكدت أنها ستحرر "إدلب" حرباً أم سلماً، ولذلك لم يبقَ أمام المسلحين اليوم سوى نشر الفوضى من جديد وتجربة استخدام الأسلحة الكيميائية من جديد خاصة وأنها أعطت نتيجة في المرات السابقة، ولكن هذه المرة الأمور واضحة وفي حال لبّى الغرب نداء الجماعات الإرهابية المسلحة نعتقد بأن سوريا وحلفاءها سيكون لها قرار حاسم في القادم من الأيام وربما يكون الأخير.