الوقت- الممملكة العربية الأردنية، البلد الذي فرض على شعبه العيش في ظل نظام مخابراتي يتصل بالاستخبارات الامريكية والاسرائيلية صلة مباشرة. فنظام الحكم في المملكة الأردنية ملكي وراثي، كرس الحكم فيه الوراثي لعائلة سلالة الأميرعبد الله بن الحسين وبالتالي توافد على العرش الملكي بالتوالي أبناء عبد الله المؤسس الى أن استقر الحكم عند عبد الله الحاكم الحالي للبلاد ويتعارف في البلاد أن العائلة الحاكمة هي عائلة ملكية يلقب افرادها بالملوك في تشابه كبير جدا مع النظام البريطاني الذي كان الأساس في انشاء منظومة الحكم الوراثي في البلاد ابان التأسيس.
وقد وضعت صلاحيات الملك التي أعطته السيطرة المطلقة على كل مفاصل الدولة أو المملكة وفق القانون الاردني، وبات الحكم وكل متتبعاته بيد شخص من العائلة الحاكمة الى زمن غير محدد وهذه الصلاحيات يمكن الاطلاع عليها عبر الانترنت وليست سرية أو مخفية.
ومنذ البداية، جمعت النظام البريطاني بالحاكم الاردني علاقات مميزة اعطت بريطانيا امتيازات وافرة في المملكة الاردنية وصلت الى المشاركة الفاعلة في وضع قانون البلاد وهيكلة المؤسسات المدنية والحكومية والنظام المالي والسياسات الاقتصادية في البلاد، وكذلك قامت بريطانيا بتشكيل الجيش وهيكليته وأشرفت على برامج البناء المعنوي والعقيدة القتالية للجيش وأنشأت جهاز استخبارات يعد من أقوى الاجهزة الاستخباراتية العربية ويتعاون بشكل علني مع الموساد الاسرائيلي والاستخبارات البريطانية التي تشرف على تدريبه وتطويره.
الاردن والارهاب: لعبة مزدوجة خطيرة
يمارس الاردن لعبة مزدوجة في ملف الارهاب، فمن جهة يشارك بفعالية عبر استخباراته في استهداف قادة الحركات الارهابية الذين تجد امريكا واسرائيل مصلحة في تصفيتهم، مقابل تسول الاستثمارات والمساعدات التي يعتاش على فتاتها وضمان الحماية الامنية لنظامه الوراثي عبر الحفاظ على الرضا الاسراامريكي للحلول دون اشتعال الداخل الاردني كحال الواقع السوري.
ومن جهة اخرى يقيم غرفة استخباراتية في المنطقة الجنوبية مقرها مدينة المفرق، في نقطة استراحة الرشيد. هذه الغرفة كانت هي في الأصل غرفة إسرائيلية-أردنية قديمة، أنشئت بموجب اتفاقية وادي عربة، ضمن الجزء الأمني غير المعلن من الاتفاقية.
وفي عام 1998، كانت الغرفة صغيرة وهدفها تبادل المعلومات فقط. أما اليوم، فهي غرفة عمليات مشتركة بين ضباط أميركيين وضباط من دول غربية والإمارات وإسرائيل والأردن وتركيا، وعدد من الضباط السعوديين، بينهم العميد أحمد الدوسري، ويرأس الغرفة الأمير سلمان بن سلطان، الأخ غير الشقيق لبندر بن سلطان، ونائب وزير الدفاع السعودي.
وقد تم تفعيل الغرفة المشتركة لدعم المجموعات المسلحة على الأراضي السورية وتدريبها انطلاقاً من الأردن، وادراة توزيع الدعم والسلاح وادارة المعراك في مناطق درعا السورية وريف دمشق.
وللمزيد من المؤشرات والدلالات على الدور الأردني، كشف الرئيس الأمريكي باراك أوباما في شهر كانون الاول الماضى عن قيام القوات الاردنية بتقديم مساعدات للتنظيمات الارهابية المسلحة في سورية والتي تسميها واشنطن وحلفاؤها "المعارضة المعتدلة" حيث علقت صحيفة واشنطن بوست في حينه على هذا الامر بقولها إن "الرئيس الامريكي أحرج الأردن الذي كان يطالب الإدارة الامريكية بعدم الكشف عن المعسكرات التي يقيمها على أراضيه لتدريب الارهابيين".
كما نقلت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية عن الطاهات: "إن 21 مصابا آخر كان قد استقبلهم المستشفى لا يزالون يتلقون العلاج على يد كوادر المستشفى" مشيرا إلى أن "بعض الحالات الحرجة سيتم تحويلها لمستشفيات أخرى تابعة لوزارة الصحة".
وأوضح أن "المصابين كانوا قد وصلوا عبر الحاجز الحدودي الذي يفصل منطقة تل شهاب السورية عن بلدة الذنيبة آخر القرى الأردنية على الحدود الاردنية السورية". ووفق الطاهات فإن "كوادر المستشفى يستقبلون يوميا حالات لمصابين سوريين ويقدمون العلاج لهم".
وكانت سورية طالبت الحكومة الاردنية بادراك مخاطر ارتداد الارهابيين الذين يتدربون على أراضيها على أمن الاردن وشعبه ودعت الى الاسهام بشكل مباشر فى ضبط الحدود بالتنسيق مع الحكومة السورية وهو ما لم تستجب له الحكومة الاردنية مكتفية بالتصريحات الاعلامية التى تدعى ضبط مجموعات ارهابية مسلحة تحاول التسلل إلى سورية.
الاردن والمجهول: نتاج الازدواجية والالتزامات أمام الحلفاء
لعبة مزدوجة اردنية في التعاطي مع ملف الارهاب نتيجة احساس داخلي اردني بأن الوضع لن يبقي الاراضي الاردنية بعيدة عن نار الفتن والارهاب وهذا ما يعكس حاجة للتعاون مع طرف جدي يضرب الارهاب وهي الدولة السورية، مقابل هذا يواجه الاردن نتاج التزامات تموضعه مع الجبهة الاسراامريكية والعربية التي تعادي النظام السوري والتي تريد من النظام الاردني ان يكون شريكا لا بل منطلقا جغرافيا لمحاربة الدولة السورية عبر تقوية ودعم وتسليح وتدريب الارهابيين، وهي سياسة خطيرة جدا ستجلب للاردن المخاطر الجثيمة وستضعه في موقع اللاعب بالنار.
فمقابل ارضاء الجهة التي ينتمي اليها الاردن في تحالفاته يضع الحاكم مصير بلاده في المجهول معتقدا ان الزمن زمن الانتهازية لكسب المنافع، لكن البلاد العربية تمر في مراحل خطيرة وحساسة والمشروع الذي أعد للمنطقة وان كان اباؤه حلفاء الملك الاردني لكنه مشروع مجنون اعمى لا يعرف الحد ولا يمكن السيطرة عليه وفقا لقواعد ساسة ومنظري اسياد الاردن الواهمين.
وفي جديد الواقع الاردني البلد الذي يقبع ضحية بين سياسات حكامه وجهل واطماع اسياده الحلفاء، الذين يغامرون بالبلد الذي يغلي من الداخل، تبنى مجلس النواب الاميركي الثلاثاء نصا يعزز العلاقات العسكرية مع الاردن بما يشمل تسهيل بيع السلاح لهذا البلد في مواجهة تنامي خطر الجهاديين، وهو امتياز محصور بحلفاء نادرين لواشنطن مثل دول الحلف الاطلسي واسرائيل.
ووفق الامريكيين، الاردن عنصر مركزي في التحالف العسكري ضد تنظيم الدولة الاسلامية لا سيما وانه يقع على الحدود مع سوريا والعراق، البلدين اللذين يسيطر الجهاديون على مساحات شاسعة من اراضيهما.
اجراء يهدف الى دفع الاردن للقبول بالخطة السعودية وتبنيها والتي تقضي بدفع المزيد من المقاتلين من الاراضي الاردنية نحو الحدود السورية وتسليحهم وتدريبهم وادارة معاركهم، مقابل تقديمات تهدف الى تعزيز الاحساس بالامن الاردني لدفعه نحو المزيد من التقديمات.
لكن الواقع الحالي للدول العربية يثبت ان الامن الحالي ليس بالسلاح، ففي ظل مشروع قائم بهذه الخطورة والضخامة وحضور سياسة الابتزاز الامريكي الواضحة التي تريد اسقاط النظام السوري عبر الارهاب بغض النظر عن مستقبل البلاد بعد انهيار النظام السوري، ولذلك فان السلاح الاميريكي ليس الا دفعا للأردن نحو مزيد من الاشتعال وخطوة اخرى لادخال الاردن في نفق المجهول.
واقع السياسة الاردنية وتعاطي حلفائه الاسراامريكيين والسعوديين والقطريين يشبه مشهد أولاد مشاغبين ماكرين يشجعون صديقا جاهلا للقفز في فم التنين ومقارعته من داخله, بينما يضع الطفل عيناه أمام القادم الواضح الخطورة والمصير, بيما عقله يسكر في حماسة وتشجيع الاولاد حوله الذين يلحون له بأنه يستطيع قهر التنين وبأنهم يساعدونه ويدعمونه !!!!؟؟