الوقت- من جديد تعود موجة الشائعات حول وجود أزمة في العلاقات بين حركة الجهاد الاسلامي والجمهورية الاسلامية في إيران، إلى الظهور مجدداً، حيث أوردت العديد من وسائل الاعلام الاسرائيلية والفلسطينية والخليجية وبخاصة تلك المرتبطة بقطر والسعودية تقارير مكثفة تتحدث عن خلافات كبيرة تعصف بين الجانبين وصلت إلى حد قطع التمويل الإيراني عن الحركة المقاومة.
ولم يغب عن هذه التقارير محاولة إدخال العامل الطائفي كأحد أسباب التوتر المزعوم في العلاقات بين الطرفين، حيث ادعت هذه التقارير أن حركة الجهاد الاسلامي تتعرض لضغوط من الجمهورية الاسلامية من أجل نشر التشيع، كما جرى التركيز على الأزمة المالية التي تتعرض لها الحركة للدلالة على فتور العلاقة مع إيران التي تعتبر الممول الرئيس لحركات المقاومة في فلسطين المحتلة، من دون التطرق إلى السبب الرئيس في وجود هذه الأزمة والمتمثل بالحصار الجائر المفروض على غزة من قبل الكيان الاسرائيلي في ظل تواطؤ عربي ودولي واضح.
ولم تكن هذه الحملة الأولى التي تشنها بعض وسائل الاعلام في هذا المجال، حيث سبق أن فنّدت حركة الجهاد الاسلامي أنباء نشرت في أيار/مايو الماضي حول تردي العلاقات مع الجمهورية الاسلامية الإيرانية، وأصدر المكتب الاعلامي للحركة بياناً أكد فيه موقف الحركة تجاه ما أثير عن اضطراب العلاقة بينها وبين الجمهورية الإسلامية في إيران بعد نحو أسبوعين من تقارير إعلامية كثيفة، دون أن ينفي تعرض الحرکة لأزمة مالية بسبب الحصار الاسرائيلي المفروض على غزة.
وأكدت حركة الجهاد الاسلامي رفضها "اتخاذ البعض إيران، البلد المسلم، عدواً للعرب والمسلمين، لأن العدو الأول والتاريخي للأمة هو الكيان الصهيوني الذي يحتل فلسطين وينكّل بشعبها ويهوّد أرضها ومقدساتها."
وأضافت الحركة: "يجب أن لا ننسى أو نغفل عمّا قدمته إيران من دعم لفلسطين وحركات المقاومة، بما فيها الجهاد الإسلامي، وإننا على ثقة أنها ستستمر على ذلك، ولها كل الشكر والتقدير." كذلك أشارت إلى أنها تابعت "الحملة الإعلامية التي تناولت ما سمّي الأزمة المالية للحركة، بصمت وصبر"، مستدركة: "ما حُكي فيه كثير من الخلط والإثارة، لذا نطالب أصحاب الأقلام والضمير بأن لا يخوضوا، بوعي وبلا وعي، في ما يمكن أن يحدث مزيداً من الإرباك والبلبلة. فبدلاً من صبّ الزيت على الحرائق المشتعلة في المنطقة، عليهم أن يحثوا الجميع لدعم ونصرة فلسطين".
من جهته، القيادي البارز في حركة حماس محمود الزهار والذي تربطه علاقات وطيدة بقيادات الجهاد الاسلامي في قطاع غزة نفى في وقت سابق، وجود أي خلاف سياسي بين حركة الجهاد الإسلامي والجمهورية الإسلامية الإيرانية حول أي موقف معين".
ووصف الزهار في تصريح لموقع "بوابة الهدف" الإخباري الحديث عن خلاف بين الجهاد الإسلامي وطهران بأنه محض "تحشيشات إعلامية"، قائلاً: "لا أريد الحديث أكثر في هذا الموضوع".
وخلافاً لادعاءات وسائل الاعلام الاسرائيلية والخليجية، لم يتوقف الدعم الإيراني بشقيه العسكري والإنساني لقطاع غزة المحاصر، وكان آخره المساعدات الغذائية التي قدمتها لجنة إمداد الإمام الخميني على أعتاب شهر رمضان المبارك، والتي تولت حركة الجهاد الاسلامي توزيع قسم كبير منها على الأسر المتضررة جراء العدوان الاسرائيلي الأخير على غزة، في دلالة واضحة على التعاون والثقة المتبادلة بين الطرفين.
وقبل العدوان الاسرائيلي الأخير على عزة في العام 2014 وهو ما يعرف بحرب 50 يوماً، راهنت وسائل اعلام عربية واسرائيلية على تغير الموقف الإيراني من حركات المقاومة نتيجة انعكاسات الأزمة السورية، إلا أن الدعم الحازم الذي قدمته الجمهورية الاسلامية لصد العدوان، والذي تجلى بإطلاق صواريخ إيرانية الصنع إلى العمق الاسرائيلي، دحض هذه الشائعات وبين بشكل جلي أن مسألة دعم إيران للمقاومة الفلسطينية، هي من صميم السياسة الخارجية النابعة من مبادئ الثورة الاسلامية وليست قضية للمساومة كما يدعي البعض.
وقد أشاد قادة حركة الجهاد الاسلامي بالدعم الإيراني خلال حرب 50 يوماً، وهو ما بدا جلياً في الزيارة التي قام بها أمين عام الحركة الدكتور رمضان عبدالله شلح إلى طهران، بعد انتهاء العدوان، والذي لقي ترحيباً كبيراً من قادة الجمهورية الاسلامية وعلى رأسهم قائد الثورة الاسلامية آية الله علي خامنئي ورئيس الجمهورية حسن روحاني ورئيس مجلس الشورى الاسلامي علي لاريجاني، حيث اکد الامين العام لحرکة الجهاد الاسلامي في فلسطين رمضان عبدالله شلح خلال لقائه بقائد الثورة أن انتصارات مقاومة الشعب الفلسطيني في غزة لم تکن ممکنة دون الدعم من الجمهورية الاسلامية الايرانية، كما أثنى على تصريحات آية الله خامنئي حول ضرورة تسليح الضفة الغربية أسوة بغزة، وأثر هذه التصريحات في رفع الروح المعنوية للمجاهدين.
إن العلاقات الاستراتيجية التي تربط الجمهورية الاسلامية بحركات المقاومة في فلسطين عموماً، وحركة الجهاد الاسلامي خصوصاً، هي علاقات نابعة من صميم الثورة الاسلامية ومبادئها، وبالتالي فإن المساعي التي يبذلها الكيان الاسرائيلي والقوى المعادية للجمهورية الاسلامية من أجل تشويه صورة علاقة إيران بحركات المقاومة، لن تُؤتي أكلها، بالرغم من كل التعقيدات في المشهد الاقليمي والأزمات التي تعصف بالمنطقة.