الوقت- عام بعد آخر تتزايد أعداد المنح الدراسية التي تقدّمها الجمهورية الإسلامية في إيران إلى الطلاب الأجانب (غير الإيرانيين) حيث يتوافد آلاف الطلاب الأجانب كل عام إليها لتبدأ رحلتهم الدراسية بالمحطة الأولى، محطة دراسة اللغة الفارسية؛ والتي ذكرناها في تقريرنا السابق "الدراسة في إيران..قزوين المحطة الأولى"، وباجتيازهم لدورتي اللغة بنجاح يمتلك بذلك الطلاب مفتاح الولوج إلى الجامعات الإيرانية لدراسة شتى الاختصاصات في الليسانس والماجستير والدكتوراة..
فكيف تحتضن الجامعات الإيرانية طلاب العلم؟ وما هي الأجواء التي توفرها لهم؟
بعد دراسة اللغة الفارسية في قزوين وإتمامها بنجاح تأتي المحطة الثانية التي ينتظرها الطلاب وهي محطة الفرز إلى الجامعات الإيرانية وكل حسب معدله وتوجهه الدراسي من هندسة وطب وعلوم إنسانية وغيرها من الاختصاصات الأخرى التي ستحتضن بكفيها جميع الطلاب على نفس مقاعد الدراسة في مختلف المدن الإيرانية التي تتوزع عليها الجامعات، من طهران، مشهد، قزوين،شيراز،تبريز،أصفهان والعديد من المدن الأخرى التي سيبدأ الطلاب فيها رحلتهم الدراسية.
وبعدها ترسل أوراق الطلاب إلى الجامعات وكل حسب معدله في دورة اللغة حيث تقوم وزارتي العلوم والصحة بفرز كل طالب على حدة ليلملم الجميع ذكرياتهم التي قضوها مع طلاب الجنسيات المختلفة والتي تفوق 8 أشهر ويستقروا في جامعاتهم، حاملين معهم شهادة اللغة الفارسية التي ستضيء مستقبلهم وتمزجهم مع الثقافة الإيرانية وشعبها الغني.
وفي ذات السياق تشمل المنح المقدمة من الجمهورية الإسلامية الإيرانية سكناً مجانياً للطالب حيث تغطي تكاليف الجامعة، بالإضافة إلى أجواء الراحة التامة التي تقدمها للطالب من نادٍ رياضي في السكن ودورات متعددة على مدار السنة في شتى الاختصاصات شبه مجانية وتأمين صحي، ولا يجب أن ننسى الرحلات الجامعية التي تقوم بها مختلف الجامعات وأهمها رحلات "عيد النوروز".
للنوروز طعم آخر في إيران
تجدر الإشارة إلى أن للنوروز في إيران طعم آخر.. فعيد النوروز هو واحد ٌمن أهم الأعياد التي يحتفل بها الشعب الإيراني والكردي وشعوب آسيا الوسطى، عيدٌ طالما ارتبط اسمه بالربيع والخضرة والحياة.
هو أول يوم في شهر فروردين (الشهر الأول في التقويم الهجري الشمسي) فكلمة نوروز كلمة مؤلفة من شقين "نو" بمعنى جديد و "روز" بمعنى يوم أي إن كلمة نوروز تعني اليوم الجديد باعتبار عيد النوروز بدايةً للعام الجديد.
يعتبر النوروز واحداً من أقدم الأعياد التي يحتفل بها الشعب الإيراني. وتعتبر إيران الموطن الأصلي لهذا العيد، وإلى اليوم ما زال الشعب الإيراني يحتفل بهذا العيد.
والنوروز دائماً يبدأ مع بداية فصل الربيع ويعتبر أول يوم من السنة في كل من إيران وأفغانستان، كما يعتبر عطلة رسمية في البعض الآخر من الدول .
ومع بداية العطلة تأبى الجامعات إلا أن تشارك الطلاب فرحتها بعيد النوروز حيث تجري الجامعات الجهات المشرفة رحلات للطلاب غير الإيرانيين إلى عدة محافظات تستمر لعدة أيام في خطوة منهم ترمي إلى الترفيه والاطلاع على الثقافة الإيرانية الغنية ومشاهدة الآثار التاريخية التي تعبّر عن عظمة هذا الشعب الأبي الذي خطّ بحبر العلم تاريخه ومجده وكسر قيود الظلام بالعلم الذي لم يبخل يوماً أن يتشاركه مع شتى دول العالم في سبيل تحقيق الرقي والسلم والسلام.
معارض واحتفالات
وعلى ذات الصعيد لا تكتفي الجامعات بهذا الحدّ من مزج الثقافات ببعضها البعض ولا يقتصر الأمر فقط على احتفالات عيد النوروز بل تقوم بإنشاء المعارض للطلاب الخارجيين وخصوصاً في ذكرى "عشرة الفجر". معارض تعبّر عن ثقافات الطلاب من شتى البلدان الآسيوية والإفريقية، كما تتضمن المعارض احتفالات طعام ترمز إلى الأطعمة المختلفة التي يتميز بها كل بلد، حيث تؤمّن المعدات اللازمة وتغطي نفقة المعارض لتمزج الثقافات بعبق رائحة الجمهورية الإسلامية التي ترعى هذه الاحتفالات وتشكّل عائلة واحدة تحضن الطالب في ربوع الدراسة وفي بلد قدّم الكثير من العلماء العظام وما زال يقدم.
جامعات إيران تتصدر الطليعة عالمياً
ولا ننسى أن إيران لطالما كانت رائدة في المجال العلمي حيث اكتسبت جامعاتها رتبة عالية باعتبارها من أفضل الجامعات العالمية، ووفقاً لتقرير مركز تصنيف الجامعات العالمية ''CWUR للعام 2017 فقد أدرجت 3 جامعات إيرانية على قائمة أفضل 10 مراكز أكاديمية في العالم هي جامعة طهران وجامعة أمير كبير وجامعة النفط الصناعية.
فجامعة طهران بسبب إنجازاتها في مجالات هندسة النفط وهندسة الصناعة والإنتاج، وجامعة أمير كبير في مجال إنتاج العلم والمواد المركبة، وجامعة النفط الصناعية لإنجازاتها في المجالات الهندسية النفطية.
خلاصة القول؛ للدراسة في ربوع الجمهورية الإسلامية الإيرانية نكهة خاصة وأجواء مريحة حيث سجّلت إيران أعلى نسبة من حيث النمو في الإنتاج العلمي العالمي المشترك، ما جعلها تتصدر قائمة الدول الأكثر نمواً في مجال الدبلوماسية العلمية لعام 2017، بين 30 دولة تعدّ الأكثر تطوراً من حيث الإنتاج العلمي والبحوث العلمية المنتجة، وهذا هو نتاج مؤسس الثورة الإسلامية الإمام الخميني(قدس) ومفجّرها السيد علي الخامنائي.