الوقت- صحيح أن المغرب تعتبر من أكبر دول شمال افريقيا الاسلامية الا أنه عوض الاتكال على ما تختزنه من قوى عاملة فتية وخيرات ومميزات عدة، اضافة الى الحدود البرية والبحرية الواسعة والاستراتيجية، فان حكامها يفضلون الاتكال على الخارج في سبيل تحقيق أرباح وامتيازات اقتصادية وسياسية على حساب العروبة والمنهج الاسلامي الذي يرفعون شعاره، والعلاقات المفتوحة مع الكيان الاسرائيلي خير دليل على ذلك وان كانت تلك العلاقات قد أخذت طابعا مستترا مع بداية الألفية الثالثة حيث أقدمت السلطات المغربية على إغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط، كردة فعل ذكية لامتصاص تحركات الشارع المطالبة بقطع العلاقات فوريا مع الكيان الاسرائيلي بعد اندلاع انتفاضة الأقصى في أكتوبر سنة 2000م.
تاريخ المغرب المشبوه والعلاقات التي جمعته مع الكيان الاسرائيلي قديمة العهد
ففي عام 1976، استضاف العاهل المغربي الحسن الثاني سراً رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي إسحاق رابين، أملاً بقدرة المغرب على إعادة إطلاق الحوار المصري الإسرائيلي، وفعلا بعد عام على تلك الزيارة، استضافت الرباط محادثات سرية بين وزير خارجية الكيان الاسرائيلي موشيه دايان ومستشار الأمن القومي المصري حسن التهامي، الأمر الذي مهّد الطريق لزيارة الرئيس أنور السادات التاريخية للكيان.
وفي عام 1994، استضاف الملك الزعماء العرب والإسرائيليين، ونخبة من رجال الأعمال في الدار البيضاء بهدف صياغة شراكة لتطوير اقتصاديات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد انتهى المؤتمر بـ"إعلان الدار البيضاء"، الذي أعلن فيه الحسن الثاني ووزير الخارجية الإسرائيلي شمعون بيريز عن نهاية المقاطعة العربية لـ"إسرائيل"، تبع ذلك فتح البلدان مكاتب اتصال بعد ذلك بفترة قصيرة.
وفاة الملك في عام 1999 والانتفاضة الفلسطينية في عام 2000 وضع العلاقات الثنائية في سبات عميق. ومن الناحية السياسية، كان من الصعوبة البالغة الإبقاء على علاقات مفتوحة في عهد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وكان الملك محمد الخامس أقل حرصاً على لعب دور وسيط السلام الذي أتقنه والده.
وفي نوفمبر 1994 فتح الكيان الاسرائيلي مكتب ارتباط في العاصمة المغربية الرباط، وفتح المغرب مكتبه في الكيان بعد ذلك بأربعة أشهر، مما أدى إلى إقامة علاقات دبلوماسية ثنائية. ويستند الكيان الاسرائيلي في حرصه على إقامة علاقات مع دول المغرب العربي إلى العدد الكبير من اليهود الذين قدموا إليه من دول المغرب حيث يبلغ عدد الاسرائيليين من أصول مغربية أكثر من مليون مستوطن على أقل تقدير.
ورغم اغلاق السفارة الاسرائيلية في الرباط عام 2000 الا أن العلاقات التجارية والسياحية بقيت قائمة حتى يومنا هذا حيث نشرت مراكز إحصاء إسرائيلية في تقارير نشرتها أن 2000 سائح مغربي زاروا الكيان الاسرائيلي خلال النصف الأول من سنة 2013م كما شهد عام 2014 ازدهارا أكبر في القطاع السياحي بين المغرب والكيان.
وعلى صعيد آخر، أفاد تقرير نشر على الموقع الإلكتروني لمجلس أخلاقيات القيم المنقولة في المغرب، حول الاستثمار الأجنبي في بورصة الدار البيضاء خلال السنة المالية 2014، بأن حصة الكيان الاسرائيلي من حجم الاستثمارات الأجنبية المتداولة في بورصة الدار البيضاء هي 0.85 في المئة، أي ما حجمه مليار و270 مليون درهم (127 مليون دولار أمريكي) ولم يقدم التقرير معطيات مفصلة حول طبيعة هذه الشركات ومجالات اشتغالها، كما بلغ حجم التبادل التجاري بين المغرب والكيان الاسرائيلي 50 مليون دولار نهاية 2013 حسبما تشير الاحصائيات.
قرار مقاطعة الكيان الاسرائيلي كان موضع بحث في الأوساط المغربية ولكن سرعان ما أعلنت النتيجة بالنفي بعد تهديدات مبطنة تلقاها ملك المغرب محمد السادس من أمريكا والدول الأوروبية رغم الأصوات الداخلية التي طالبت بالتوقيع على هذا القرار، مما يؤكد بأن صناع القرار في المغرب ليسوا بوارد قطع العلاقات الاقتصادية والسياسية مع الكيان الاسرائيلي في المدى المنظور، لأسباب ليس أقلها حماية النظام الملكي القائم من التهديدات الداخلية في ظل ما يسمى بالربيع العربي الذي قلب الحكم في دول مجاورة للمغرب كتونس ومصر وليبيا.
العائلة الحاكمة في المغرب والتي توارثت الحكم كما في الكثير من الدول العربية، قدمت أوراق اعتمادها لدول مجلس التعاون مؤخرا عبر الانضمام الى ما يسمى بالتحالف العربي الذي يشن عدوانا مستمرا حتى اليوم على بلد عربي مسلم هو اليمن، وغضت البصر عن العدو الحقيقي الأقرب الى حدودها والذي يهدد مسلمي العالم، على حساب عروبتها واسلامها الذي تحكم البلاد باسمه، والمستفيد الأول هو الكيان الاسرائيلي ومن ورائه جهل وحقد هؤلاء الحكام على أبناء دينهم.