الوقت- التطرف الديني هو مصطلح ساد العالم العربي والغربي خلال العقدين الماضيين ويأتي بمعنى الخروج عن القواعد الدينية والقيم والمعايير السلوكية ويُعد التطرف الديني هو السلوك الذي انتهجته الحركة السلفية في السعودية وبعض البلدان الإسلامية والذي يُعد من اهم المشاكل التي انتشرت في الكثير من المجتمعات العربية والغربية وتسبب في حدوث الكثير من الحروب والأزمات السياسية والإنسانية للكثير من بلدان العالم ولقد وجه العالم الغربي العديد من الاتهامات للدين الإسلامي واعتبره دين متطرف ومتشدد، خاصة بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 التي قام بها بعض المتطرفين السلفيين وبناءً على تلك الحادثة قامت الكثير من البلدان الغربية بمضايقة الكثير من الجاليات المسلمة المتواجدة على أراضيها ولكن يجدر بنا التساؤل هنا، هل التطرف الديني مقتصراً على سلفية الدين الإسلامي ام أن هنالك تطرف سلفي موجود في الديانات الأخرى؟ ولهذا فإننا سوف نسلط الضوء في مقالنا هذا على السلفية الموجود في الديانة المسيحية او ما يعرف بالسلفية المسيحية.
لقد تكشفت في الآونة الأخيرة الكثير من الحقائق التي اكدت على وجود الكثير من التشدد المسيحي او السلفي في الأوساط الغربية والتي تتطابق إلى حد كبير مع التشدد والتطرف الذي انتجه التيار السلفي المحسوب على الدين الإسلامي. فاولئك السلفيين المسيحيين يؤكدون على التفسير الحرفي للنصوص الإلهية ويتمسكون بشدة باقوال الحكماء السابقين ويرون بأن الماضي هو المتحكم الرئيسي في الحاضر والمستقبل ويَدعون بأن ما هم عليه هو الصحيح وأن ما عداه بدعة يجب محاربتها، فهم يحاربون الحداثة والتطور ويصرون على فرض آرائهم على المجتمع والناس بالقوة وهنا يمكن القول بأن طائفة "الاميش" تعد من اهم الطوائف المسيحية التي انتهجت هذا التيار المتطرف والتي ظهرت خلال القرون الوسطى والتي كانت تحرم على اتباعها حلق اللحى وكانت توجب عليهم حلق الشارب والتي فرضت ايضا على المرأة لبس أزياء فضفاضة تغطي جسمها وشعرها كله ولقد انتشرت هذه الطائفة المتشددة في أمريكا وفي بعض الدول الأوروبية.
وخلال السنوات القليلة الماضية ظهرت الكثير من الطوائف السلفية المتطرفة المسيحية وانتشرت في الكثير من البلدان الغربية والعربية وقامت بالكثير من الاعمال الإرهابية، ففي مصر تصاعدت حدة الخلافات المتأصلة بين الكنيستين "الأرثوذكسية" والإنجيلية"، عندما أقدمت مجموعة متطرفة تنتمي إلى الطائفة "الأرثوذكسية" على هدم مبنى في قرية "الأبعدية" ولقد تسببت هذه الحادثة في حدوث نزاعات بين أبناء تلك الطائفة واشخاص ينتمون إلى الطائفة "الانجيلية" وسقط العديد من القتلى والجرحى في خضم تلك المنازعات المسلحة، حيث ترى كل طائفة أنها على حق وأن الطائفة الأخرى منحرفة ولا تتبع المسيحية الصحيحة. وهنا يمكن القول بأن هذه النظرة لا تختلف كثيرا عن المنهج الذي يتبناه أصحاب المذهب السلفي الإسلامي المتطرف الذي يعمل على تكفير المذاهب المسلمة الأخرى.
وفي سياق متصل كشفت تلك الحادثة الإرهابية التي قام بها شاب مسيحي نرويجي ينتمي إلى اليمين المتطرف قبل عدة أيام في النرويج والتي أدت إلى سقوط 91 قتيلا وعددا من الجرحى، بأن العالم المسيحي لا يخلوا من هذا النوع من التطرف وأن له انصار ومؤيدين يقومون بالكثير من الاعمال الإرهابية في العديد من البلدان الأوروبية وينتهجون نفس السياسات التي ينتهجها سلفيوا العالم الإسلامي ولكن للأسف الغرب يتجاهل هذا النوع من التطرف المسيحي الذي يتفشى داخل الأوساط الغربية ويكتفي بتسليط الضوء على التطرف السلفي الذي يقوم به بعض المتشددين المسلمين وهنا سوف نذكر بعضاً من تلك الحركات المسيحية التي مارست التطرف والارهاب ولكن الاعلام الغربي تغاضى عنها:
1) البرق الشرقي، وتعرف أيضا باسم كنيسة الله القادر على كل شيء
تنظر هذه الحركة المسيحية إلى النساء وكأنهن اقل شأناً من الرجال وتشجع هذه الحركة على قتل اكبر قدر من اولئك الذين لا ينتمون اليها وتتواجد هذه الحركة في الصين.
2) جيش مقاومة الرب
لقد ارتكبت هذه الحركة المسيحية التي تتواجد في اوغندا الكثير من عمليات القتل والخطف ونشر الارهاب في اجزاء من مناطق افريقيا ولقد اعربت الكثير من المنظمات الحقوقية بأن هذه الحركة لا تختلف كثيرا في توجهها الفكري عن حركة "بوكو حرام" الارهابية.
إن إنكار الدول الغربية المستمر لوجود الاصولية والسلفية داخل الاوساط المسيحية قد ادى إلى افراز اتجاهات فكرية متطرفة في العالم الغربي قامت بالكثير من الاعمال الارهابية في مناطق مختلفة من العالم ولو أن تلك الدول التي تدعي بأن الديانة المسيحية تخلوا من التطرف والارهاب، قامت بدراسة ومواجهة ذلك التطرف المسيحي المتفشي في الكثير من البلدان وحاولوا معالجته بدلا من تجاهله وإنكاره لكانت النتائج افضل وبالطبع تتحمل الدول الكبرى الاوروبية والامريكية كامل المسؤولية على ذلك التطرف المسيحي وتلك الاعمال الارهابية التي تقوم بها بعض الحركات المسيحية السلفية.