الوقت- لم تمضِ أكثر من أربعٍ وعشرين ساعة على بدء العدوان التركي على الأراضي السورية، وخصوصاً مدينة عفرين ذات الغالبية الكردية، حتى انهالت ردود الفعل الدولية المعارضة لهذا العدوان الذي ينتهك وبصراحة سيادة الدولة السورية التي أدانت بدورها بشدة هذا العدوان ووصفته بـ" الغاشم" على مدينة عفرين التي هي جزء لا يتجزأ من الأراضي السورية، مؤكدة أن هذا العدوان يمثل الخطوة الأحدث في الاعتداءات التركية على السيادة السورية، مطالبةً المجتمع الدولي بإدانة العدوان التركي واتخاذ الإجراءات الواجبة لوقفه فوراً.
استهجان دولي
الخطوة التركية لم تلق أيّ تأييد دولي، حيث دعت دول عدّة أنقرة لسحب جنودها من الأراضي السورية وإيقاف قصفها لمدينة عفرين التي تضمّ ما يقارب من مليون سوري غالبيتهم من اللاجئين، حيث حضت وزيرة الدفاع الفرنسية "فلورانس بارلي" تركيا على إنهاء عملياتها في مدينة عفرين السورية مؤكدةً على أنّ هذا الهجوم من شأنه أن يضرّ بجهود مكافحة تنظيم داعش.
بدوره وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان دعا مجلس الأمن لاجتماع طارئ لبحث التوغل التركي في مدينة عفرين وتقييم الوضع الإنساني هناك، مؤكداً قلق بلاده ازاء التدهور المفاجئ في الوضع في سوريا، وأكد لودريان على أنّ فرنسا دعت إلى وقف المعارك والسماح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى الجميع، مضيفاً: "علينا أن نعمل كل ما يجب من أجل تفعيل وقف إطلاق النار بشكل سريع ونبدأ الحل السياسي الذي طال انتظاره".
إيران بدورها وعلى لسان الناطق باسم خارجيتها أكدت على ضرورة الحفاظ على السيادة الوطنية ووحدة الاراضي السورية والحيلولة دون تصعيد الازمة الانسانية والحفاظ على ارواح المواطنين السوريين الابرياء وتتوقع من جميع الدول وخاصة تركيا باعتبارها أحد الأطراف الضامنة، البقاء ملتزمة بالحل والتسوية السياسية للازمة السورية خاصة عملية آستانا وأن تستمر في أداء دورها البناء ومسؤوليتها المهمة لحل وتسوية الازمة السورية سياسيا.
بدوره رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الايرانية اللواء محمد باقري طالب تركيا بعدم المساس بوحدة الأراضي واستقلال وسيادة سوريا، ويتوجب على تركيا أن تعلن بأنه لا أطماع لها في الأرض السورية.
الخارجية المصرية هي الأخرى دانت هذا العدوان معتبرةً العمليّة التركية انتهاك للسيادة السورية، معبّرةً عن رفضها لعملية "غصن الزيتون"، مؤكدةً أنّ هذا العدوان من شأنه تقويض جهود الحلول السياسية القائمة، وجهود مكافحة الإرهاب في سوريا.
تملّص أمريكي
أمريكا التي وصفها الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك بأنّ "المتغطي بها عريان" تملّصت اليوم وبعد أكثر من ست سنوات من دعم الأكراد، وهو الأمر ذاته الذي خبره أكراد كردستان العراق، حيث أكد قائد القيادة المركزية بالجيش الأميركي، الجنرال "جوزيف فوتيل" أن تركيا أطلعت بلاده حول عمليتها العسكرية بعفرين.
تصريحات فوتيل التي وصفها ناشطون أكراد بأنها ابتعاد عن حمايتهم من المطامع التركية، ردّ عليها فوتيل بأنّ المدينة -عفرين-لا تقع بنطاق العمليات العسكرية لأميركا، كما أنّ بلاده لا تولي اهتماما خاصا لهذه المنطقة.
وأكد فوتيل أنّ بلاده لا تعلم نوايا أنقرة من هذه العملية!، إلا أنه يشعر بالقلق من تأثيرها على مكافحة تنظيم داعش، لافتا إلى استمرار حربهم على التنظيم في سوريا، وأنهم يعملون على استعادة الأراضي التي يسيطر عليها، منوّها بأنّ المسؤولين الأتراك لم يحدثوهم حول عملية عسكرية تستهدف مدينة منبج بريف محافظة حلب شمالي سوريا.
قادة الرأي في العالم
وفي سياق ردود الفعل الدولية وجّه عدد من أبرز المفكرين في العالم وناشطون حقوق الإنسان الدوليين رسالة إلى كل قادة روسيا إيران والولايات المتحدة يطالبونهم بضمان سيادة واستقلال سورية وحمايتها من الانتهاكات التركية، منادين بالسماح لشعب عفرين بأن يعيش بسلام.
الرسالة التي وقعها كل من: "نعوم تشومسكي، مايكل ولزر، شارلوت بانش، تود جتلن، ديفيد جرايبر، ناديا العلي، ديفيد هارفي، مايكل هاردت، مارينا سيترين، آن سنيتو، بيل فليتشر، ديفيد فيليبس، جوي لورانس، ميريديث تاكس وديبي بوكين" أكدوا خلالها أنّ تركيا حشدت قوة عسكرية هائلة على حدود عفرين بهدف مهاجمة المدينة التي يسيطر عليها الأكراد الأمر الذي سيؤدي لإبادة مدينة مُسالمة بالإضافة لتعريض حياة آلاف المدنيين واللاجئين للخطر، وكل ذلك سعياً وراء ثأر تركيا من الأكراد.
موقعو الرسالة أكدوا أنّ هجوماً من هذا النوع ضد سكّان عفرين هو عمل عدواني صارخ على منطقة يسودها السلم والديمقراطية، كما أنّ تركيا تقوم بهذا العدوان دون موافقة روسيا أو إيران أو سوريا، بالإضافة لعدم اتخاذ الولايات المتحدة أي إجراء لوقف ذلك الهجوم، وأضاف الموقعون: "على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي التزامٌ أخلاقي بالوقوف وراء الشعب الكردي الآن"، كما دعا الموقعون المسؤولين الأمريكيين والمجتمع الدولي إلى ضمان الاستقرار والأمن في عفرين ومنع المزيد من العدوان التركي داخل الأراضي السورية.
يُشار إلى أن تركيا ومنذ بداية الأزمة السورية انخرطت في الحرب الدائرة هناك، من خلال الحضور العسكري تارةً، أو من خلال دعم تنظيمات إرهابية تارةً أخرى، ويأخذ عليها مراقبون بأنها تسعى للسيطرة على أجزاء من شمال سوريا، خصوصاً مدينة حلب، حيث تعتبر حلب وبحسب الأعراف التركية جزءً من الأمن القومي التركي!.