الوقت- تدأب الادارات الامريكة السابقة والحالية على تقديم نفسها كحامية لحقوق الإنسان، والمدافع عن الحريات، إلا أن العديد من قوانينها وممارساتها وخاصة في مجال حقوق الانسان داخل اراضيها تنتهك يومياً بحيث يكون أفراد الأقليات العرقية والإثنية، والفقراء، والمهاجرون، والأطفال، والسجناء الأكثر عرضة للمعاناة من الانتهاكات.
وفي هذا السياق كشفت صحيفة رويترز الامريكية تقريراً تفصيليا عن "تجارة الموت" في امريكا التي تزداد يوما بعد يوم دون اي تحرك رسمي من الحكومة الامريكية لردع الجناة وحماية الابرياء والضحايا.
وكشف التقرير ان مؤسسة علمية تحمل اسم BRC (مركز الموارد البيولوجية) في ولاية أريزونا تقوم بخداع المتبرعين باعضائهم قبل موتهم على اساس انها سوف تستخدم لاهداف علمية، الا انها في الحقيقة تستخدم لأهداف عسكرية، وبحسب الصحيفة فانه هناك حتى الآن اكثر من 5 آلاف امريكي قد انتسبوا بالفعل لهذه المؤسسة واغلبيتهم لا يعرفون بما سيحصل لأجسادهم بعد موتهم، وان كنتم تريدون أن تعرفوا ما سيحدث، تابعوا القراءة حتى النهاية.
رويترز داخل وكر BRC
وصلنا إلى المركز، حيث كان رجل صغير يدعى سام يقف بجانب جثة رجل عجوز، وكان بجانبه مجموعة من الادوات الجراحية كـ " الكماشة، سكين جراحية ومنشار كهربائي صغيرة لتقطيع الجثث". واخبرنا سام انه عندما يكون مشغولاً يقوم بتقطيع 5 الى 6 جثث في اليوم من اجل استخراج الانسجة منها والاعضاء. وقال انه يتقاضى لكل ساعة 21 دولار امريكي.
في اليوم الذي ذهبنا إلى المركز، كانت هناك جثة لعامل متقاعد يدعى "كونراد باتريك" أمامه، وذكر في سيرة الحياتية انه عاش مع زوجته حياة فقيرة وانه توفي قبل 6 ايام. الا ان باتريك لم يعلم ان جسده سوف يصبح كالسلعة يحمل رمزBRC13112103. وبحسب سام فان باتريك سوف يقطع الى 7 قطع كل قطعة توضع في علبة، قدمه اليسرى مثلاً ينبغي ان ترسل إلى مختبر طبي في شيكاغو. كتفه الايسر يجب ان يرسل الى مؤسسة علمية في لاس فيغاس وذلك لاستخدامها في ندوة جراحية، الرأس و العامود الفقري لباتريك كان من نصيب جامعة محلية في أريزونا. بقية أعضائه، بما في ذلك ساقه اليمنى والركبة اليسرى تجمد في ثلاجة المؤسسة كي ياتي احد ويشتريها بملايين الدولارات.
ووصفت رويترز، عملية تقطيع الاجساد وتوضيبها في علب كتعبئة وتغليف لحوم الحيوانات. فمع تسليم الجثة، يتم تقطيع جميع أعضاء الشخص الميت من الرأس حتى اسفل القدمين. الى هنا يمكن تبرير هذه التجارة إذا ساهمت بشكل مباشر في خلاص إنسان آخر أو إلى اكتشافات علمية قد تساهم في إنقاذ الأرواح البشرية. ولكن يبقى السؤال هل فعلا كل الاجساد التي تقدم الى مثل هذه المؤسسات في امريكا هي لانقاذ الارواح او ماذا؟
وفي هذا السياق كشفت رويترز وثائق مهمة تتعلق في تجارة الاعضاء في امريكا اضافة الى اجرائها مقابلات مع عمال بعض المؤسسات التي تقبل تبرعات الناس بأجسادهم اضافة الى اجرائها مقابلات مع اهالي المتبرعين الذين تعرضوا للغش من قبل هذه المؤسسات.
وذكرت رويترز في تقريرها أن العديد من الدلائل التي استطاعت الحصول عليها خلال التحقيق لم تكشفها خلال التقرير، وان الكثيرين في امريكا من اهالي الذين تبرعوا باعضائهم هم من الاناس العاديين ولا يعرفون ماذا حصل بجثث اولادهم.
بيع الجثث بسبب الفقر المالي
ووفقا لرويترز، تعتمد تجارة الاعضاء في امريكا على الفقراء، وفي الواقع هي ايضا تجارة مربحة لبعض اهالي المتبرعين الذين ليس لديهم المال الكافي من اجل اقامة مراسم الدفن والتعزية، حتى ان بعض المتبرعين قبل وفاتهم يقومون ببيع انفسهم للمؤسسات على ان تقدم الاموال الى اهاليهم.
ويلعب الوسيط بين المتبرع والمؤسسة دورا مهما في اقناع المتبرع وعائلته بإيهاب اعضائه تحت عنوان الخدمة الانسانية، من ثم يقوم المتبرع بالامضاء على اوراق مكتوبة بدقة متناهية بحيث لا يستطيع اغلبية المتبرعين ادراك وفهم ما هو مكتوب داخل الاوراق. وتسمح هذه الاوراق لتجار الاعضاء في امريكا بتقطيع اجساد المتبرعين اربا اربا على ان تباع باسعار كبيرة لمراكز اخرى.
ومن المثير للاهتمام، في كثير من الحالات، ونظرا لعدم وجود إشراف حكومي على هذه المراكز، يقوم الوسطاء بشراء هذه الاعضاء مرة اخرى من المراكز التي بيعت اليها على ان تباع في السوق السوداء وباسعار خيالية.
وفي سنة 2014، وبعد عملية اقتحام لعناصر الـ اف بي اي لاحد مراكز تجارةالاعضاء الغير شرعية، وجد أكثر من 10 طن من الجثث المجمدة تحتوي على 281 راس، 241 كتف، 337 قدم و97 فقرات عظام.
الاستخدام غير المشروع للجثث في اختبار الأسلحة
اما الشيء المؤسف والذي كشف عنه التقرير هو أن بعض الجثث المتبرع بها لهذه المراكز تستخدم لأغراض غير الأغراض المعلنة عنها في الاوراق، بحيث ان العديد من هذه المراكز، بما في ذلك مركز BRC والذي ذكر في بداية التقرير، يبيع جثث المتبرعين لمقاولين عسكريين وذلك لاستخدامها في تجارب على أسلحة جديدة.
وفي هذا السياق كشف متحدث باسم البنتاغون ان مركز الموارد البيولوجية باع بالفعل الكثير من الجثث لاختبار تأثير الاسلحة الجديدة45 على الاعضاء البشرية.
ومن المثير للاهتمام، وفقا لرويترز، ان جميع الأفراد الذين تبرعوا بجثثهم إلى المركز الطبي قد بيعت جثثهم الى الجيش من اجل اجراء التجارب عليها علماً ان المتبرعين قد مضو على العقود تقول انهم غير راضون ان تستخدم اجسادهم في دراسات غير الدراسات الطبية.
اذا، تقرير رويترز لم يكن الاول ولن يكون الاخير فقد سبقته تقارير اخرى تتطرق لها موقعنا ومواقع عالمية اخرى حول قضايا اخطر من تجارة الاعضاء كالتمييز العنصري واستخدام السلاح العشوائي في امريكا الخ.. كل هذه القضايا تظهر الوجه الحقيقي لامريكا على انها مجتمع فاسد منتهك لجميع حقوق الإنسان الدولية بكل ما للكلمة من معنى.