الوقت- في وقت قصير استطاع تنظيم داعش الارهابي ان يوجه ضربات قوية للمجتمع المصري والفلسطيني في سيناء مسببا ارباكاً كبيراً للدولة في مصر وحركة المقاومة حماس في غزة. واستطاع التنظيم الارهابي منذ عام 2014 التوسع والتمدد الى ان وصل الى سيناء المصرية، الأمر الذي يوحي بوجود أمصالٍ دوليّة وإقليميّة (وفي مقدمتها امريكا واسرائيل وبعض الدول العربية) غذته بهدف تدمير مصر العربية وتفكيكها واستنزاف محور المقاومة مرة اخرى عبر استهداف المقاومة حماس.
ويستهدف تنظيم داعش في سيناء كل من لا يتّفق مع عقيدته ومنطلقاته الفقهيّة، ولعلّ الجريمة الشنيعة التي أقدم عليها بالإضافة إلى جرائمه الكبيرة، إقدامُهُ على تفجير مسجد للصوفيين في سيناء ذهب ضحيته اكثر من 300 مصلي.
ومن هذا المنطلق، أصبح تنظيم داعش في سيناء رقماً مخيفاً، وهو يزداد قوّةً يوماً بعد يوم بفضل الامداد الاستخباراتي الامريكي-الاسرائيلي وللاسف بعض العربي، ويقوى بالجوار فما هي أهداف داعش المرحلية والبعيدة المدى في أرض مصر العربية؟
ما هي دوافع تحريض "ولاية سيناء" ضد حماس؟
نشر فرع تنظيم داعش الارهابي في سيناء إصداره المرئي مساء الاربعاء الماضي والذي وصف فيه حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بـ"الكفر والردّة" متوعدأ فيه قوى المقاومة الفلسطينية وأجنحتها العسكري، بقطع الإمداد العسكري ومحاربة كل من يقدم العون ويدعم المقاومة في فلسطين وخصوصاً حماس.
اصدار "داعش سيناء" لهذا الفيديو وفي هذا التوقيت أثار تخوفات مصرية وفلسطينية حول إمكانية حدوث تصعيد في المنطقة على شاكلة ما حدث في سوريا والعراق.
ويرى محللون فلسطينيون ان هناك دوافع ودلالات عدة تقف خلف تهجم تنظيم داعش الارهابي على المقاومة حماس وهي على الشكل التالي:
1- استطاعت مخابرات المقاومة حماس واجراءاتها الامنية في غزة من الحد بصورة كبيرة من إمداد تنظيم داعش بالأفراد المتأثرين بأفكاره من داخل غزة، فانعكس ذلك سلباً على بنية التنظيم.
2- بعد تحسن العلاقات الثنائية بين حماس ومصر بعد قطيعة دامت اكثر من 5 سنوات، وحصول اتفاق المصالحة بين حماس وحركة فتح، استطاعت الاجهزة الامنية المصرية والفلسطينية من ضبط الحدود مما اثمر ذلك في إحباط العديد من العمليات الموجهة ضد المجتمعين الفلسطيني والمصري و بذلك شهد أداء التنظيم تراجعاً ملموساً في عملياته، على الرغم من نجاحه في بعض الاستهدافات النوعية، مما دفعه إلى التوجه لتنفيذ عمليات استعراضية كهجوم مسجد الروضة بمدينة بئر العبد في سيناء في 2/ نوفمبر من العام الماضي، وقتل على أثرها 305 من المصلين.
3- يسعى داعش من خلال هذا الاصدار والنبرة العالية فيه الى تاجيج مشاعر وعواطف الشباب الفلسطيني والمصري بعد نجاح المعالجة الفكرية التي قامت بها الأجهزة الأمنية المصرية والفلسطينية في غزة وسيناء، بحيث قام داعش بالتذكيربعلاقات حركة حماس مع إيران والمصالحة مع فتح، كما قام بتذكية الاصدار بمشاهد لما جرى من مواجهة مع الجماعات المنحرفة في قطاع غزة، وخاصة أحداث مسجد ابن تيمية عام 2009.
المستفيد الاكبر من ضرب المقاومة حماس
عندما يهدد تنظيم داعش الارهابي المقاومة حماس بقطع "الإمداد العسكري ومحاربة كل من يقدم العون ويدعم المقاومة في فلسطين"، يتراء للاذهان سريعاً ان المستفيد الرئيسي هو العدو الاسرائيلي الذي يوجه بشكل مباشر اعمال التنظيم في "ولاية سيناء"، فبحسب خبراء عسكريين مصريين تنشط الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وعلى رأسها جهاز الأمن العام (الشاباك)، في ساحة سيناء بصورة فاعلة منذ عام 2011 عبر مندسين منحرفين من اجل تحقيق أهدافها وحل المعضلات التي وقفت في وجه نجاحه في حرب غزة الثانية، ومن بين هذه المعضلات هي تطور قدرات المقاومة القتالية، إلا أن وصول السلاح إلى قطاع غزة يمثل المعضلة الأكبر بالنسبة إليهم.
ويحاول الشاباك الاسرائيلي ومن خلفه أجهزة مخابرات إقليمية أمريكية وعربية، جاهدا الى فك هذه المعضلة وذلك عبر زج حماس واستدراجها غربا نحو معركة سيناء وإبعادها شرقاً عن المواجهة مع الكيان الإسرائيلي، وذلك من اجل إضعاف حماس عسكريا واستنزاف قدراتها في مواجهة مع جماعة مصنوعة استخدمت في أكثر من مكان في العراق وفي سوريا وأحيانا في ليبيا، هذه الجماعة المستخدمة في تلك الاماكن كان لها دورا مرسوما وهو اضعاف محور المقاومة المتمثل بايران و العراق وسوريا وحزب الله وحماس والسيطرة عليه في المستقبل الا ان مشروعهم باء بالفشل.
ولا يريد الشاباك توجيه الضربة لحماس فقط بل يسعى ايضاً الى " ضرب عصفورين بحجر واحد"، وذلك عبر اشعال فتنة طائفية في الداخل المصري وزيادة الانقسام بين الطوائف المصرية عبر استهدافه مرة جوامع للمسلمين ومرة عبر استهداف كنائس للمسحيين.
اذا حماس ومصر في خندق واحد هذه المرة، وعليهما الالتفاف والتنبه الى المخطط الذي يحيكه الكيان الاسرائيلي لسيناء والمنطقة، والذي هو جزء من المخطط الذي ترعاه أمريكا وبعض الدول العربية، وعليهما ادراك خيوط هذه المؤامرة الخطرة، فالأمر لن يتوقف على الجريمة السابقة وقد يكون هناك جرائم من نفس النوع بهدف الاستفزاز واشعال المنطقة وكي لا ينته بهما الامر كما حصل في العراق وسوريا عليهما زيادة التنسيق الامني والاسراع في معالجة الازمة عبر الانقضاض على الارهابيين واجتثاثهم عن بكرة ابيهم من سيناء كي لا تتمدد امارة داعش من جديد ويصبح اجتثاثها صعباً للغاية.