الوقت- لم يبق أحد على وجه الكرة الأرضية لم يسمع بعبارة "الجيش الذي لا يقهر"، إلا أن معادلات الحاضر اختلفت عن الزمن البعيد، والمقاومة باتت تشكّل رعبا لجيش الإحتلال، وحزب الله الذي هزمه في العام 2006 بإمكانات متواضعة، أصبح اليوم قوة عظمى، كما يراه جيش العدو نفسه. فصار ترقّب قدرات الحزب شغله الشاغل. والجيش الذي لطالما عمل على خطط هجومية، يضع اليوم خططا دفاعية وخائف على كيانه ومقوّماته الحياتيّة.
تشكيل هجومي استراتيجي
فقد نقلت صحيفة "هآرتس" عن مسؤولين كبار في الجيش "الإسرائيلي" تقديراتهم بأنّ "حزب الله تسلّح بقدرات -من جملتها الصواريخ- لضرب حقول الغاز في المياه الإقتصادية للكيان".
وبحسب ما ذكر مصدر في المؤسسة الأمنية، فإنّ" تهديد حزب الله بضرب حقول الغاز ليس كلاماً فقط، ووفق قائد سلاح البحر، اللواء إلي شربيط، فإنّ حزب الله لاحظ القدرة الكامنة في المنطقة البحرية وأنشأ لنفسه "تشكيلا هجوميا استراتيجيا بكل ما للكلمة من معنى".
ولفت شربيط الى أنّ "سلاح البحر نشر مؤخراً منظومة القبة الحديدية على سفينة "ساعر 5"، لحماية حقول الغاز، كردٍّ فوري قبل أن تنضم إلى السلاح سفن "ساعر 6" في العام 2019" وفق قوله.
وأضافت الصحيفة أنّ" شربيط كتب مؤخراً مقالاً قال فيه أن حزب الله "عمل لبناء تشكيل صواريخ هجومية وجوهرية"، وبحسب كلامه، "فإنّ حزب الله أنشأ عملياً، سفينة صواريخ من الأفضل في العالم- أي لديه الكثير من الصواريخ، التي لا تغرق""، وأضاف أنّ" قدرة جهات معادية على ضرب الثروات الإستراتيجية لإسرائيل ليست مقيدة بالضرورة بالصواريخ".
وكتب قائد قاعدة سلاح البحر في أشدود العقيد يوفال إيلون في مقال آخر أنه "يمكن الإفتراض في المواجهات المقبلة أن المجال البحري سيتهدد بشكل جوهري عبر جهات معنية لضرب مناعة "إسرائيل""، وبحسب كلامه، "فإنّ قوس الوسائل والقدرات واسع ومتنوع- بدءاً من سباحين "انتحاريين"، مروراً باستخدام زوارق متفجرة وحتى غطاسين متمرسين بالعمل في عمق المياه وبالمواد التفجيرية، بما في ذلك استخدام غواصات صغيرة ومنظومات زرع ألغام وتفجير من إنتاج ذاتي".
وأشارت "هآرتس" الى أنه" وعلى الرغم من قدرة حزب الله في ضرب حقول الغاز، فإنّ جيش الإحتلال يقدر عدم مسارعته إلى ضربها"، وقال ضابط في سلاح البحر للصحيفة "نحن لا نعتقد أن حزب الله سيقوم بعمل "متطرف" إلى هذا الحد فقط من أجل خلق استفزاز. الطرف الثاني يدرك أيضاً أن استهداف حقول الغاز هو إعلان حرب، لبنان الثالثة" على حد زعمه.
واعتبرت الصحيفة أنه" منذ اكتشاف مناطق الغاز في المياه الإقتصادية للكيان، اعتقدوا في "إسرائيل" أنها قد تكون مصدرا متفجرا، خاصة أمام حزب الله" وفق قولها، وقد وصف ضابط في سلاح البحر هذه المناطق بأنها "قنديلان يشتعلان أمام أعينهم".
وأضافت الصحيفة "في العام المقبل سيبدأ العمل في أماكن التنقيب الشمالية في المياه الإقتصادية لإسرائيل، كريش وتنين. هذه الأماكن ستُضاف إلى مهمات الحماية لسلاح البحر. مكانهم، القريب جداً من الحدود مع لبنان، من الممكن أن يثير التوتر من جديد مع حزب الله".
بالمقابل، يلاحظ جيش العدو أيضاً محاولة "حماس" في غزة للحصول على قدرة لضرب حقول الغاز، وأوضح الضابط أن "أحد أهداف "حماس" في المواجهة المقبلة سيكون ضرب حقول الغاز، وخلق حدث على مستوى الوعي. المسافة من قطاع غزة إلى الحقول تبلغ 40 كلم- وهذه مسافة هم قادرون على الوصول إليها".
ووفق الصحيفة، يستعد جيش الاحتلال أيضاً إلى تهديد من نوع آخر: عمل موضعي لعدة قطع بحرية صغيرة وعلى متنها عبوات أو غطاسين. الضرر الفعلي لعمل من هذا النوع سيكون قليلًا، وهدفه سيكون على مستوى الوعي بالأساس، لكن من المتوقع أن يشكل صعوبة في مواصلة تشغيل الحقل الذي سيتعرض للإصابة. مع ذلك، في هذه المرحلة فإن القلق لدى الجيش "الإسرائيلي" من هذا التهديد من غزة أقل من تهديد حزب الله".
ترسانة صاروخية فعالة ودقيقة
هذا ونقلت الصحيفة العبريّة أيضا عن مصادر وصفتها بأنّها رفيعة المُستوى في المؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة قولها إنّ إيران ساعدت الحزب على إنشاء مصانع صواريخ وخزنها تحت المنازل والمدارس والمستشفيات في لبنان، على حد زعمها.
وتابعت المصادر عينها قائلةً، بحسب الصحيفة، إنّ ذلك تسبب في دخول رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو في مواجهة مع إدارة الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب، إذْ رفض نتنياهو خطة أمريكيّة تشمل وقف إطلاق النار على الحدود السورية مع "إسرائيل". وقال إنّ ذلك سيسمح للحزب بالحصول على أسلحة قادرة على الإخلال بموازين القوى العسكرية.
وجديرٌ بالذكر أنّ مسؤولين صهاينة من المستويين السياسيّ والأمنيّ هددوا بشنّ حرب مدمّرة على لبنان إذا ما تمكن حزب الله من الحصول على صواريخ قادرة على اختراق أنظمة دفاع جوي متعددة المهام تتمتع بها "إسرائيل."
وأكد مسؤولون من المؤسسة الأمنيّة في كيان الإحتلال على ضرورة القيام بضربات استباقية لتدمير هذه الصواريخ قبل أنْ تصبح جاهزة للعمل. لكن تقارير استخباراتية إسرائيلية قالت إنّ ذلك سيؤدي إلى نشوب حرب وإلى انهمار صواريخ حزب الله على الداخل الإسرائيلي.
وتكشف مصادر مخابراتية أنّ حجم ترسانة حزب الله من الصواريخ يقدر حاليًا بحوالي 150 ألف صاروخ، فيما كان يقدر هذا العدد بحوالي 50 ألفًا في بداية حرب عام 2006، إضافةً إلى أنّ كمية هذه الصواريخ المطّردة تضاف إلى تقدم نوعياتها التي باتت أكثر فعالية ودقة في أهدافها.
إتّساع رقعة المواجهة
إلى ذلك، أشار موقع (WALLA) العبريّ إلى أنّ انحسار القتال ضد تنظيم "داعش" الإرهابي وما اسماه "تسهيل الممرات اللوجستية للجيش السوري" في الجولان والحافزية العالية التي تملكها إيران وحزب الله في القتال في المنطقة بما يتوافق مع مصالحهما، سيدفع هذا المحور إلى توسيع معاركه بالقرب من حدود الأراضي المحتلة، مضيفًا أنّه في المرحلة التالية سيتم التركيز على درعا جنوب سوريّة بمسافة مئة كيلومتر عن دمشق، ومسافة غير بعيدة أيضًا عن الحدود الأردنية.
واختتم الموقع، نقلاً عن مصادره الأمنيّة والعسكريّة في تل أبيب، إنّ هذه الأمور هي خطوات واضحة لأساليب مواجهة "إسرائيل" لإبعاد التهديد عن الحدود، مؤكّدًا أنّ الواقع الأمنيّ في الجولان سيُلزم الجيش الإسرائيليّ على اتخاذ موقف واضح يستهدف الكيلومترات القريبة جدا من الحدود.
يذكر أن رئيس أركان جيش العدو، غادي آيزنكوت، اعتبر أن حزب الله يشكل التهديد الأكثر خطورة على الكيان. حيث قدّم استعراضاً شاملاً لأوضاع الجيش الصهيوني في بداية عام 2018، تطرّق خلاله الى التهديدات الأمنية لكيان العدو، وذلك خلال مؤتمر خاص لإحياء ذكرى رئيس الاركان الأسبق أمنون شاحاك.