الوقت - هيبة السعودية وثقلها السياسي أصبحا في خبر كان، ماالحل إذاً وكيف يمكن الخروج من هذه الورطة السياسية التي وقع فيها الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز؟!، والتي سببها له وللمملكة "جنون ترامب وطموحات ابنه محمد".
اليوم السعودية في ورطة حقيقية، خاصة بعد فشلها فشلا ذريعا في كل المخططات التي عملت عليها، دعونا نبدأ من سوريا التي خرجت تقريبا من تأثير المال السعودي على الجماعات المسلحة هناك بعد قضاء الجيش السوري وحلفائه على أغلب الجماعات المتطرفة هناك وهزيمة مشروعهم الذي كان يرمي لتقسيم سوريا، ليتبعها خروج قطر من العباءة السعودية مع سلطنة عمان وعجز الرياض عن احداث أي تأثير حقيقي على الداخل القطري لكون قطر تمكنت من إقامة روابط اقتصادية وسياسية ممتازة مع كل من "ايران وتركيا"، ليخرج للعلن خلال الفترة الماضية قضاء العراق وسوريا على داعش ودحره بشكل كامل من العراق وسوريا لتلهث السعودية لاقامة علاقات مع بغداد وإغرائها بتقديم دعم مالي مقابل الحد من نفوذ ايران هناك إلا أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لم يتمكن من تحقيق متطلبات السعودية لكون العلاقة مع ايران استراتيجية لايمكن المساس بها.
رافق هذا الفشل المذكور آنفا إخفاق كبير في اليمن وعجز عن تحقيق أي هدف حقيقي هناك، فضلا عن خسارة مئات المليارات يوميا دون أي جدوى والغرق أكثر وأكثر في وحل اليمن، بعد كل هذا الاخفاق للرياض وجدت ضالتها في لبنان فحاولت إجبار رئيس الحكومة اللبناني، سعد الحريري على تقديم استقالته لزعزعة الأوضاع السياسية هناك وإغراق حزب الله في فوضى داخلية وبالتالي الحد من نفوذ إيران هناك، إلا أن الوعي اللبناني حينها وتكاتف الأفرقاء للدفاع عن رئيس حكومتهم، فضلا عن غضب فرنسا حليف لبنان الاستراتيجي من التصرف السعودي، دفع الحريري إلى العودة عن استقالته وبالتالي فشل جديد تمنى به السعودية.
أما اليوم فالحديث يجري عن محاولة جديدة للتدخل في لبنان عبر بوابة المخيمات الفلسطينية هناك، والخبر يأتي هذه المرة من صحيفة نيويورك تايمز التي كتبت في تقرير لها يوم الاثنين الماضي: أن "السعودية تسعى لتسليح ميليشيات في المخيمات الفلسطينية لمواجهة حزب الله، بهدف زيادة النفوذ السعودي مقابل ضرب النفوذ الإيراني في لبنان"، ونقلت "نيويورك تايمز"، عن مسؤولين لبنانيين وعدد من الدبلوماسيين الغربيين، قولهم إن "هناك مخاوف في بيروت من أن تسعى السعودية وحلفاؤها اللبنانيون إلى تشكيل ميليشيات مناهضة لحزب الله في المخيمات أو في أي مكان آخر".
أهداف السعودية
أولاً: لبنان يملك موقعاً استراتيجياً مهماً جدا فهو يصل الشرق بالغرب من جهة ولديه حزب الله الذي يقلق راحة السعودية ومن خلفها الکيان الاسرائيلي الذي تسعى السعودية لتحسين العلاقات معه من جهة أخری ومواجهة نفوذ ايران في لبنان من جهة ثالثة من خلال محاصرة حزب الله وتوريطه في حرب داخلية لإلهائه عما يجري في سوريا وإضعافه أمام الكيان الاسرائيلي.
ثانياً: إضعاف المقاومة الفلسطينية من جهة والضغط على الرئيس محمود عباس من جهة ثانية لابعاده عن قضية القدس التي لاتريد السعودية لها أن تأخذ صدىً كبيراً في المنطقة.
ثالثاً: السعودية تعلم جيدا أن تراجع الحريري عزز موقف حزب الله ومكانته السياسية في الداخل اللبناني وهذا آخر ما تتمناه السعودية، لذلك لابد من إيجاد خطة جديدة يتم من خلالها إضعاف موقع حزب الله السياسي في لبنان والحصول على نفوذ جديد أكبر هناك.
خطة السعودية
كيف يمكن للسعودية أن تخترق لبنان وتحدث فيه بلبلة وهو في وضع أبعد ما يكون على أن يتحقق فيه هذا الأمر نظرا لحكمة الرئاسة فيه ووعي حزب الله ورفض غربي لإحداث هذه البلبة؟!.
الحل وجدته السعودية عن طريق تسليح ميليشيات في المخيمات الفلسطينية، واللعب على وتر تخريب العلاقات بين الفصائل الفلسطينية وحزب الله، ولكن على ما يبدو فإن السعودية لا تعلم بأن العلاقات بين حزب الله والفلسطينيين في لبنان ممتازة منذ عشرات السنين وهناك تعاون بينهم على جميع الأصعدة حتى أن حزب الله لم يقطع علاقته مع حماس بالرغم من معارضته للحكومة السورية، وبعد استقالة الحريري بيومين توجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى الرياض بزيارة مفاجئة ليملي عليه ولي العهد بن سلمان أربع طلبات والكلام هنا لمسؤول فلسطيني كبير، الأول: عودة القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان إلى حضن الحركة، "فرملة" الاندفاعة باتجاه المصالحة مع حركة حماس، قطع علاقة فتح في لبنان بحزب الله، فسح المجال أمام جماعة محمد دحلان للانتشار في المخيمات الفلسطينية في لبنان.
هنا الرئيس عباس أجاب بأن موضوع دحلان يعود لمشكلة قانونية، وقرار فصله اتخذته اللجنة المركزية، مع ذلك يمكن الطعن مجدداً بقرارها أمام المحكمة الحركية التابعة لفتح، في محاولة من عباس للتنصل من الأمير الشاب لكن بن سلمان عاد وطلب منه فسح المجال لجماعة دحلان بالعمل داخل المخيمات الفلسطينية. ردّ عباس كان بأنهم يتحركون بحرية في المخيمات الفلسطينية.
من هذا الكلام نستخلص بأن خطة السعودية القادمة تجاه لبنان ستكون من خلال رجل الإمارات الأول محمد دحلان. هذا الرجل الذي يلقب بأخطبوط المؤامرات في الشرق الأوسط، لديه في لبنان مليشيات منشقّة عن حركة فتح على غرار مجموعة محمد عيسى في مخيم عين الحلوة، المعروفة سابقا باسم "لينو"، وهي مجموعة دخلت في مواجهات عسكرية مع مجموعات نظامية من حركة فتح بين عامي 2011 و2013، ولدى دحلان قوة مالية ضاربة عبر منظمة غير حكومية.
وفي تقرير سابق لصحيفة لوموند الفرنسية نشرت فيه أن الامارات كلفت دحلان بعمل كل ما في وسعه للتأثير على إعادة بناء شرق أوسط ما بعد "الربيع العربي"، وذلك حسب رغبة صديقه المقرب محمد بن زايد المتمحورة حول نفوره من ثلاثي الإسلاميين وإيران وقطر.
ويعرف عن دحلان تنفيذه عملياتِ اغتيال بحق خصومه السياسيين، وتشكيل فرق مسلحة كـ"فرقة الموت" لمحو قائمة من الرموز السياسية شكلت حاجزا حيال سلوكه السلطوي، وتطلعات حلفائه من الدول العربية، ولدى دحلان تنسيق أمني عالٍ مع الكيان الإسرائيلي ولمحت إلى هذا الأمر صحيفة "معاريف" الاسرائيلية بحديثها عن لقاء مبعوث رئيس الحكومة الإسرائيلية، يتسحاق مولخو، بدحلان في دبي.
هذه الأسباب وغيرها دفعت السعودية للاعتماد على دحلان في المرحلة القادمة لتنفيذ مخططها تجاه لبنان فهل ينجح؟!