الوقت-يتوالى الخلاف التونسي الاماراتي فصولا. فبعدما أقدمت شركة طيران الامارات على منع النساء التونسيات من السفر على متن طائراتها طالب وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي الامارات بتقديم اعتذار علني وأخبرهم أن تونس ليس جزءا من الامارات.
وقال الجهيناوي بشأن منع التونسيات من السفر إلى دولة الإمارات إن "الإماراتيين اتصلوا به وقدموا اعتذاراتهم".
وأوضح رئيس الدبلوماسية التونسية أن "الطرف الإماراتي اعتذر لنا في مكالماتنا الثنائية ، وأن طلب اعتذار رسمي قيد الدرس"، لافتا إلى أن بلاده تريد اعتذارا علنيا.
وكشف الجهيناوي أنه "أعلم الطرف الإماراتي أن تونس ليست جزءا من الإمارات، وأنه وجب عليهم إعلامنا بهكذا قرارات"، مضيفا:"اعتبرنا طريقة فرز المسافرين غير شرعية وأخبرنا الشركة الإماراتية بذلك".
ومن جهة أخرى، أكد وزير الخارجية التونسي "وجود المعلومة الاستخباراتية لدى الجهة الإماراتية في ما يتعلق بإمكانية تنفيذ عملية إرهابية من قبل تونسية أو امرأة حاملة لجواز سفر تونسي"، لكنه استدرك قائلا: "مع هذا لا يمكن قبول مثل هذا القرار".
وأضاف في هذا السياق قائلا: "الحكومات تمر والشعوب تبقى، وتونس ساهمت مساهمة فعالة في بناء دولة الإمارات العربية المتحدة".
تعليق الرحلات
وردا على قرار الامارات أعلنت وزارة النقل التونسية إنها قررت "تعليق رحلات شركة الخطوط الإماراتية من وإلى تونس إلى حين تمكن الشركة من إيجاد الحل المناسب لتشغيل رحلاتها طبقا للقوانين والمعاهدات الدولية".
ومن جهته استقبل الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي وزير الشؤون الخارجية خميّس الجهيناوي، لبحث "مستجدات التحركات الدبلوماسية التونسية إثر الإخزاء الإماراتي المتعلق بمنع التونسيّات من السفر إلى وعبر الإمارات".
وأكد السبسي حرصه "على عدم المسّ بحقوق المرأة التونسيّة مهما كانت الدواعي والمبرّرات"، موصيا في الوقت ذاته "بالعمل على تجاوز هذه الإشكالات في أقرب الأوقات حفاظا على علاقات الأخوة والتعاون القائمة بين الشعبين التونسي والإماراتي".
كما أكد الرئيس التونسي خلال لقائه وزير خارجيته على أن "قرار تعليق رحلات شركة الخطوط الإماراتية إلى تونس سيظل قائما إلى حين مراجعة إجراءات سفر التونسيّات طبقا للقوانين والمعاهدات الدوليّة الجاري بها العمل".
غضب تونسي
الدكتور رفيق عبدالسلام وزير الخارجية التونسي السابق علق على الامر قائلا ":أن إقدام السلطات الإماراتية على منع التونسيات من استقلال الطائرات الإماراتية يعد إجراء تعسفياً ويمس كرامة المرأة التونسية في الصميم، فضلاً عن كونه انتهاكاً لقوانين الملاحة الدولية حيث تم اتخاذ هذا الإجراء بصورة فجائية ودون إعلام الحكومة أو حتى مجرد إصدار بلاغ إعلامي.
وتساءل: "ما الذي يبرر منع التونسيات من ركوب الخطوط الإماراتية ولو على سبيل العبور؟" موضحاً: "من أصدر القرار يتهم جميع نساء تونس وهو بذلك يقول إن كل امرأة تونسية أصبحت متهمة في ذمتها وشرفها".
وأردف:" لقد اضطرت الحكومة التونسية دفاعاً عن سيادتها وكرامة التونسيات إلى منع الطائرات الإماراتية من النزول أو الإقلاع في المطارات التونسية رداً على هذه الإجراءات، مؤكداً أن الشعب التونسي ثار على نظام بن علي لأنه امتهن حرية وكرامة التونسيين والتونسيات، وبالتالي لا ينتظر منا أن نقبل الإذلال وامتهان كرامة مواطنينا".
وتابع قائلا": إذا لم تكن الإمارات راضية عن تجربتنا الديمقراطية الوليدة وسياسة التوافق التي انتهجناها رفضاً للإقصاء والصراعات والفتن، فهذا ليس الطريق الصحيح للتعبير عن المواقف السياسية."
وشدد قائلاً:" نحن بلد حريص على علاقات التضامن بين الأشقاء العرب، ولكننا ندافع عن كرامتنا وعزتنا حين تتعرض للانتهاك، مؤكداً أن حركة النهضة حريصة على علاقات التواصل والأخوة مع جميع الأشقاء العرب في إطار حرصنا على التضامن العربي، ولكن للأسف ناصبتنا أبوظبي العداء واعتبرتنا خطراً على أمنها القومي، بل وعملت على محاصرتنا ومحاولة إضعافنا بكل السبل، لأننا في حركة النهضة نؤمن بالمشروع الوطني الديمقراطي ولا نرى تناقضاً بين قيم الإسلام ومتطلبات الحداثة السياسية".
قرار الإمارات ونخوة المرأة التونسية
وفي سياق متصل أثار القرار الاماراتي جدلا واسعا في تونس وموجة غضب عارمة، انتقلت من وسائل الإعلام المحلية التونسية إلى مواقع التواصل الاجتماعي وجمعيات حقوقية حيث نقلت مواقع تواصل إجتماعي ردود فعل غاضبة في تونس، ليس فقط لأن القرار يسيء إلى "كرامة التونسيين" بشكل عام، بل بالخصوص لأنه يتعلق بنساء تونسيات، وهي نقطة شديدة الحساسية لدى الرأي العام التونسي. ففي تونس الشديدة النخوة بمكتسبات المرأة فيها، حتى قياسا لدول عربية أخرى، يبدو أن القرار الإماراتي قد أثار الغضب فيها على مختلف المستويات حيث أطلق نشطاء تونسيون هاشتاغ يطالب بمقاطعة شركات طيران الإمارات.
آراء المحللين
وعلى ذات الصعيد قال ياسر ذويب السياسي والحقوقي التونسي: "إن إقدام السلطات الإماراتية على منع التونسيات من ركوب الطائرات الإماراتية في تصوري يتعدى التعليل الذي قدمته الإمارات لتبرير قرارها".
وأكد أن :"القرار مرتبط بأجندة أبوظبي تجاه تونس، خاصة أن هناك زيارة مرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تونس بعد الجولة الأفريقية التي بدأها، تزامناً مع زيارة سمو الأمير الشيخ تميم الناجحة إلى بعض الدول الأفريقية،"
وأضاف قائلا:" أن تونس أصبحت مصدر أمل الأمة من خلال ثورتها المباركة، ولم تكن لتستمر إلا بمساندة دولة قطر الشقيقة التي ساندت من اليوم الأول تطلعات الشعب التونسي ورغبته في التغيير، في المقابل قامت الإمارات بدور تخريبي ومضاد للثورة من أجل وقف هذا الزخم الثوري والإصلاحي، بينما استقبلت السعودية المخلوع بن علي وكرمته، رغم أن الشعب التونسي ثار عليه، وهو ما يؤكد أن الرياض لديها موقف مناهض لثورتنا وهو موقف متماش بكل تأكيد مع المشروع الإماراتي".
في الخلاصة؛ تتأرجح العلاقة بين تونس والامارات ما لم تقدم الاخيرة اعتذارا علنيا يعيد المياه الى مجاريها وينشط العلاقة الراكدة بعد قرار الامارات المفاجئ الذي أغضب التونسيين حكومة وشعبا.