الوقت- أقيمت احتفالية اليوم الوطني القطري، هذا العام، في اجواء مختلفة في ظل الأزمة الحالية بين الدوحة والرياض. مختلفة من الناحية السياسية والأمنية. وكانت التدابير الأمنية لهذا العام أعلى بكثير من السنوات الماضية، حيث لفتت الانظار الى الشيخ تميم بن حمد امير قطر، وهو مُحاط بحراسه المسلحين عندما كان يصافح الجموع الحاضرة.
فمن الناحية السياسية، تجدر الإشارة إلى غياب أعلام دول مجلس التعاون الخليجي. ومن ناحية أخرى، قيل إن وجود الضيوف الإيرانيين والأتراك كان كبيرا جدا. وهذا ما استغلته بعض وسائل الإعلام المصرية والسعودية لمهاجمة رؤساء الدوحة مرة أخرى واتهامهم بكونهم "مرتزقة" أو "حلفاء" لإيران، في حين أن كِلا الاتهامين "كاذبين".
وقد انتقدت صحيفة الخليج الإماراتية الاحتفالات باليوم الوطني القطري وغياب علم الدول الأعضاء في مجلس التعاون، وفي اهانة علنية وصفت الحكومة القطرية بأنها " تنظيم الحَمَدين ". ويقصد بـ "الحمدين" حمد بن خليفة آل ثاني، الأمير السابق، وحمد بن جاسم رئيس الوزراء السابق.
كما انتقدت صحيفة "الخليج" تكرار كلمتي "العز" و "الخير" في مراسم البث التلفزيوني لليوم الوطني لقطر. وهي مقولة لأمير قطر، للتعبير عن عدم رضوخ قطر للسعودية وانها ستحافظ على عزها، وذلك في أعقاب قطع السعودية والبحرين ومصر والامارات جميع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر واتهامها بدعم الارهاب وزعزعة استقرار المنطقة.
وكتبت صحيفة الخليج: "حاول «تنظيم الحمدين»، إخراج إحياء اليوم الوطني لقطر، وكأنه يشكل حدثاً غير مسبوق، مستعيناً بذلك بما جمعه حوله من أجهزة إعلامية وحديث لا ينفك عن «العز والخير»، بينما يؤكد الواقع وجود وضع متأزم اقتصادياً وسياسياً، إلى جانب الغضب الشعبي من سياسات مشينة، أهمها: فتح أبواب البلاد أمام الإيرانيين والأتراك، وسحب الجنسية من آلاف القطريين الأصيلين. وفي يوم الاحتفال، بدت عزلة «تنظيم الحمدين» واضحة، فقد غابت المشاركة الخليجية المعتادة. كما بدا العلم القطري وحيداً، بعد أن كان المشهد دوماً يتسم بإحاطة العلم القطري بأعلام دول مجلس التعاون الخليجي."
في المقابل، يقال إن وجود الضيوف الإيرانيين و الاتراك كان كبيرا في مراسم هذا العام. وهذا ما جعل بعض الناس يعلنون خطأ أن القطريين احتفلوا بالعلم الإيراني.
وبشكل أدق، فإن الإيرانيين المدعوين كان لديهم أعلام بلادهم، وهو ما أحبط السعودية والإمارات والبحرين، لأن في الأعوام السابقة كانت الاحتفالية الوطنية تشهد وجود سيارات يقودها شباب من دول الخليجية، وحتى بعض لوحات الترخيص كانت تحمل ارقام البحرين والمملكة العربية السعودية كما كانوا يرفعون اعلام بلادهم. لكن هذا العام كانت اعلامهم غائبة عن المشهد وأعطوا مكانهم لضيوف من دول أخرى، مثل إيران وتركيا.
وتحاول بعض وسائل الإعلام المناهضة لقطر التي تسعى لتضخيم هذه القضية، أن توصل هذه الفكرة للشارع في المنطقة بأن قطر قد أعطت سيادتها الكاملة لإيران، حيث انتشرت صور مشتركة لأمير قطر مع الرئيس الإيراني، والجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق قدس، ورئيس جمهورية تركيا، وفي بعض الصور الأخرى، كانت صور السلطان قابوس العماني ملصوقة خلف زجاج السيارات القطرية وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، في حين أن صحة هذه الصور ليست واضحة.
ومع ذلك، لا يمكن إنكار دعم إيران وتركيا الكبير بعد الأزمة القطرية الأخيرة مع الدول العربية الأربعة. حتى ان بعض الشباب القطري أخذوا علم إيران أمام الكاميرات، وأظهروه للحكام العرب، وكانوا حتى يقفون أمامه بتحية عسكرية.
وفي نفس الوقت الذي أقيم فيه احتفالية اليوم الوطني، غرد الأمير القطري بأول تغريدته، وعلى الرغم من أنه واجه السخرية من قبل المستخدمين السعوديين، لكنه هنأ اليوم الوطني القطري مؤكدا على "استمرار طريق البلاد" نحو "العز والاستقلال" وهو ما معناه الخروج من مظلة المملكة العربية السعودية.
كما أن وكالة الأنباء المصرية "بوابة الفيتو" لم تتخلف عن صحيفة الخليج، وأشارت إلى صور للحضور الذي يُحتمل انه ايراني والذين حضروا اليوم الوطني القطري ورفعوا الأعلام الإيرانية في شوارع قطر، ووضعت عنوان "رفع اعلام ايران خلال احتفالات قطر باليوم الوطني".
وقد أشارت صحيفة الخليج إلى هذه المسألة، وهي "ارتماء قطر في احضان إيران"، وكتبت: "أنها "ابرز الانتهاكات" التي ارتكبها «تنظيم الحمدين» بحق بلاده؛ حيث أصبحت قطر بمثابة إحدى الولايات الإيرانية...".
ومن المؤكد أن المملكة العربية السعودية والإمارات وحلفاء آخرين غير راضين عن قطر بحيث أنهم مستعدون للإطاحة بالحكومة وإعطاء السلطة لأبناء عم والد الأمير القطري الحالي (الشيخ سحيم). ولعله من الواضح على من يتابع أحداث المنطقة، أن يرى ان مقاربة قطر لإيران هي ليست سوى نتيجة لسياسة حكومة المملكة العربية السعودية وحلفائها.
ولذلك، فإن من الأفضل لآل سعود قبل أن ينتقدوا الحكومة القطرية لعدم قبولها الشروط المُهينة للرياض، وينتقدوا من خلال وسائل الإعلام سبب التقارب بين إيران وتركيا، عليهم ان يصححوا سلوكياتهم وسياساتهم الخاطئة التي تسببت ايضا بإنتقادات من قبل حلفائهم.
وقال السفير الامريكي السابق لدى لبنان جيفري فيلتمان ونائب المتحدث باسم الامين العام للامم المتحدة الحالي ان السياسة السعودية في المنطقة قد حققت جميعها نوعا ما نتائج عكسية التي انتهت لصالح ايران.
على المملكة العربية السعودية مراجعة الخطاب الاول للسيد حسن نصر الله بعد بدء العدوان السعودي وحلفاؤه الحرب على اليمن. وقال الامين العام لحزب الله ان السعودية هي المقصر الأكبر حيث انه بسبب سياساتها الخاطئة أدت الى خلق فراغ حيث من الطبيعي ستكون ايران هي القدرة التي ستملأ هذا الفراغ. لذلك، ستملأ ايران الفراغ الحاصل في قطر مادامت السعودية تستمر في تعميق هذا الفراغ.