الوقت - تتوالى الهزائم التي يتلقاها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في انتخابات مجلس الشيوخ في أكثر من ولاية أمريكية، بعد أن سقط أكثر من مرشح يدعمه أمام منافسيهم في خطوة اعتبرها البعض من أهم تداعيات وصول ترامب إلى سدّة الرئاسة وانعكاساتها السلبية على الحزب الجمهوري.
وفي جديد مسلسل الهزائم هذه المرة، الخسارة المدوية التي تلقاها مرشح ترامب في ولاية آلاباما، بعد أن تمكن المرشح الديمقراطي، دووغ جونز، من الفوز على غريمه المرشح الجمهوري المتّهم بالتحرش الجنسي روي مور، في انتخابات فرعية شهدتها الولاية لشغل مقعد في مجلس الشيوخ، بدلاً عن السيناتور الجمهوري السابق ووزير العدل الحالي جف سيشنز.
وتكمن أهمية ولاية آلاباما من كونه معقلاً أساسياً للجمهوريين والمحافظين، وبالتالي فان فوز المرشح الديمقراطي في الولاية عزز موقعم في مجلس الشيوخ، وأصبح لديهم 49 مقعداً مقابل 51 للغالبية الجمهورية الأمر الذي سيشكل عقبة إضافية أمام أجندة ترامب التشريعية، ويعكس حالة الغضب من سياساته، اضف الى ذلك الارتباط الوثيق بين مصير ترامب في البيت الأبيض ومصير المرشح الجمهوري في ألاباما، التي تعد إحدى القلاع الجمهورية في الجنوب الأمريكي، كون الرجلين تعرضا سوياً لاتهامات بالتحرش، كان ترامب قد نجح في تخطيها، بفوزه بالانتخابات الرئاسية، رغم توجيه نحو 14 امرأة أمريكية، اتهامات له بأنه تحرش بهنّ قبل سنوات سابقة.
خسائر سابقة
وشكلت الخسارة الجديدة لترامب وحزبه ضربة موجعة تضاف الى ما سبقها من مسلسل الانتكاسات، إذ تمكن الديمقراطيون قبل أسابيع من الفوز في ولاية فرجينيا، وهزيمة المرشح الجمهوري إد جيليسباي، المدعوم من الرئيس ترامب، على يد الديمقراطي، رالف نورثام، الذي انتخب حاكما لولاية فيرجينيا.
كما فاز رئيس بلدية نيويورك، الديمقراطي بيل دىبلازيو، بولاية ثانية مدتها ٤ سنوات، بعد أن فرض نفسه معارضا شرسا للرئيس ترامب محققاً فوزا سهلا على منافسته الجمهورية نيكول ماليوتاكيس، بحصوله على ٦٤.٧% من الأصوات مقابل ٢٩.٥% لها.
كذلك حقق المرشح الديمقراطي فيل مورفي فوزا سهلا على الحاكم الجمهوري المنتهية ولايته كريس كريستي في نيو جيرسي، والذي كان لفترة طويلة حليفا لترامب، ما يعني أن اتجاهات الاقتراع لدى الناخبين الأمريكيين بدأت تميل لصالح الديمقراطيين، على حساب الحزب الجمهوري الذي أوصل ترامب الى سدة الحكم، وبناء عليه فان الامور تتجه في حال استمرار الوضع القائم لسيطرة الديمقراطيين على الكونغرس بشقيّه النواب والشيوخ، الأمر الذي سيضع عقبات إضافيّة أمام سياسات ترامب ويشعل المنافسة بينه وبين الكونغرس على اصدار القرارات واستخدام حق الفيتو.
ترامب يحقق رقماً قياسياً في استطلاعات الرأي
وإلى جانب الخسائر الانتخابية، توالت الضربات الموجعة على رأس الرئيس الامريكي، اذ أظهرت استطلاعات جديدة تراجع شعبية ترامب إلى حدود الثلاثين في المئة، وهذه أيضاً سابقة لم تحصل مع أي رئيس أمريكي سابق بعد أقل من سنة من انتخابه.
وأظهر الاستطلاع الذي أجراه مركز "Pew Research Center"الامريكي، المتخصص في قياس توجهات الرأي العام، انخفاض شعبية ترامب الى أدنى مستوى لها منذ تنصيبه في 20 يناير/كانون الثاني وبلغت 32%، في حين بلغت نسبة غير الراضين عن سلوكه 63%.
وكان استطلاع مماثل أجرته مؤسسة "Gallup"، المتخصصة في قياس الرأي العام في أكتوبر/تشرين الأول الماضي قد أظهر أن 33% من الأمريكيين، راضون عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ما عُدَّ حينها رقما قياسيا سلبيا.
صراع خلف الكواليس بين ترامب وحزبه
ويرجع كثير من المحللين الامريكيين اسباب خسارة الحزب الجمهوري في انتخابات مجلس الشيوخ في أكثر من ولاية وانخفاض شعبية ترامب الى الانقسامات الكبيرة في القاعدة الانتخابية الجمهورية بسبب الصراع الدائر داخل الحزب بين اليمين المتطرف بقيادة بانون المتحالف مع ترامب، وبين المؤسسة الحزبية التقليدية أو الاستبلشمنت الجمهوري، صراع وصفه بعض المحللين بأنه حرب داخل الحزب الواحد نتيجة وجود اختلافات أيديولوجية عميقة أصبحت أكثر وضوحا في عهد ترامب، وهو ما بدا جليا في الملاسنات العلنية بين ترامب ونواب من الحزب الجمهوري اعتبروا أن تصرفات الرئيس خلال الأزمات العالمية المستجدة تشكل خطراً واضحاً وفورياً على السلام العالمي، متهمين ترامب بالتعامل مع مهام منصبه بخفة وعدم مسؤولية، فيما ذهب بعض النواب أكثر من ذلك عندما شككوا بأهلية ترامب وتحدثوا عن أن المؤسسة الرسمية في الحزب الجمهوري ترمي الى إبطال نتائج انتخابات عام 2016 الرئاسية.