الوقت- أكدت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، أن العلاقة بين السعودية والامارات تتجه نحو مزيد من الخلاف والتوتر، مشيرة الى أن تحالف الدولتين "أضعف مما هو ظاهر"، رغم اعلان ابو ظبي مؤخراً إنشاء لجنة مشتركة، لتعميق العمل وتوحيده بين البلدين.
وأشارت المجلة الامريكية في مقال للباحث بجامعة أكسفورد البريطانية صمويل راماني، أن المستقبل سيشهد توتراً في العلاقة بين السعودية والإمارات، مرجعاً ذلك إلى وجود خلافات جوهرية في سياستيهما الخارجية، مؤكدا أن "احتمالات التوتر بين الدولتين تجد تعبيرها في عدد متزايد من الخلافات في سياستيهما الخارجيتين؛ ففي اليمن، على سبيل المثال، تساند كل من السعودية والإمارات قوى مختلفة ومتنافسة، وكانت الدولتان تبنتا نهجين متناقضين تجاه الحرب الأهلية السورية".
ويرى كاتب المقال أنه ورغم الاعلان مؤخراً عن إنشاء لجنة إماراتية سعودية مشتركة، قبيل نهاية قمة الكويت الخليجية الأخيرة، تهدف بحسب البيان الرسمي للدولتين الى التعاون والتنسيق في جميع المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية وغيرها من المجالات التي تقتضيها مصلحة البلدين، فان ما يجمع السعودية والامارات أقل مما يفرقهما.
وأشار الكاتب الى أن الوقوف من قرب على الديناميكيات الجيوسياسية داخل مجلس التعاون الخليجي يكشف أن تحالف الدولتين يمكن أن يكون أضعف مما هو ظاهر، وعليه ومن خلال نظرة مفصلة على نهج البلدين في التعامل مع أزمات المنطقة يمكن استقراء التوتر المقبل بين الجانبين، معتبراً أن خلاف السعودية وقطر خلاف على الهيمنة، أما ذلك الموجود بين الإمارات والسعودية فينبع من رؤيتين استراتيجيتين متنافستين، ونظراً إلى أن الدولتين درجتا على استخدام القوة العسكرية والمبادرات الدبلوماسية الأحادية لتشكيل نظام المنطقة وفقاً لرؤية كل منهما، فإن التوترات المتوقع ظهورها بين هاتين الرؤيتين المتنافستين ستستمر خلال المستقبل المنظور.
اختلاف ايديولوجي والصراع الوهابي العلماني
ويخلص الكاتب الى أن السعودية تحاول تعميق الصراع الطائفي في المنطقة وتسعى لنشر مذهبها الوهابي الذي تعتبره حصناً ضد النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، بينما تسعى أبو ظبي الى الدفاع عن النهج العلماني وعملت على تشكيل تحالفات غير أيديولوجية في مناطق الصراع وترى أن المجموعات الإسلامية خطر على استقرار المنطقة أكثر من إيران، وتحاول الإمارات دومًا إزاحة النِّظام السعودي من الواجهة، وتصدير نفسها باعتبارها البديل التقدمي والقادر على هزيمة "الإسلام الراديكالي"، ورؤية الإمارات هذه نابعة من قناعتها بأن الشبكات الإسلامية تتبنى أيديولوجية عابرة للوطن ترفض المساومة السياسية، وعليه فان قادة الامارات يتبنون نهجاً أكثر مرونة مع طهران مقارنة مع النهج السعودي المتطرف.
خلاف مفصلي حول اليمن
وفي الملف اليمني، يظهر الخلاف بين الرياض وأبوظبي بشكل علني وواضح رغم سعي البلدين الى عدم الحديث عنه رسميا، ولكن تراكب الشروخات جعلت التصدّعات بين الطرفية عميقة جداً، فالسعودية لا ترحب بأي زعامات عربية تقاسمها موقعها السياسي والإستراتيجي. خصوصًا إذا كانت دولة صغيرة نسبيا كالإمارات، اذ ترى الصحيفة أن النهج الطائفي للنظام الإقليمي للشرق الأوسط الذي تتبعه السعودية تسبب في أن تنظر الرياض إلى قيام "حكومة شيعية" في اليمن تتمتع بعلاقات جيدة مع إيران تهديد مباشر لأمنها الوطني، بينما ترى الامارات الأزمة في اليمن من منظار مختلف وتسعى لتنفيذ أجندتها في البلاد وهو ما تمثل مؤخراً بالسيطرة على جزيرة سومطرى اليمنية ووضع ميناء عدن تحت ادارتها، وعليه فان ابو ظبي تسعى لتكريس الانفصال في اليمن، بفرض سيطرتها على المحافظات التابعة لما كانت تسمى جمهورية اليمن الديمقراطية، قبل إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في 1990م، وذلك تمهيداً للإعلان الرسمي عن تشطير البلاد،مما يؤجج الصراع بين الحلفين على رقعة الشطرنج اليمنية.
خلاف حدودي شائك
ومن أكثر الملفات الشائكة بين السعودية والامارات هو الموضوع الحدوي لما يتمتع به هذا الملف من بُعد سياسي وإستراتيجي وتاريخي، يتعلق بظروف نشأة دولة الإمارات التي فشلت في ضمّ كل من قطر والبحرين إليها لتُصبح تسع إمارات بدلًا من سبع، ولكن بقيت حقل نفط الشيبة الذي تبلغ إنتاجية 500 الف برميل يومياً،وقضية خور العديد تقض مضاجع حكام الامارات الذين أعربوا أكثر من مرة أن السعودية أجبرتهم على توقيع اتفاقية حدودية تحت ظروفٍ قاهرة، ووصلت العلاقات إلى مرحلة سيئة خلال عام 2009م. وُصفت الأزمة حينها بـ"حصار سعودي بري" على الإمارات على خلفية الخلافات الحدودية وتصاعدت إلى مرحلة صعبة للغاية عام 2010 عندما أطلق زورقان تابعان للإمارات النار على زورق سعودي في خور العديد واحتُجِز اثنان من أفراد حرس الحدود السعودي، ولا زالت الحدود البحرية بين البلدين غير مُتفق عليها حتى الآن.