الوقت- الثالث والعشرين من تموز/ يوليو الماضي كان تاريخا فاصلا في العلاقات الأردنية_الاسرائيلية، نتيجة لحادثة السفارة الشهيرة التي قُتل على اثرها مواطنين أردنيين اثنين على يد الاسرائيلي "زيف مويال"، لتغلق فيما بعد السفارة الاسرائيلية في الأردن بعد الغضب الشعبي الذي رافقه استفزاز اسرائيلي آخر أزم العلاقات أكثر فأكثر.
واليوم وبعد فشل الكيان الاسرائيلي بردم الهوة وإعادة العلاقات مع الأردن يمارس عليها الضغط الاقتصادي والأفضل أن نقول "اسرائيل تهدد الأردن اقتصاديا" وذلك من خلال تجميدها لمشروع "قناة البحر الميت" إلى حين إعادة فتح سفارتها المغلقة منذ نحو 3 أشهر في عمّان، وعودة الدبلوماسيين الإسرائيليين إليها.
مشروع قناة البحر الميت
أشارت اليوم مجلة "الإيكونوميست" البريطانية في تقرير نشرته على صفحات مجلتها تحدثت فيه عن هذا المشروع وكيف أجبرت اسرائيل الأردن على إكمال المشروع لوحدها ممارسة عليها أقسى أنواع الضغوط لإجبارها على فتح السفارة.
تفاصيل المشروع
يتمثل المشروع في تحلية مياه البحر في ميناء العقبة الأردني، وضخ 200 متر مكعب من المياه المالحة المتبقية في البحر الميت كل سنة، على الرغم من أن هذه الكمية لن تكون كافية لضمان بقاء البحر الميت، الذي يحتاج إلى 800 متر مكعب ليحافظ على مستواه الحالي.ونقلت المجلة عن البنك الدولي تصريحا بين فيه أن حاجة الشخص من المياه تعادل ألف متر مكعب في السنة، في حين لا يوفر الأردن إلا 15 بالمائة من حاجات شعبه أو أقل من ذلك.
الضغط الاسرائيلي وتكلفته
ذكرت المجلة الأمريكية أنه في ظل الوضع الراهن سيحاول الأردن مواصلة مسيرة مشروع "الأحمر/ الميت" لوحده، ولكن سيكون الثمن باهظا. فخطوط الأنابيب الموصولة بالبحر الميت ستحتاج إلى صيانة دورية، بسبب المياه المالحة التي تتسبب في تآكلها.كما أفادت المجلة، نقلا عن مهيار، قوله، إن تكلفة هذا المشروع ستبلغ مليار دولار، تنقسم بين تكاليف بنائه وصيانته خلال عقد واحد. ولكن، لن تساهم الإجراءات الأحادية في تلبية حاجات عمان من الماء، لأن تكلفة نقل المياه الصالحة للشراب من العقبة ستكون مكلفة جدا. وأوردت المجلة أن الأردن يعتبر أكثر دول العالم جفافا وقحطا، وستزيد التغييرات المناخية من تعمق أزمته.
الشروط الأردنية والاستفزاز الاسرائيلي
رفضت اسرائيل فتح تحقيقات جنائية ضد الحارس الذي قتل أردنيين في الحادثة، حتى إنها رفضت محاكمته وعزت ذلك إلى أن تصرفه جاء دفاعا عن النفس، لكن الأردن مُصر على محاكمة القاتل مويال خاصة بعد الاستقبال الاستعراضي له وللسفيرة الإسرائيلية، عينات شلاين من قبل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وكأنهم أبطال قوميين، وخلال استقباله قال له نتنياهو: "قلت لك أني سأعيدك إلى بيتك وها أنت تعود، أهلا وسهلا بك، تمتع بالحرية"، أشعلت هذه الكلمات الشارع الأردني وأثارت غضبه خاصة بعد نشر صور الاستقبال، الأمر الذي أثار انتقادات داخل إسرائيل نفسها، حتى أن عائلة الشهيد محمد الجواودة الذي قُتل على يد الحارس الاسرائيلي شعرت بالخذلان من عدم محاكمة المجرم بل على العكس تم تكريمه داخل اسرائيل.
اليوم أبواب السفارة مغلقة وشلاين لن تعود، بحسب مصدر دبلوماسي إسرائيلي، طلب عدم نشر اسمه، لوكالة "رويترز"، مضيفا "لا يرغب الأردنيون في عودتها، وكان هذا عقبة في طريق إصلاح الأمور". وامتنع المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، عمانوئيل نحشون، عن التعليق على القضية، واليوم يعمل نتنياهو على إعادة العلاقات وإنهاء الخلاف عن طريق تقديم بعض العروض مثل تقديم الحارس القاتل للمحاكمة والاكتفاء بتعيين سفير جديد بدل السفيرة الحالية عينات شلاين، التي دافعت عما أقدم عليه الحارس، ولكن المسؤولون الاسرائيليون يرون أنه من غير المرجّح بشدة أن تحاكم إسرائيل الحارس بناء على طلب الأردن، لكن فرص استئنافه العمل في الأمن الدبلوماسي الإسرائيلي في الخارج موضع شك بعدما نشرت صحيفة أردنية اسمه وصورة له.
الأجواء في الأردن متوترة جداً لأن القضية تتعلق بالكرامة الوطنية للأردن، وبالتالي قد يستغرق حلها سنوات، وتشبه صحيفة "هآرتس" الاسرائيلة الأجواء هناك لتلك التي سادت في أعقاب محاولة الاغتيال الفاشلة لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس سابقا، خالد مشعل في الأردن، ومن هنا نجد أن الانتهاكات الاسرائيلية في الأردن ليست بالجديدة ولا يمكن للأردنيين أن ينسوا حادثة اغتيال القاضي رائد زعيتر على الأراضي الأردنية وبأيادي اسرائيلية وبالتالي لا يمكن الوثوق بالاسرائيلي الذي لايملك أي معايير في علاقاته فضلا عن الضرائب التي يجب أن يتحملها كل من يريد إقامة علاقات معه والأردن مثال حي على ذلك، والآن يبقى السؤال هل سترضخ الأردن للضغوط الاسرائيلية أم تتراجع اسرائيل عن ضغوطها وتحاكم القاتل ؟!.