الوقت- مساء الإثنين الماضي، لاحظ مراقبون حدوث تغيير جذري في سياسة قناة "الجزيرة" القطرية بشان الازمة السورية، حيث قطعت بثها التقليدي ونقلت مباشرة خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله كاملا، وذلك بعد انقطاع دام اكثر من سبع سنوات.
وكان الخطاب في معظمه يشكل ردا على مزاعم السعودية حول تهريب حزب الله اسلحة لحركة انصار الله اليمنية، ونقل تكنولوجيا الصواريخ الباليسيتة اليهم. وفي نشرات لاحقة قامت قناة "الجزيرة" باعادة بث الفقرات التي ركزت على الهجوم على السعودية.
منذ اندلاع الأزمة السورية في العام 2011، كانت قناة الجزيرة تعمل بالتنسيق مع قناة العربية، وتسير وفق المخطط السعودي، ورفعت الصوت عاليا للإطاحة بالحكومة السورية.
وعلى الرغم من ظهور ما سمّي بالربيع العربي وثورات الشعوب العربية على الديكتاتوريات التي كانت تحكم بلادها، في تونس، ليبيا، مصر، البحرين والسعودية، إلا أن تركيز القناة القطريّة، الذراع الإعلامي القوي لدولة قطر، كان على سوريا والسعي لإظهار المجموعات الإرهابية وكأنها مجموعات معارضة ثائرة. ولم تظهر القناة أيا من المشاهد المتعلّقة بالمعارضة البحرينية ضد آل خليفة، أو المعارضة السعودية في القطيف والشرقية السعوديتين في وجه آل سعود.
أدت تلك السياسة التي كانت تتّبعها القناة إلى خسارتها لمكانتها بين مشاهديها من الشعوب العربية، وأدت أيضا لاستقالة الكثير من إعلامييها، كمدير مكتبها السابق في بيروت غسان بن جدو، ومدير مكتب طهران أيضا، محمد حسن البحراني، وعباس ناصر مدير مكتبها في لبنان.
ومنذ ذلك الحين، أوقفت الجزيرة ومعها القنوات الرافضة لمحور المقاومة، كالعربية والمستقبل وسكاي نيوز العربية، بث اخبار قادة ذلك المحور وشخصياته كالسيد حسن نصر الله، امين عام حزب الله. وعملت بشتى وسائل الحرب الناعمة على ضرب ذلك المحور، كتحريف الأخبار والمبالغة فيها، ونشر الشائعات والتأكيد على تسجيلات غير موثوقة وكثير من الأمور غير الشرعية، وكانت تستفيد أيضا من أشخاص كاذبين ينتحلون صفة شهود عيان ويدلون بتصريحاتهم.
عملت قناة الجزيرة بشتى الوسائل لضرب محور المقاومة، ولم توفّر وسيلة يمكنها الإستفادة منها كقناة تلفزيونية إلا استفادت منها، إلا أن تأسيس قنوات أخرى في العام العربي، كقناة الميادين، أدى إلى خسارة الجزيرة عددا كبيرا من مشاهديها، وباتت أداتا بيد المملكة العربية السعودية لا أكثر.
إلا أن وصول محمد بن سلمان إلى ولاية العهد، وتحكّمه بجميع زمام الحكم في المملكة السعودية، وهجومه العلني على دولة قطر، إلى جانب عدد من الدول الخليجیة كالإمارات والبحرين. تحاصرت قطر، وعلمت الجزيرة جيّدا أن لا مفرّ لها من مغازلة محور المقاومة ، والتعديل على سياساتها، والعودة للقضية الأساسية للعرب والمسلمين، وهي القدس.
تسعى الجزيرة من خلال هذه الخطوة، أي الإهتمام بمحور المقاومة وحزب الله من جديد، إلى استعادة مكانتها التي خسرتها في العالم العربي منذ سنوات بسبب اتباع سياسة لطالما حذّرها منها خبراء. واللافت أيضا مشاهدة تقارير عن الفظائع التي يرتكبها النظام السعودي في اليمن العربيّ.
وكما تفعل الجزيرة، سياسيا تعمل الدولة التركية أيضا إلى التقرّب من محور المقاومة من جديد. فقد بات معلوما أمام أنقرة أن المشروع الأمريكي - الصهيوني الذي يقتضي تقسيم سوريا والمنطقة، سيصل إلى تركيا، وبعد سوريا سيكون الأوان قد حان لضربها، فسارعت لاستدراك الوضع، وها نحن نرى التغييرات الواضحة في سياساتها الخارجية.
الحبل على الجرّار، وفي النهاية لن ينتصر إلا محور الحق، ولن يبقى سوى الصوت الصادح به مرتفعا. المرحلة المقبلة مهمّة، خصوصا بعد الإنتصارات التي يحققها محور المقاومة في كلّ مكان، فمن بعد الجزيرة؟ وأي دولة ستلتحق بالركب الذي لحقته تركيا في الأيام الأخيرة؟