الوقت- أظهر اخر استطلاع للرأي من داخل المجتمع السعودي، أن نسبة كبيرة من المستطلعة آراؤهم يؤكدون على ضرورة العمل بجهد لايجاد توافق بين السنة والشيعة، كما اظهرت النتائج فشل الدعاية السعودية بالترويج لايران على أنها عدو للمجتمع السعودي.
وفي الارقام المستخرجة من الاستطلاع الذي نشر معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى ، ووصفه بأنه "فريد من نوعه"، فان ثلاثة أرباع السعوديين أنه "يتعيّن على العرب العمل بجهد أكبر من أجل التعايش والتعاون بين السنّة والشيعة". ويُظهر السعوديون توافقا بين الطوائف حول هذه المسائل، حيث تتفق اغلب الاراء على ضرورة ايجاد حل توافقي مع السنة والشيعة بشكل عام وايران بشكل خاص، فيما يطالب قسم اخر اقل من الأول بضرورة وجود أقصى درجة من التعاون العربي ضد إيران.
كذلك تظهر البيانات أن نسبة ليست قليلة من المجتمع السعودي تؤيد السياسة الإيرانية الأخيرة على الرغم من الحملة الدعائية الكبيرة التي تنتهجها الحكومة السعودية ليلا نهارا ضد ايران وسياساتها في المنطقة، اذ يؤيد أغلب شيعة السعودية أكثر من 60 بالمئة ايران والمقاومة الاسلامية في لبنان (حزب الله) كما يؤيد حوالي 4 بالمئة من السنة الجمهورية الاسلامية الايرانية وحزب الله، وهي نسبة لاتعتبر قليلة قياسا لحجم الدعاية السعودية.
كيف يمكن قراءة تلك الأرقام؟
تشكل النتائج والارقام السابقة علامة فارقة في المجتمع السعودي، من حيث كونها مؤشر لفشل النظام وعلى مدى عشرات السنوات ورغم كتيبة "الدعاة" الوهابيين الذين تجندو للهجوم على ايران في اقناع السعوديين أن ايران هي عدوتهم الأولى بل على العكس من ذلك يطالب غالبية المجتمع السعودية بضروة ايجاد تفاهم وتوافق بين المسلمين، وهذه نتيجة منطقية ايضا كون الرياض فشلت ايضا خلال تلك الفترة من جر ايران الى الخطاب الطائفي، وبالتالي لم ير المواطن السعودي على مدى السنوات الماضية ورغم أوج الفتنة التي تعيشها منطقتنا الأن، من أي برنامج تلفزيوني او دعاية او شيخ محسوب على ايران يتهجم على السنة.
كذلك فان هناك عدم ثقة واضحة من قبل الشعب السعودي بإعلام نظامه كونه ينقل جانباً واحداً من المسألة تجلى ذلك واضحا من خلال اعتبار ما يحدث في البلدان العربية ثورات وعند اي دعوى لحراك داخل المجتمع السعودي يبدأ الاعلام السعودي بالحديث عن خراب البلدان التي حلت فيها تلك الثورات، ويبدأ باستضافة شيوخ السلطان للافتاء بحرمة الخروج على ولي الأمر حتى ولو كان فاسقا، مما ولد شعور داخلي بان النهج الإعلامي السعودي شمولي لا يتناسب مع شريحة واسعة من الشعب فضلاً عن النخب وفقد قيمة هذا السلاح الموجه داخليا قبل ان يكون خارجيا.
وما احدثه الانتقال بين ليلة وضحاها من الحرام الى الحلال فيما يتعلق بقرار السماح للمرأة بقيادة السيارة، وموجة السخرية داخل المجتمع السعودي من الدعاة وكيفية تغيير فتاويهم بما يتناسب مع رغبة السلطة، أظهر بوضوح أن المواطن السعودي فقد الثقة بهؤلاء وبحديثهم في جميع المجالات، وبالتالي فان روايات التحريض على ايران لم تعد مقنعة، وما كانت تقوم به لسعودية واستغلالها للجهل مناطق عدة للترويج لأفكار السياسية والعدائية ضد ايران لم تعد فعالة.
لا يقتصر الأمر على الفشل السعودي بل هناك نجاح الايراني دور بارز في هذه القضية، فالانفتاح الايراني على دول مجلس التعاون، وتحديداً سلطنةعمان والكويت، إضافةً إلى الاتفاق النووي كشف لشريحة واسعة حقيقة المزاعم السعودية.
انقسام داخلي حول "اصلاحات" محمد بن سلمان
وأظهرت البيانات الفريدة من نوعها التي استنبطها الاستطلاع وجود بعض الانقسامات الاجتماعية الداخلية المستمرة ضمن المجتمع السعودي فيما يتعلق بالقرارات المتسارعة التي شهدتها المملكة، التي كان آخرها السماح للمرأة بقيادة السيارة، وتساءل المعهد: "هل ولي العهد محمد بن سلمان معتدل لدرجة تهدّد بقاءه؟"، ونوّه المعهد إلى أن هذه القرارات المتسارعة يصاحبها تخوف من احتمال ردة فعل رجعية، ويدلّ ذلك على قضية أكبر أساسية وأصولية في آن.
ومن ناحية دعم الحركات الاصولية والسفلية، أظهر الاستطلاع أن 50 بالمئة من مازالوا يؤيدون هذه الحركات ويقفون ضد "الاصلاح" الذي يسعى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لاقراره في المملكة، وبحسب المعهد الذي اجرى الاستطلاع فان الأصوليون المتشددين يحتفظون بولاء أقلية لا بأس بها من السعوديين، وهذا يفرض وتيرة بطيئة محتّمة على المرحلة الانتقالية التي ستتخلّلها من دون شك العراقيل".
اي ان الارقام تؤكد أن هناك فجوة واضحة بين الشعب والنظام في السعودية، رغم محاول الأمير محمد بن سلمان اليوم ملئ هذه الفجوة عبر تحويل الدولة من وهابية إلى علمانيّة، إلا أن لهذا الأمر تداعيات كبيرة على الداخل السعودي الذي قد يتعرض للانفجار خاصة اننا هنا امام عن نسبة 50 بالمئة مؤيدة للعملانية مقابل اخرى مناهضة لها.
واللافت ايضا هنا أن أكثر من ربع المجتمع السعودي مازال يدعم سراً جماعة "الإخوان المسلمين" بالرغم من محاربة السلطات السعودية لها محليا واقليميا وتصنيفها كحركة ارهابية، كما يعتبر 25 بالمئة من السعوديين أن "الاستماع إلى من يحاولون تفسير الإسلام بطريقة معاصرة ومتسامحة ومعتدلة" هي "فكرة جيدة".
ايضا ما يثر الدهشة في هذا الاستطلاع السؤال التالي: ماذا يريد السعودي من أمريكا؟، والذي أظهر الاستطلاع ترتيب الأولويات التي يريدها السعوديون من واشنطن وتضمنت مايلي:
- بنسبة 24 في المئة "توسيع نطاق دورها الفعال في محاربة تنظيم "داعش" الارهابي و"القاعدة" والجماعات الإرهابية المماثلة".
- كما طالب المستطلعون ببذل أمريكا لجهد أكبر للتوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة في اليمن بعد فشل الحل العسكري السعودي.
- ممارسة ضغط أكبر لحل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي" بنسبة 16 في المئة".
- كما طالب نسبة لا بأس من أمريكا وبكل بساطة "الحد من تدخلاتها في المنطقة".
- وأظهر الاستطلاع أن 20 بالمئة من المجتمع السعودي يؤيد السياسة الامريكية ومع ذلك، ترى ضعف هذه النسبة أنه "من الضروري أن تجمع علاقات جيدة بين بلدنا والولايات المتحدة".
السؤال الاخير كان لافتا والاجابة عليها كانت لافتة أكثر خاصة واننا نتحدث عن بلد مثل السعودية المعروفة بقمعها لحرية الرأي، ومن الممكن أن تسأل مواطن السعودي حول الرضا عن السياسة الامريكية بشكل عام ويجاوب بقليل من الخوف أقل مما لوكان السؤال عن مدى رضاها بالسياسة السعودية، ولهذا فأني ارى هذا السؤال الاخير ورغم اهمية البيانات المستقاة منه بأنه يناسب مدى الرضا عن سياسة السعودية وخاصة اننا نعرف أن امريكا لا تترك لاتباعها رأي، وأية سياسة امريكا هي بطبيعة الحال ستكون سعودية ولا يحق للرياض المناقشة..وفهمكم كفاية.