الوقت- تشهد أروقة الأمم المتحدة في جنيف، الجمعة معركة دبلوماسية حقيقية بين المدافعين عن حقوق الانسان، ضد السعودية وشركائها التي تسعى للتغطية على جرائمها المروعة بحق الشعب اليمني، والافلات من وضع اسمها على القائمة السوداء التي نجحت في مرة سابقة بحذفه بعد فضيحة بان كي مون المعروفة.
وبالتزامن مع انعقاد الدورة الـ36 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، تقدمت هولندا وكندا وبدعم من المنظمات الدولية بمشروع قرار لتشكيل لجنة تحقيق دولية بالانتهاكات، وعلى الرغم من الدعم القوي الذي تتمتع به المطالب بـ"لجنة تحقيق دولية"، وما حُشد لها من دعم حقوقي ورسمي من بعض الحكومات، إلا أن التصويت، اليوم، سيكون حاسماً بالنسبة للحراك الحقوقي والدبلوماسي الذي استمر لأكثر من شهر.
السعودية تهدد الدول التي ستؤيد اجراء تحقيق مستقل
وكانت مصادر اعلامية ودبلوماسية كشفت قبل أيام ان الرياض هددت الدول التي تؤيد مشروع القرار المتعلق بتحقيق دولي مستقل بالانتهاكات، بأن التأييد سيكون له "تأثير سلبي" على العلاقات التجارية والدبلوماسية لها مع الدول التي تؤيد ذلك، بعدما حصلت مطالب تشكيل لجنة للتحقيق على تأييد وتفاعل واضحين من قبل اللاعبين الدوليين، منذ نهاية شهر أغسطس/ آب 2017.
وكشفت مصادر دبلوماسية عن مضمون رسالة سعودية الى كل كندا وهولندا بسبب تبنيهما قرار في مجلس حقوق الانسان يمكن أن يؤثر سلباً على علاقاتهما التجارية والدبلوماسية مع الرياض".
وأكد دبلوماسيان غربيان في البلدين أنّ دولتيهما تلقّتا هذه الرسالة، بعد أن كشفت هولندا وكندا النقاب عن مسودة قرار تدعو إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة لضمان "محاسبة مرتكبي الإنتهاكات والتجاوزات بما في ذلك الذين ربّما يرتكبون جرائم حرب وجرائم في حق الإنسانية"، وأيدت دول كثيرة المسودة التي تقع في ثلاث صفحات عندما التقى الدبلوماسيون لبحث إجراء تعديلات.
بدورها أعربت الصين قبل ايام عن استعدادها لدعم إجراء تحقيق دولي في الفظائع التي تحدُث في اليمن مثلما طالب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان ولكن كلا من السعودية وامريكا قالتا إنّهما لا تؤيدان هذه الفكرة، بينما تسعى بريطانيا حاليا جاهدةً في مجلس حقوق الإنسان باستخدام موقفها لعرقلة إنشاء لجنة تحقيق دولية بشأن الانتهاكات في اليمن.
منظمات حقوقية تناشد الأمم المتحدة دعم اللجنة الوطنية
وقبل جلسة مجلس حقوق الانسان، ارسلت أكثر من 70 منظمة حقوقية دولية ومحلية، من منظمات المجتمع المدني العاملة في اليمن، في رسالة موجهة إلى رئيس مجلس حقوق الإنسان والى مفوض الأمم المتحدة السامي ، وسفراء الدول الأعضاء فـي المجلس تدعو فيها الى الاستمرار في دعم اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، معتبرةً أن "استمرار دعم اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، بمثابة تأكيد على إسهام المجلس في استعادة دور المؤسسات الحقوقية اليمنية، ومنها اللجنة الوطنية المستقلة التي قطعت شوطاً جباراً في عملها رغم التحديات الكبيرة التي واجهتها، أشادت الرسالة بتحقيق اللجنة الوطنية في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان التي قامت وتقوم بدور كبير وجدي في مجال التحقيق في كافة ادعاءات الانتهاكات.
وأعربت المنظمات الحقوقية عن أملها في استجابة مجلس حقوق الإنسان إلى دعوتها والاستمرار في تقديم الدعم للجنة الوطنية لعدة أسباب تتضمن خدمة مصالح الشعب اليمني وضمان عدم ضياع حقوقه، وهو ما أثبتته تجارب عديدة ومآخذ كبيرة على عمل ونتائج تلك اللجان في مناطق مختلفة من دول العالم، كما شملت الأسباب حق الولاية للآليات الوطنية باعتبارها ملزمة بالقيام بواجباتها تجاه مواطنيها.
السعودية تدفع بقرار يناقض توصيات المفوضية الأممية
وتدفع السعودية ودول عربية أخرى من أجل تمرير مشروع قرار مغاير يتعلق بدعم تحقيق محلي تجريه الميليشيات التي تدعمها السعودية، بالرغم من تأكيد المفوضية الأممية لحقوق الإنسان، أن الرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي واعضاء "حكومته" غير مؤهلين للقيام بتلك التحقيقات وانعدام تقاريرهم لأي مستوى من الحيادية والمصداقية، وطالبت المفوضية من الأمم المتحدة الموافقة على تحقيق دولي في "الأعمال الوحشية" التي ارتكبت خلال ما وصفته بأنه "كارثة من صنع الإنسان بالكامل"، مشيرة الى أن اللجنة التي شكلتها الرئيس المستقيل للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن "تأثرت سلبا بالقيود السياسية، وانحازت بشكل ملحوظ وقدرتها المحدودة على الوصول للأماكن منعها من تنفيذ تفويضها بشكل كامل"، مؤكدة أن الحرب السعودية على الشعب اليمني قتلت الآلاف والآلاف من الناس ودمّرت البنية التحتية والاقتصادية للبلاد وتسبّبت في أسوأ تفشٍّ للكوليرا وخلقت أسوأ كارثة إنسانية في العالم، لأنّ السعودية استطاعت الافلات من العقاب.
وكانت المنظمة الأممية قد أدرجت، قبل عام، التحالف السعودي الذي يشن عدوانا على الشعب اليمني في اللائحة السوداء للدول والجماعات المسلحة التي تنتهك حقوق الأطفال في النزاعات والحروب، قبل ان تستطيع الرياض بأموالها شراء الموقف الدولي على حساب أطفال اليمن.