الوقت- يشكّل إكتشاف الفضاء وإثبات وجود حياة خارج الأرض تحدّياً كبيراً أمام علماء عصرنا، لما في ذلك من تأثير لمفاهيم علمية وعقائدية دينية وفلسفية كثيرة، وطبعاً لما يشكّله هذا من أمل لكثيرين بإمكانية السفر والعيش خارج هذا الكوكب في حال كان له نهاية يوماً ما، فضلاً عن المنافع الإقتصادية والمعرفية الأخرى.
وفي هذا الإطار تم التوصل إلى إكتشاف مهم بإيجاد غبار كوني متحجّر في إحدى المناطق في جنوب شرق إنجلترا، الأمر الذي إعتبره العلماء مصدراً جديداً ومهماً في فهمنا لطبيعة النظام الشمسي الذي يحيط بكوكبنا.
وتم هذا الإكتشاف في بلدة دوفر التي تحتوي على الكثير من المنحدرات البيضاء، والتي تحاذي الساحل الجنوب شرقي لإنجلترا، وعرفت هذه المنحدرات منذ مدة على أنها مخزن وموقع إكتشاف للمخلوقات المتحجرة. لذا تعتبر أساساً يرتكز عليه العلماء لفهم التطور الذي مرّ به كوكب الأرض خلال ملايين السنين. ويعتبر الإكتشاف الأخير ركيزة أساسية لفهم هذه التغييرات بحسب وصف العلماء.
ومن الإستخدامات الهامّة لهذا الغبار الكوني هي مساعدته العلماء في تتبع الكواكب التي يتوفر فيها الماء، وهو الهدف الأساسي لعلماء الفضاء. إذ يساعدهم هذا الأمر على توفير محطة للرحلات الإستكشافية الفضائية والتوسع في البحث الفضائي.
وتذكر التقارير العلمية أنه يسقط سنوياً ما يقارب الـ 30 ألف طن من الغبار الكوني على كوكبنا، ولكن المشكلة تقع في صعوبة تحديد موقع سقوط هكذا غبار لإتساع مساحة الكرة الأرضية وصغر حجمه. ولكن العلماء اليوم باتوا قادرين على تحديد بعض الأماكن التي يتواتر فيها سقوط مثل هذه الغبار. وكذلك يقول الباحثون أن لديهم القدرة على تمييز الغبار الكوني المتحجر في شجرة تشبه شجرة عيد الميلاد، من خلال محتواه الكريستالي المميز.
وعن هذا الإكتشاف قال فريق البحث الخاص بكلية إمبريال في لندن أن له أهمية كبيرة في مساعدتهم بشكل كبير على فهم أفضل للمراحل والأحداث التي مرّت على كوكب الأرض خلال ملايين السنين الماضية.
وفي الإطار نفسه صرّح "مارتن سوتل" المؤلف الرئيسي لهذه الدراسة قائلاً: "المنحدرات البيضاء البارزة في دوفر هي مصدر هام للمخلوقات المتحجرة التي تساعدنا على تحديد التغيرات والاضطرابات التي شهدها الكوكب منذ ملايين السنين".
وأضاف: "الأمر مثير للغاية لأننا اكتشفنا الآن أن الغبار الكوني المتحجر مدفون إلى جانب المخلوقات الأخرى، وهو ما قد يوفر لنا معلومات حول ما كان يحدث في نظامنا الشمسي في ذلك الوقت".
هذا وفي دراسة أخرى عن الموضوع نفسه لفريق البحث نفسه تم إكتشاف طريقة لتحديد ما إذا كان الغبار الكوني غنياً بالطين. وفي حال كان الأمر كذلك، فيمكن أن يكون بمثابة "عصا التنقيب عن المياه الجوفية" للعثور على الكواكب الغنية بالماء في نظامنا الشمسي، بإعتبار أن الطين يتشكل حيث يوجد الماء.
كما كشف "مات جينغ" أحد كبار العلماء المشاركين في هذه الدراسة عن أن: "أهمية دراستنا تكمن في أن جزيئات الغبار الكوني التي تهبط على الأرض يمكن أن تستخدم في نهاية المطاف لتتبع أين يمكن أن تكون هذه الكويكبات الغنية بالماء، وتوفير أداة قيمة لرسم خرائط لهذه الموارد."
والجدير بالذكر أن معدن الغبار الكوني يتحول إلى زجاج وبلورات عند مروره بالحرارة العالية للغلاف الجوي الذي يحيط بالكرة الأرضية، الأمر الذي يفسر الشكل الكريستالي الذي يتحوّل إليه الغبار الكوني حين وصوله لسطح الأرض.