الوقت - نشر موقع "ناشيونال إنترست" الأمريكي، تحليلا للأزمة القطرية، حيث وصف فيه الجمهورية الاسلامية الايرانية المنتصر الأكبر والمملكة العربية السعودية الخاسر اللأكبر في هذه الأزمة.
وذكر التحليل أن إيران قد انتصرت في مرحلة أخرى من الحرب الباردة مع المملكة العربية السعودية، التي تظللها الآن النظرة السياسية للشرق الأوسط.
وقد حدث ذلك بطبيعة الحال بسبب غباء المملكة العربية السعودية وخطأها، عندما دفعت حكومة الرياض قطر صوب إنعزال دبلوماسي، ظناً منها ان مسؤولي قطر سيعودون الى أحضان أخيهم الأكبر مهما حصل. وكان الظن السعودي هذا قائما على ان "قطر الصغيرة" لن تكون قادرة على مقاومة العقوبات السعودية الاقتصادية والجوية، نظراً لإعتمادها على جارتها الكبار والعرب في التجارة والحركة الجوية والواردات الغذائية وغيرها من السلع. لكن ما حدث كان عكس ظن السعوديين تماما.
ورفضت قطر بشدة مطالبات المملكة السعودية، مطالبات تشمل إغلاق قناة الجزيرة الفضائية، وفي رأس المطاليب هو قطع كامل العلاقات مع إيران، التي هي شريكة قطر في ملكية أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم (بارس الجنوبي).
إن فشل المقاطعة القطرية يرجع إلى سببين رئيسيين: أولا، تمكنت قطر من مقاومة العزلة الدبلوماسية التي فرضتها الرياض عليها، اعتمادا على دولتين في المنطقة، أول بلد هي إيران، والدولة الثانية المُفاجئة هي تركيا التي كانت لها علاقات طيبة مع السعوديين. وبعد مقاطعة قطر، دخلت تركيا في العمل بسرعة لكسر العقوبات وإخراج قطر من العزلة.
ثانيا، لقد قللت المملكة العربية السعودية من قيمة قطر في سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ان اكبر قاعدة جوية اميركية في المنطقة، تقع في قطر، وتُعتبر قاعدة "العديدة" الجوية في قطر، عنصرا رئيسيا في العمليات الجوية في افغانستان وسوريا من وجهة نظر البنتاغون.
وعلى العكس من تصريحات دونالد ترامب المناهضة لقطر، الذي تحدث عن قطر دون ان ينظر الى القيمة الاستراتيجية لدولة قطر للولايات المتحدة الأمريكية، كانت ردة فعل وزارة الخارجية الأمريكية على الشؤون العامة والخاصة مختلفة جدا. أدركت الرياض بعد ردة فعل امريكا، أن أي تهديد عسكري ضد قطر سيواجه معارضة واشنطن، وقد يضر بالأهداف الاستراتيجية للتعاون الاستراتيجي بين واشنطن والرياض في المنطقة الخليجية.
وبالنظر إلى هذين العاملين المهمين، تمكنت قطر من مقاومة الهجوم السياسي السعودي عليها. وفي 23 أغسطس / آب الماضي، أعلنت الحكومة القطرية عن توسيع علاقاتها الثنائية مع جمهورية إيران الإسلامية في جميع المجالات، وعقب محادثة هاتفية بين وزراء خارجية قطر وإيران، عاد سفير الدوحة إلى طهران. ويعد هذا انتصارا ملحوظا لإيران وتقدما كبيرا في جهودها الرامية إلى تطبيع العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي.
ومن المرجح أن يكون لتطبيع العلاقات بين إيران وقطر معطيات كبيرة في حل الأزمة السورية. كانت إيران وقطر يقفان في اتجاه معاكس حول الأزمة السورية، لكن بعد هذه التطورات، يُحتمل من قطر اذا لم تقطع دعمها عن المجموعات المعارضة لبشار الأسد، فإنها بالتأكيد سوف تُقلل من حجم الدعم.
ما يهم السياسة الخارجية الإيرانية ايضا، هو أن يكون تطور علاقاتها مع قطر يتزامن مع تحسن علاقة سوريا مع تركيا. كما قرّبت العقوبات السعودية ضد قطر، موقف ايران وتركيا من بعضهما.
في أعقاب الخلافات السياسية بين تركيا مع إيران حول الأزمة السورية، وقفت تركيا جنبا إلى جنب مع إيران واتخذت موقف مشترك مع طهران في دعم حكومة الدوحة ضد الرياض.
تتعاون طهران وأنقرة حاليا مع بعضهما البعض حول الأزمة السورية، ويبدو أن التراجع في المواقف السابقة بين البلدين يشهد تنازل من قبل الجانب التركي أكثر. وقد قبلت تركيا الآن الواقع السياسي لبشار الأسد في سوريا. وقال رئيس الوزراء التركي في 20 آب / أغسطس السابق: "ان تركيا تريد حل الأزمة السورية بمشاركة جميع الأطراف، بما في ذلك بشار الأسد".