الوقت- لا ينكر أحدٌ أن ما يجري في معركة الجرود من تعاونٍ وتنسيقٍ بين الجيش اللبناني وحزب الله، هو من الأمور التي تستحق الوقوف عندها. فالأسباب كثيرة، تبدأ من اعتبار ذلك أولى تجارب الدفاع المشترك عن لبنان، وصولاً لما يعنيه ذلك في الإستراتيجية الدفاعية عن لبنان. في حين أشارت كل مجريات العملية العسكرية نجاح التنسيق وبروز التعاون. الأمر الذي له الكثير من الدلالات. فماذا في التزامن في إعلان العملية العسكرية؟ وكيف يحتضن لبنان خطوة الجيش؟ وما هي علامات التنسيق بين الجيشين السوري واللبناني وحزب الله؟
التزامن في اعلان العملية العسكرية
أطلق الجيش اللبناني منذ يوم السبت ساعات صباحاً عملية عسكرية واسعة للقضاء على تنظيم "داعش" الإرهابي في جرود لبنان الشرقية. وهو ما تزامن مع إطلاق الجيش السوري وحزب الله عملية مماثلة. حيث أعلن قائد الجيش "جوزيف عون" إطلاق العملية "باسم لبنان والعسكريين المختطفين ودماء الشهداء الأبرار وباسم أبطال الجيش اللبناني العظيم". فيما يتم تنسيق التعاون بين رئاسة الجمهورية ووزارة الدفاع لمتابعة تفاصيل العملية.
لبنان الرسمي يحتضن خطوة الجيش اللبناني!
على الصعيد الرسمي، أجرى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إتصالا بقائد الجبهة في جرود رأس بعلبك والقاع وحيا العسكريين على جهودهم متوجها إليهم بالقول:"ناطرين الإنتصار". من جهته تمنى رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط في تصريح على وسائل التواصل الاجتماعي، للجيش اللبناني كل النجاح في عملية تحرير الجرود من الارهابيين من أجل سلامة لبنان ونظامه الديمقراطي. من جانبه، توجه عضو كتلة القوات اللبنانية النائب فادي كرم إلى الجيش اللبناني في تصريح له عبر مواقع التواصل الإجتماعي قائلا: "الله يحميكم يا ابطال الجيش اللبناني، تخوضون معركة كل لبنان وكل اللبنانيين، عقولنا معكم وقلوبنا معكم". بدوره علّق أمين سر تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ابراهيم كنعان على اطلاق معركة الجيش عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قائلاً: "مع فجر الجرود عم بطلّ فجر السيادة، كلنا الجيش اللبناني، وناطرين الانتصار".
علامات التنسيق بين الجيشين السوري واللبناني والمقاومة
عدة مسائل يمكن الإشارة لها تدل على حجم التنسيق وأثره، وهو ما يمكن إظهاره من خلال التالي:
أولاً: إن انطلاق العمليات في توقيت واحد، يؤكّد وجود تنسيق عسكري وفق الحدّ الأدنى الذي تتطلبه المعركة بين الجيشين السوري واللبناني، وهو ما تتطلبه إجراءات الحفاظ على العسكريين من الجانبين، وضمان حسن سير العمليات القتالية ومنع حصول أي خروقات على جانبي الحدود.
ثانياً: إن شروع العملية بعد تحرير جرود عرسال من تنظيم جبهة النصرة الإرهابي، يدل على وجود تنسيق بين حزب الله والجيش اللبناني، الأمر الذي تحتاج له الإجراءات الميدانية العسكرية واللوجستية.
ثالثاً: إن أولى الخطوات التي قصمت ظهر تنظيم داعش الإرهابي تمثلت بقيام الجيش السوري والمقاومة، بتعطيل غرفة الإتصالات المركزية لداعش في الجرود وهو ما جعل التنظيم يعاني نقصاً في الإتصال والتنسيق،وهو ما انعكس سلباً على قدرته في ربط المحاور.
على ماذا يعتمد داعش في العملية؟
يعتمد التنظيم على المراوغة في القتال من خلال التركيز على عمليات القنص والتفخيخ. حيث تعتبر المنطقة صعبة جغرافياً حيث تصل مساحتها إلى نحو 300 كلم مربّع، ومن الصعوبة السيطرة عليها في وجه هجوم من قوات متعدّدة ومن عدة محاور. يعتمد التنظيم في القتال على القتال الفردي بحسث لا يزيد عدد المجموعة عن شخصين، يستخدمون عدة أنواع من الأسلحة بهدف الإيهام بوجود غزارة نيران.
الدلالات والتحليل
عدة دلالات يمكن الوصول اليها نشير لها في التالي:
أولاً: أثبت التنسيق الحاصل إمكانية استفادة الجيش والمقاومة من قدراتهم المشتركة، لتبية حاجات لبنان الدفاعية.
ثانياً: أثبت تعاطي المقاومة الخلفية الوطنية لحركتها، وعملها لما يصب في مصلحة لبنان، ورغبتها في إشراك الجيش اللبناني في الدفاع وصدقها في تطوير قدراته العسكرية.
ثالثاً: يمكن اعتبار ما حصل نقطة قوة إضافية للبنان في صراعه مع الكيان الإسرائيلي، حيث يصب ذلك في مصلحة لبنان الدفاعية.
إذاَ، أثبتت مجريات الأحداث في عملية الجرود، أن إمكانية الوصول الى استراتيجية دفاعية تضم الجيش والمقاومة، هو من الأمور التي تقع ضمن اهتمامات قيادة الجيش والمقاومة. حيث أن العمل العسكري المشترك جاء ليوجد حالة من التكامل بين الطرفين. ومع انتظار الإنتهاء من العملية، فإن الواقع الحالي الذي أفرزه هذا التنسيق، لا بد أن يُثمر في وجه التحديات التي قد تعصف بلبنان، ومن منطلق القوة.