الوقت- على الرغم من المساعي الحثيثة التي تقوم بها فصائل المقاومة لتعزيز المصالحة الوطنية وانهاء الإنقسام، يبدو أن البعض لا يرغب بتحقيق ذلك. خصوصاً في ظل وجود مسعىً أمريكي وإسرائيلي للترويج لحالة من انهيار الأوضاع في الداخل الفلسطيني. الأمر الذي يطرح العديد من الأسئلة حول المستفيد من هكذا توجه، خصوصاً أنه يصب في صالح الكيان الإسرائيلي. فماذا في محاولات تعزيز الإنقسام؟ ولماذا يحتاج الوضع الفلسطيني لإيلاء المصالح الوطنية الأولوية؟ وكيف تقود حركة حماس مساعي المصالحة؟
محاولات تعزيز الإنقسام: بين المساعي الغربية والتواطؤ الداخلي
تسعى أمريكا بالتعاون مع السلطات الإسرائيلية والبعض في الداخل الفلسطيني لتعزيز الإنقسام عبر السياسات التالية:
أولاً: تضييق الخناق على الفلسطينيين داخل القدس والضفة الغربية وقطاع غزّة، والمساهمة في حماية المشاريع الإسرائيلية عبر سن قوانين تؤدّي إلى شرعنة التوغّل الإستيطاني وجرف الأراضي، وهدم الممتلكات، والإعتداء على المقدّسات الدينية.
ثانياً: تفعيل الشراكة الأمريكية الإسرائيلية، حيث يتناغم الموقف الإسرائيلي مع موقف الإدارة الأميركية الحالية، والتي تبدو بوضوح أكثر انحيازاً لصالح الكيان الإسرائيلي، حيث تمارس ضغوطات سياسية وتُعيق تنفيذ القرارات الدولية ضد تل أبيب.
ثالثاً: السعي لإظهار الإنقسام بدلاً من إنهائه، والعمل على تأجيل انعقاد المجلس الوطني إلى ما بعد عودة الرئيس عباس من الأمم المتحدة في محاولة لإظهار التشتت الفلسطيني الداخلي خدمة للمصالح الإسرائيلية
الواقع الفلسطيني والحاجة للنظر الى الأولويات الوطنية
عدة مسائل يجب الوقوف عندها، تتعلق بالواقع الفلسطيني الحالي، والحاجة لإيلائه الأولوية في القرار الفلسطيني لا سيما الواقع المتعلق بقطاع غزة:
أولاً: إن الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ أكثر من 10 أعوام على قطاع غزة، بالإضافة لممارسات السلطة الفلسطينية الأخيرة، جعلت الأوضاع في القطاع لا سيما الإقتصادية، تتجه نحو الإنهيار.
ثانياً: تمارس السلطة الفلسطينية سياسة ندية في التعاطي مع قطاع غزة في محاولة للضغط على حركة المقاومة حماس، وهو ما ينعكس على الشعب الفلسطيني. حيث نفذت الحكومة الفلسطينية، اقتطاعات من رواتب الموظفين في غزة، وأحالت الآلاف منهم إلى التقاعد بالإضافة الى تخفيض امدادات الكهرباء.
ثالثاً: تشير مصادر الغرفة التجارية في غزة الى أن معدلات البطالة تجاوزت 41%، فيما وصلت نسبة الفقر إلى أكثر من 65%، والأسواق التجارية دخلت في حالة من الركود غير المسبوق.
حركة حماس ومساعيها للمصالحة
تمارس حركة حماس سياسة مد اليد، وهو الأمر الذي يتماشى مع خيارات ومصلحة الشعب الفلسطيني حيث:
أولاً: تعتبر الحركة أن النهوض بالمشروع الوطني عبر تعزيز معيشة الإنسان الفلسطيني، هو أهم أولوياتها التي تسعى لترسيخها عبر إنهاء حصار قطاع غزة. حيث أن هذه السياسات التي تُمارس بضغط خارجي وداخلي ضد القطاع تهدف لدفع الشعب الفلسطيني للإنقلاب على خيار المقاومة.
ثانياً: تُصر حركة حماس وبالرغم من كافة محاولات الفتنة الداخلية، على إبقاء بوصلة السلاح بوجه الكيان الإسرائيلي بعيداً عن الإنقسام الداخلي، ومنعاً لأي تقاتل فلسطيني فلسطيني.
ثالثاً: تؤكد قيادات الحركة أن أي قرار يتعلق بالكل الفلسطيني، لن يتم اتخاذه دون التفاهم عليه أو التوافق الوطني، من قِبَل جميع فصائل العمل الوطني والإسلامي.
رابعاً: يبدو واضحاً أن السلطة الفلسطينية وتحديداً الرئيس يتحملون مسؤولية التوافق الفلسطيني وإنهاء حالة الانقسام حيث يمتلك الرئيس كافة مفاتيح المصالحة. وهو ما يمكن أن تكون لقاءات بيروت أحد مداميكه والتي تم الإتفاق خلالها على جمع كل الفصائل الفلسطينية تحت سقف المجلس الوطني.
إذاً، على الرغم من مساعي القيادة الفلسطينية لإجراء اتصالات مكثّفة مع الدول، من أجل التقدّم بطلب إلى رفع مكانة فلسطين إلى عضو كامل العضوية في الأمم المتحدة بدلاً من عضو مراقب، فإن ممارسات السلطة الفلسطينية، تقع في خانة الضغط على الشعب الفلسطيني الذي يقبع تحت الإحتلال الإسرائيلي. وهو الأمر الذي يجري عبر تأجيج الخلاف مع الأفرقاء في حركات المقاومة، وحصار قطاع غزة. الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات حول الأهداف والنوايا. في حين، يدفع الشعب الفلسطيني الثمن.